جولة لودريان “الفاشلة”.. المعارضة غير راضية و”الحزب” يبحث عن مخرج لفرنجية!
عقد لقاء صباحاً في عين التينة بين بري والموفد الفرنسي الخاص بلبنان جان إيف لودريان، الذي غادر دون الإدلاء بأيّ تصريح.
وكان برّي قد قال في اتصال سابق مع “الشرق الأوسط” إن “الأمور ممتازة مع لودريان… ونحن على الخط نفسه”.
وشدد على أن الحوار “ليس مطلبه وحده، بل مطلب عربي ودولي لأنه السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة”، معلناً أنه سينتظر ما يحمله إليه لودريان بعد ختام جولته “ليبني على الشيء مقتضاه”.
وفي وقت سابق أكّد نواب التقوا لودريان لـ”اللواء” أنهم لمسوا جدية مختلفة عن المرات السابقة، وان معادلة جديدة قيد البلورة، فبما تتّجه الأنظار إلى التقرير الذي سيرفعه الأخير إلى اللجنة الخماسية التي ستعقد اجتماعاً تقويمياً لها الثلاثاء المقبل (19 ايلول) في نيويورك.
لقاءات لودريان – اليوم الأوّل
وكان لودريان قد التقى النائب السابق وليد جنبلاط في منزله في كليمنصو ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط . وكرر جنبلاط بعد اللقاء تأييده للحوار الذي يدعو اليه الرئيس نبيه بري ولودريان.
والتقى لودريان أيضاً رئيس كتلة ”الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد في الضاحية الجنوبية، حيث اعتبر أنّ “طرح الرئيس بري للحوار يصب في السياق نفسه ،ويكمل المساعي الفرنسية في هذا الصدد”.
من جهته، شدد رعد على “أهمية الحوار والتواصل بين اللبنانيين بإعتباره السبيل الوحيد المتاح للخروج من الوضع الحالي في الموضوع الرئاسي”.
في المقابل علم “هنا لبنان” أنّ اللقاء الذي جمع اليوم الخميس رئيس تيّار المردة سليمان فرنجيّة ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في بنشعي كان مقرّراً منذ أسبوع، وجاء اختيار التوقيت في اليوم الأخير من جولة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان.
وتشير المعلومات الى أنّ هذا اللقاء لم يكن عاديّاً، وهو لم يُعلَن عنه بشكلٍ رسمي ولا نُشرت صورة عنه، حتى كتابة هذه السطور.
ووضع مصدرٌ مطلع هذا اللقاء في إطار التشاور بين فرنجيّة وممثل حزب الله بشأن حظوظ الأول الرئاسيّة، في ظلّ تسليم لودريان بصعوبة وصوله الى قصر بعبدا، وهو ما يسلّم به الحزب أيضاً، مع بقائه حتى الآن متمسّكاً بورقة فرنجيّة على أن لا يتخلّى عنها إلا مقابل ثمنٍ كبير يُدفع من قبل فريقٍ في الخارج لا في الداخل.
ورأى المصدر أنّ عدم الإعلان رسميّاً عن اللقاء ليس أبداً بالأمر الإيجابي، بل قد يكون مؤشّراً على عدم رضا فرنجيّة على نتائجه.
كذلك التقى لودريان عدداً من النواب التغييريين في قصر الصنوبر. وقال النائب ياسين ياسين إنّ لودريان “حاول إقناعنا بحوار برّي وقلت له شخصياً إن هذا الحوار غير دستوري وهو أجابنا بأن لا حلّ إلّا به، فإمّا الحوار أو خطر وجودي على لبنان”
إلى ذلك أكّد لودريان للنواب أنّ “الحوار ستليه دورات متتالية بجلسات مفتوحة” موضحًا “أنّ لديه ضمانات” ألّا يكون هناك تطيير للنصاب حتى انتخاب رئيس للجمهورية.
والتقى لودريان ممثلي كتلة “تجدّد ” النائبان ميشال معوض وفؤاد مخزومي في قصر الصنوبر. وأعلنت الكتلة أنّ اللقاء “كان إيجابياً وبناءً” وشدّدت على “الدعوة إلى عقد جلسات ودورات مفتوحة لانتخاب الرئيس” واوضحت الكتلة أنّ “الحوار لا يعني أبداً تشريع طاولات خارجة عن المؤسسات، لطالما أسست لأعراف هجينة شكلت وتشكل انقلاباً على الدستور، وصادرت المؤسسات” وجددت التأكيد على “الموقف الموحد مع شركائها في المعارضة على الرفض المطلق المشاركة في مثل هذه الطاولات، عارضة للموفد الفرنسي أفكاراً تصلح لأن تشكل بدائل دستورية للخروج من الأزمة”.
