فرنسا: لا فيتو على أيّ شخصية… والإصلاحات أولاً!
في ظلّ التعقيدات الرئاسية، والخلافات الداخلية بين الأطراف السياسية، يزداد الكلام عن عتب مسيحيّ على دور فرنسا في الملف الرئاسي
كتبت ريتا صالح لـ “هنا لبنان”:
بين لبنان والأمّ الحنون تاريخ طويل، فمنذ عهود طويلة والإليزيه متمسكة بهذه العلاقة العابرة للحدود مع لبنان وغالبية الأطراف اللبنانية، إلاّ أن سوء الوضع اللبناني في السنوات الأربعة الأخيرة، أصاب العلاقة بين بعض الأطراف اللبنانية والفرنسية بالخلل.
فمنذ بداية عهد الرئيس السابق ميشال عون وبعد انقضائه ولبنان يتخبطّ بالأزمات، وها هو اليوم مقبل على إطفاء شمعة الفراغ الرئاسي الأولى والوضع من سيئ إلى أسوأ على جميع الأصعدة، وكلّ الكلام عن الإصلاحات والاتّفاقات الداخلية لا يزال حبراً على ورق، والأيادي الداخلية ممدودة تستجدي الخارج، وكأنّ دول الخارج “ما عندها إلا لبنان”…
وفي ظلّ التعقيدات الرئاسية، والخلافات الداخلية بين الأطراف السياسية، يزداد الكلام عن عتب مسيحيّ على دور فرنسا في الملف الرئاسي. فمن هذا المنطلق، يؤكد الباحث في القانون والحوكمة الاستراتيجية الدكتور محيي الدين الشحيمي لـ “هنا لبنان” أنّ العتب المسيحي على فرنسا ليس جديداً، فالتعامل بين الدولتين يتمّ من منطق الدولة والمؤسسات والسياسة الواقعية، والأفرقاء المسيحيون يعتبون على فرنسا إذ يشعرون بأنّهم خسروا سلطة القرار؛ موضحاً أنّ فرنسا ليس لها علاقة في حال توافق المسيحيون أو تشتّتت قراراتهم، فالفرنسيون يحاولون تفهّم الوضع اللبناني ويسعون لدعم لبنان بشكل عام ومن منطق الدولة والمؤسسات ولمحافظة لبنان على صيغته وعلى استقلاله، وأن يبقى قائماً على جناحيه المسلم والمسيحي.
ولفت الشحيمي أنّ الحفاظ على الدولة وصيغتها خدمة كبيرة للبنانيين بشكل عام وللمسيحيين بشكل خاص.
أمّا إقتصادياً، فشدّد الشحيمي على أنّه إذا لم تتمّ حلحلة موضوع الرئاسة وإنتخاب رئيس للجمهورية، ورؤية مسلكية العهد الجديد بإعتماد الإصلاحات وإتباع عمل جديد ونفس جديد لن نرى أيّ مساعدة للبنان على الصعيدين المالي والاقتصادي. وأوضح أنّ المبادرة الفرنسية لا تزال مستمرة، إلى حين الوصول إلى الهدف الأساسي، وهو إنتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، ومساعدة لبنان للتعافي من المحنة الاقتصادية التي يمر بها. وتابع أن المسعى الفرنسي هو مسعى متغيّر، أي أن الفرنسي يتعامل ضمن مساعٍ مختلفة.
أمّا رئاسياً، لفت الشحيمي إلى أنّ مرحلة تسمية فرنسا للوزير السابق سليمان فرنجية قد إنتهت، وأنّ المسعى الفرنسي الجديد متطابق ومتناغم مع إجماع دول الخماسية أي مع لقاء الدوحة الأخير ومع البيان الثلاثي الذي وقّعت عليه فرنسا إلى جانب المملكة العربية السعودية وأمريكا. وأشار في حديثه إلى أنّ فرنسا حالياً وخصوصاً بعد خطاب الرئيس إيمانويل ماكرون الأخير أمام السلك الديبلوماسي عندما وجّها أصابع الاتهام للإيراني، وبعد الأحداث في أفريقيا، كل هذه الأحداث كشفت بأن رؤية فرنسا للحل اللبناني متناغمة ومتطابقة مع الرؤية السعودية. وأكّد أنّ فرنسا حالياً ليس لديها شخصية رئاسية، وهي مع إنتخاب رئيس غير إستفزازي، توافقي، غير إستقطابي. وكشف أن العمل الأساسي اليوم هو محاولة إيجاد خرق لجلسات متتالية لانتخاب رئيس فقط، لافتاً إلى أنه ليس هناك حوار كلاسيكي بالمعنى المتعارف عليه، مشدّداً على أنّ الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يفعّل حواراً بين اللبنانيين هو رئيس الجمهورية.
وعمّا إذا كانت فرنسا تضع فيتو على شخصية معينة لرئاسة الجمهورية، أوضح الشحيمي أن فرنسا أحرجت نفسها عندما سمّت فرنجية، ودخلت في خلافات أبطأت مسار إيجاد حلول للأزمة اللبنانية وخصوصاً بعد اللقاء الذي جمع مجموعة خلية الأزمة في باريس، ولذلك فرنسا حالياً لن تسمّي أحداً للرئاسة وليس لديها فيتو على أحد، بل تؤيّد أيّ توافق مع أي شخصية لبنانية شرط أن تكون ضمن مواصفات اللقاء الخماسي بالتحديد. وأمل الشحيمي أن يتم إنتخاب رئيس للجمهورية خلال شهر أيلول، مضيفاً أن هناك بوادر إيجابية بأنّ لبنان لا يزال أولوية لدى الدول رغم كل الأزمات الكبيرة التي يشهدها العالم، وإنّما الخطوات نحو إنهاء الشغور الرئاسي بطيئة نسبياً.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الصحة الإنجابية في خطرٍ كبير… لبنان كالصين: ولد واحد لكل عائلة! | القطاع التعليمي في لبنان عالق بين “الردّين” و”المفاوضات” | أحداث الجنوب تربك اللبنانيين.. إلغاء رحلات ورفع للأسعار! |