اللويا جيرغا اللبنانية تتشاور، تتحاور، تتوافق… وتكذب
كاذبة ووقحة هي اللويا جيرغا اللبنانية، تغلّف كذبها بتلفيقة انتخابات كاذبة لتضفي بها على تخلّفها لمسة ديمقراطية على أمل أن تقرّبها من مفهوم العالم المتمدن
كتب محمد سلام لـ “هنا لبنان”:
لو سألنا الرئيس الفرنسي ماكرون وممثله الشخصي إلى لبنان لودريان: هل تتشاورون وتتحاورون وتتوافقون في فرنسا لاختيار رئيس ثم تكرسونه بانتخاب شكلي، لجاء الجواب: قطعاً كلا.
وهل يتشاورون ويتحاورون ويتوافقون في أميركا لاختيار رئيس ثم يكرسونه بمسرحية انتخاب؟
وهل يتشاورون ويتحاورون ويتوافقون في نظام ديكتاتوري كالنظام الروسي لاختيار رئيس لجاء الجواب أيضاً: قطعاً كلا.
كذلك في ديكتاتورية بشار الأسد، كما في ديكتاتورية نظام فقيه فارس. الجواب هو كلا مجلجلة.
“النعم الأولى” للإجابة عن السؤال تأتي من اجتماع العشائر الأفغانية المعروفة باسم “اللويا جيرغا” والتي أعلنت في 13 تموز العام 2002 عن تعيين حامد كرزاي رئيساً للحكومة الإنتقالية بأفغانستان. مع الملاحظة أنه تم إعلان “التعيين” بوضوح وصدق، ومن دون مسرحية انتخابات كاذبة.
صادقة هي العشائر الأفغانية، وتُحترم لصدقها.
“النعم الثانية والنهائية” ستأتي من “اللوياجيرغا اللبنانية” التي أعلنت عن تعيين وتمديد عدد لا يحصى من اللويا جيرغيين لإدارة ما يسميه الفنان العبقري زياد الرحباني “قرطة عالم مجموعين” ويضاف إليها من عندياتنا مفردة “مشلوحين” على رقعة أرض مساحتها 10،452 كلم مربع خلال حقبتين مذلّتين من حكم الإحتلالين الأسدي والفارسي أخرجا لبنان من الإنتماء إلى العالم المتمدن وألقيا به في مجاهل التخلّف وعالم العصابات.
كاذبة ووقحة هي اللويا جيرغا اللبنانية، تغلّف كذبها بتلفيقة انتخابات كاذبة لتضفي بها على تخلّفها لمسة ديمقراطية على أمل أن تقرّبها من مفهوم العالم المتمدن.
اللوياجيرغا اللبنانية دمجت تخلفها الحواري مع سطوة “عرّابي” المافيا الذين يجتمعون، يتحاورون، يتوافقون على توزيع الحصص والإختصاصات والمنافع والعائدات غير القانونية، ثم يتفقون على “عراب أكبر” يشرف على تطبيق ما تحاصصوه ويحكم بينهم. وعندما يقع خلاف خارج إطار أيّ حل، “يقتلون” الخارجين على مبدأ التوافق على الحصص، ثم يكرّرون مشهد الحوار والتفاهم والتوافق والاتّفاق على “عراب أكبر” يكون عادة هو “القاتل الأكبر” الذي نجا من صراع الإبادة بقتل صغار العرابين.
اللوياجيرغا اللبنانية وقحة في كذبها، فجأة أصابتها “كريزة سيادة” ضجّ بها مجلس الأمن الدولي لمطالبتها بتجريد اليونيفل من حقها في تحريك دورياتها من دون تنسيق مع من يفترض أنها صاحبة السيادة!
وفجأة تبلع اللويا جيرغا اللبنانية لسانها السيادي، وتنسى عشقها المزعوم لسيادتها على قرطة العالم المجموعين المشلوحين على رقعتها المزعومة وتدير وجهها لإعلان وزير الدفاع الإسرائيلي وخرائطه عن وجود مطار إيراني لزوم تنفيذ عمليات إرهابية قرب بركة جبور في قضاء جزين بجنوب لبنان على بعد 20 كلم “شمالي” حدود فلسطين المحتلة.
حسب قراءات الخبراء العسكريين المطار الإيراني مخصص لاستقبال المسيرة الإيرانية المسماة “مهاجر 10″ التي هي تقليد للمسيرة الأميركية MQ9 Reaper التي يمكنها الطيران 24 ساعة متواصلة على ارتفاع 7 آلاف متر، وقطر تشغيلي يبلغ ألفي كيلومتر” وتبلغ سرعتها 210 كيلومترات في الساعة، ويمكنها حمل قنابل وذخيرة تصل إلى 300 كيلوغرام.
بالرغم من كل هذه الحقائق الفاقعة خرست السيادة المزعومة في حلق اللوياجيرغا اللبنانية، ولم يفقه أحد من عرابيها حقيقة أنّ مدرج المطار المزعوم يتجه شمالاً، ما يوحي بأنه صمم لخدمة مسيرات لا تستهدف إسرائيل جنوباً بل لتطاول أهدافاً في لبنان وشمال وشرق هذا الكيان المشلوع أرضاً.
في موازاة هذه الحقائق الثابتة تثرثر قيادات اللويا جيرغا عن فرص نجاح مهمة لودريان في إقناع اللبنانيين بمبادرة الرئيس نبيه بري لإنهاء الشغور الرئاسي عبر أسبوع من الحوار والتوافق على مهام وشخص لويا جيرغاوي لبناني ثم تكريسه بمسخرة إنتخاب من ثمّ التوافق على دوره وشخصه.
إلا أنّ ما يثير الإنتباه والإهتمام هو أنّ السفير السعودي وليد البخاري حدد موعداً للنواب السنة يوم الخميس في منزله كي يسألهم لودريان عن موقفهم من مسألة الحوار والتوافق وجلسة إنتخاب رئيس التي يريدها بري “جلسات متكررة” بعد أسبوع التشاور والتحاور والتوافق، وتريدها المعارضة جلسة إنتخاب دستورية بالكامل غير خاضعة لبدعة الحوار والتوافق وتتابع جلسات الإنتخاب بل الإصرار على جلسة إنتخاب واحدة مفتوحة حتى إنتخاب رئيس.
تستبعد مصادر نيابية سنية متابعة أن يتغيب أي نائب سني عن الجلسة في منزل البخاري لأن المقاطعة ستعني أن النائب السني المقاطع يعارض الموقف العربي لمبدأ الحوار والتوافق على مرشح رئاسي لأن مثل هذا التوجه الذي إقترحه بري يهدف إلى تعيين رئيس موالٍ لحزب السلاح الفارسي ما يتناقض مع موقف السعودية تحديداً الرافض لمساعدة لبنان إذا تم إختيار رئيس آخر خلفاً للرئيس السابق ميشال عون الذي عطل حزب السلاح الفارسي مجلس النواب لأكثر من 29 شهراً حتى أمّن إنتخابه.
من شبه المؤكد أنّ النواب السنة الذين سيحضرون اللقاء في منزل البخاري لن يخرجوا عن الرأي السعودي الرافض لفكرة رئيس لبناني جديد يدور في فلك مرشد إيران ونظام الأسد.
مواضيع مماثلة للكاتب:
لا يطلب وقف النار إلا الخاسر | هديتان من سوريا في نفس اليوم | فوز ترامب أسقط مهمة هوكشتاين في لبنان |