وزار لودريان الصيفي حيث التقى رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الذي شدد على ان “المؤسسات والنظام الديمقراطي في لبنان رهينة السلاح والاستقواء وطالما هذا الواقع موجود نعتبر أنّ الاستحقاقات الديمقراطية مضروبة من أساساتها”. وأكد أن “أيّ حوار لا يتضمّن طمأنة للضحية هو عملية تكريس إنتصار الجلاد على ضحية العمل الانقلابي من قبل حزب الله” وأضاف: “لن نقبل أن يكون ثمن انتخاب رئيس للجمهوريّة هو الاستسلام لحزب الله فهذا الثّمن لن ندفعه لا اليوم ولا غداً ولا بعد مئة سنة”.
ومساء التقى لودريان في معراب رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في حضور النائبين بيار بو عاصي وجورج عقيص.
وأوضح جعجع انه سلم الى الموفد الفرنسي مذكرة من المعارضة تنص على عدم تعطيل الانتخابات الرئاسية ونرفض أي عملية إلهاء وتعطيل في ما يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية والحوار الذي يطالبون به هو لمزيد من التعطيل .وأكد” أن محور الممانعة يريد مواصلة التسلط على اللبنانيين، التي بدأها بتعطيل كل الجلسات، ونحن نقول الحقيقة كما هي “معطّلو انتخاب الرئيس محور الممانعة””.
وتابع جعجع: “باسم الحوار يعطّلون الانتخابات الرئاسية، ولو نظريتهم صحيحة لماذا ينسحبون من الجلسات؟” مضيفًا: “من يسمعهم يظن أنهم ملائكة، فلا تنتظروا منا مساعدتكم في تضييع الوقت”. وأشار إلى أن “الحوارات قائمة كل يوم، ولكن الدعوات الحالية للحوار “سمّ في الدسم””.
إلى ذلك ذكر مصدر مطلع لـ”هنا لبنان” أنّ جعجع عبّر أمام بعض المقرّبين منه عن خيبته من اللقاء الذي جمعه مع الموفد الفرنسي جان ايف لودريان.
وقال المصدر إنّ كلام جعجع بعد اللقاء تضمّن “لطشات” لفرنسا وموفدها، مفادها أنّه لم يعد يعوّل على المسعى الذي يقوم به، خصوصاً أنّه بدأ بترشيح فرنجيّة وانتهى بدعم الحوار الذي يدعو إليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
لقاءات لودريان – اليوم الثاني
ويوم أمس استكمل لودريان جولته اللبنانية الجديدة بلقاء مع البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي أكّد أنّ “انتخاب رئيس للجمهورية هو المدخل الحصري لإنتظام عمل المؤسسات الدستورية.” . كما التقى الأمين العام لحزب الطاشناق رئيس كتلة نوّاب الأرمن النائب هاغوب بقرادونيان، والنائب غسان سكاف الذي اعلن من دار الفتوى انه قدم ورقة للوزير لودريان “من أجل الحث على الدعوة لانتخاب رئيس جمهورية، ونحن كنا قد طلبنا من الرئيس بري ان يقوم بدعوة مع تاريخين: الدعوة الأولى للحوار الوطني بجولات حوارية متتالية لمدة سبعة أيام. والتاريخ الثاني هو دعوة المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية في جلسة انتخاب ودورات متتالية. اذن جلسات حوارية متتالية لسبعة أيام، ثم جلسة في دورات متتالية الى حين انتخاب رئيس جمهورية من دون إسقاط النصاب ومهما كانت نتائج الجولات الحوارية”.
بعد ذلك التقى لودريان مع عدد من النواب المستقلين في مقر السفارة الفرنسية، ليعقد لاحقاً لقاء جامع مع النواب السنة حضره مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، والسفير السعودي في بيروت وليد بخاري، في مقر الأخير شرق بيروت.
وعُقدت خلوة جمعت كلاً من السفير بخاري ولودريان ومفتي الجمهورية قبل الاجتماع الموسع مع النواب السنة. وفي بداية اللقاء كانت كلمات لكل من السفير السعودي ثم المفتي دريان ولودريان، حيث كان تأكيد من الجميع على ضرورة الإسراع بانتخاب رئيس، وتلت ذلك مداخلات من النواب الذين أكد معظمهم “ضرورة انتخاب رئيس وفق مواصفات معينة والعمل لبناء الدولة”.
وألقى المفتي دريان كلمة شكر فيها السفير بخاري على دعوته وشدد على “أهمية دور المملكة العربية السعودية الحريصة على لبنان واللبنانيين، واكد ان “النواب المسلمين من اهل السنة حريصون على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، ولم يقاطعوا أي جلسة انتخاب، ويؤكدون ويسعون الى الإسراع في انتخاب رئيس جامع”، وقال: “لا جمهورية بدون رئيس للجمهورية، ونحن والحاضرون متمسكون بالدستور وباتفاق الطائف وتطبيقه كاملا، وهم من المنادين بالعيش المشترك ويصرون على مواقفهم الثابتة في تحقيق الإصلاحات، ويقدرون عمل اللجنة الخماسية ومساعيها للخروج من هذه الأزمة، ونؤكد أهمية مضامين ومرتكزات بيان الدوحة الصادر عن اللجنة الخماسية، وان انتخاب رئيس للجمهورية ليس كل الحل بل هو المدخل لجميع الحلول، ودار الفتوى تؤكد ما ورد من مواصفات لرئيس الجمهورية الذي يجب ان ينتخب على أساسها والواردة في بيانها الصادر منذ عام تقريبا، بعد الاجتماع الذي عقد مع النواب المسلمين من اهل السنة في دار الفتوى للخروج بموقف موحد من هذا الموضوع”. وختم: “ينبغي التوافق على الحوار، ولا مانع لدينا من حوارات سريعة للتوصل الى تفاهمات”.
بدوره دعا لودريان الى “أهمية إنجاز الإصلاحات لتعافي لبنان من وضعه الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي”، ورأى ان “الشغور في مؤسسات الدولة يشل الدولة، وان انتخاب الرئيس لا يشكل حلا بل هو شرط أساسي للحل، وفرنسا والسعودية تعملان يدا بيد من اجل لبنان ونهوضه، والمساعي التي تقومان بها مع اللجنة الخماسية نأمل في ان تثمر وتحقق النجاح”.
ثم توالى على الكلام النواب الحاضرون مؤكدين “ضرورة انتخاب رئيس في القريب العاجل”، وأشادوا بـ “الجهود السعودية والفرنسية وبعمل اللجنة الخماسية”.
وكشف النائب وضاح الصادق بعد الاجتماع، ان لودريان عاد وأكّد ان جلسة 14 حزيران لم توصل اي مرشح لذلك نحن بحاجة لفتح نقاش من اجل الوصول الى مرشح آخر. من جانبه، نفى النائب عبدالعزيز الصمد الأخبار التي تحدّثت عن انسحاب تكتله والنائب كريم كبارة بعد الخطابات التي أُلقيت في السفارة السعودية، مؤكداً أنّ “الاجتماع كان قد انتهى عند مغادرتهم”. وكشف الصمد لـ”النهار”أنّ “البحث تركّز حول الحوار ومقبوليته، لكنّه لم ينتهِ إلى إجماع بحيث تمسّك كل نائب بوجهة نظره الخاصة”. وأوضح أنّ كلام المبعوث الفرنسي كان عامّاً خلال الاجتماع، وتحدّث عن أهمية انتخاب رئيس وتفادي الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي حلّ في لبنان، مؤكداً أنّه لم يتحدّث عن خيارات رئاسية أو عن أسماء مرشحة ومبادرة خاصة”.
وغاب عن الاجتماع النواب: ابراهيم منيمنة، اسامة سعد، جهاد الصمد، ينال الصلح، ملحم الحجيري وحليمة القعقور.
مواقف من جولة لودريان
أكد النائب مروان حمادة، أن “حصيلة جولة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، لم تحرز تقدّمًا يؤدّي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، ولكننا لم نعد إلى نقطة الصفر”.
ورأى حمادة في حديث إلى “صوت كل لبنان”، أنّ “ما جرى هو شبه اتفاق يقوم على التخلّي عن المرشحين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وجهاد أزعور والبدء بالبحث في مرشّح ثالث”، مشيرًا إلى أنّ “هذا ما حاول لودريان زرعه في زيارته الأخيرة إلى بيروت، وسيطرح هذا الأمر في اجتماع الخماسية في الأمم المتحدة”.
ولفت إلى أن “المرشح الثالث المطروح حكمًا هو قائد الجيش العماد جوزيف عون”، مضيفًا: “ولكن تبيّن من مواقف البعض منهم حزب الله والتيار الوطني الحر، أنّ لديهم عوائق تحول دون وصول العماد عون إلى الرئاسة، لأنه إذا خضع لشروط باسيل أو “حزب الله” فيصبح عندها لا فرق بينه وبين فرنجية”.
وقال: “بدأت أكثرية في المجلس تميل إلى الحوار بحثًا عن رئيس على شاكلة الرئيس الوسطي”.