دولة الرئيس إنك تهتم بأمور كثيرة والمطلوب الدستور
أين بري من الدستور، بصفته رئيساً للبرلمان منذ أكثر من 3 عقود ومن دون انقطاع؟ أين هو من مواد الدستور الخاصة بالانتخابات الرئاسية؟ وأين كلمة “الحوار” في كل نص الدستور التي لم ترد فيه على الإطلاق؟
كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:
على مسافة أيام فقط (بين 31 آب الماضي و3 أيلول الحالي) كانت هناك مناسبتان سنويّتان هما الأهم لدى فريقين لبنانيين بارزين هما حركة “أمل” وحزب “القوات اللبنانية”. فحركة “أمل” أحيت ذكرى مرور 45 عاماً على تغييب مؤسسها الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا أبان حكم العقيد معمر القذافي. أما “القوات اللبنانية” فأقامت الذبيحة الإلهية على راحة أنفس شهداء المقاومة اللبنانية.
ولا مجال لمناقشة أهمية ذكرى الإمام الصدر عند رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي هو في الوقت نفسه رئيس “أمل” منذ عقود. والأمر نفسه ينطبق على الدكتور سمير جعجع، الذي يشغل أيضاً ومنذ عقود رئاسة “القوات اللبنانية” التي أسسها الرئيس الراحل بشير الجميل.
حلت المناسبتان هذه السنة في توقيت محدد، ألا وهو شغور موقع رئاسة الجمهورية منذ نهاية تشرين الأول الماضي. أي أنّ الذكرى السنوية لهذا الشغور، إذا لم يتم انتخاب رئيس جديد، ستحلّ بعد قرابة الشهرين.
في كلمته في مهرجان الإمام الصدر قال بري في الاستحقاق الرئاسي: “للمرة الأخيرة أقول تعالوا في شهر أيلول لحوار في المجلس النيابي لرؤساء وممثلي الكتل النيابية لمدة حدّها الأقصى سبعة أيام وبعدها نذهب لجلسات مفتوحة ومتتالية، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا ونحتفل بانتخاب رئيس للجمهورية”.
أما جعجع وفي القداس السنوي لشهداء المقاومة اللبنانية، ردّ على دعوة بري للحوار قائلاً: “لا يستفيقون على الحوار إلا في الانتخابات الرئاسية. انتخبوا رئيس المجلس بـ 65 صوتاً ومشي الحال. فلماذا لا يمشي الحال في انتخاب رئيس الجمهورية”؟
وهكذا بدا رئيس “أمل” ورئيس “القوات” خطان متوازيان لا يلتقيان. فهل نتلو فاتحة القرآن وأبانا الإنجيل عن روح انتخابات رئاسة الجمهورية؟
من الواضح أن انسداد الأفق أمام إنجاز هذه الانتخابات ماثل بشكل واضح، حتى في الوقت الذي كان رئيس البرلمان يطرح مبادرته الرئاسية الجديدة. فقد سارعت قوى كثيرة متشككة في المبادرة إلى التساؤل عن مغزى وضع الحوار قبل الجلسات المفتوحة، فبدا وكأن بري يضع العربة قبل الحصان. وفي أي حال قيل الكثير وسيقال الأكثر من الآن حتى وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان مجدداً في غضون أسبوع تقريباً. وسيتضح عندئذٍ لماذا استبق بري عودة لودريان والذي من المفترض أن يكون في جعبته السهم الأبرز نيابة عن اللجنة الخماسية في شأن الانتخابات الرئاسية.
لم يعلن رئيس “أمل” في ذكرى مؤسس الحركة أنه شخصياً مستعد للذهاب إلى الجلسات المفتوحة بعد أسبوع الحوار المقترح من دون خلفية تحول دون مجيء رئيس للجمهورية لا يكون مطابقاً لما يريده أو يريده حليفه “حزب الله”. كما لم يعلن وبوضوح أنّ الفصل النهائي في الاستحقاق الرئاسي هو الدستور.
من يراجع كلمة بري يوم الخميس الماضي في ذكرى الصدر يلاحظ أنه لم يأتِ على ذكر الدستور إطلاقا. ومن يعود إلى الوراء وفي كل المناسبات، يرى أنّ رئيس البرلمان لم يشر منذ بدء أزمة الانتخابات الرئاسية قبل عشرة أشهر إلى الدستور تلميحاً أو تصريحاً. ومثل بري، لم يسجل مرة واحدة للأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصرالله أنه ذكر الدستور.
ماذا يقول الدستور في الانتخابات الرئاسية؟
في مواده المتتالية 73 و74 و75:
– قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس بناءً على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد وإذا لم يدعُ المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس.
-إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس أو استقالته أو سبب آخر فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون وإذا اتفق حصول خلاء الرئاسة حال وجود مجلس النواب منحلاً، تدعى الهيئات الانتخابية دون إبطاء ويجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من الأعمال الانتخابية·
-إن المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أو أي عمل آخر·
أين بري من الدستور، بصفته رئيساً للبرلمان منذ أكثر من 3 عقود ومن دون انقطاع؟ أين هو من مواد الدستور الخاصة بالانتخابات الرئاسية؟ وأين كلمة “الحوار” في كل نص الدستور التي لم ترد فيه على الإطلاق؟
قبل أن يصعد أمس ممثله المطران عنداري إلى معراب لترؤس القداس السنوي لشهداء المقاومة اللبنانية، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد كلاماً في الحوار. لكنه قال أيضاً أنه يقاضي “اعتماد الدستور واعتباره الطريق الوحيد الواجب سلوكه”.
وحبذا لو مرّر البطريرك الراعي إنجيل لوقا وقول السيد المسيح لمرتا: “مَرْتا، مَرْتا، إِنَّكِ تَهْتَمِّينَ بِأُمُورٍ كَثِيرَة، وَتَضْطَرِبِين! إِنَّمَا ٱلمَطْلُوبُ وَاحِد! فَمَرْيَمُ ٱخْتَارَتِ ٱلنَّصِيبَ ٱلأَفْضَل، وَلَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا”.
ألا يجدر بالرئيس بري أن يهتم بالدستور وتطبيقه فقط؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |