خدعة حوار تسبق الانقضاض
لا تؤمن الممانعة بالمؤسسات، بل بفرض القرار من خارجها، وهو ما حول المجلس النيابي والحكومة إلى أشبه بالمجالس البلدية، التي تصدق على قرارات تهبط عليها من طاولات الحوار.
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
يربط رئيس مجلس النواب نبيه بري، الحوار الذي دعا إليه بجملة عوامل، الأكثر منها، فقد صفة الاستعمال كأداة ضغط، لإنجاز فكرة الحوار المفروض قسراً.
فقد بري الغطاء الفرنسي لفكرة الحوار. ففي اللقاءات التي عقدها لودريان في بيروت، كانت العبارة السحرية التي رددها، سحب ترشيح سليمان فرنجية وجهاد أزعور، وعاد لودريان إلى باريس، فيما بري ينتظر جواباً أو أجوبة لن تأتي، لأن المهمة الفرنسية قد تغيرت، ولأن المبادرة الفرنسية الأساسية، التي تلقفتها إدارة ماكرون من الممانعة، قد طويت في جولة لودريان الأخيرة، وبقي منها موقف واضح: “لم نعد نطالب بفرنجية رئيساً”.
بعد فقدان الغطاء، بالغ بري بالذهاب إلى خانة الغموض غير البناء. فماذا يعني مفهوم الجلسات المفتوحة، سوى فخ امتنع بري عن تفسيره للفرنسيين، ولغير الفرنسيين. هل يعني هذا المفهوم، جلسات بدورات متتالية، تحتم انتخاب الرئيس في آخر الجلسة، أم يعني إلهاء الفرنسيين واللبنانيين، بعبارة الجلسات المفتوحة فيما المقصود، جلسة تفقد فيها الممانعة النصاب في الدورة الثانية، فيحدد بري جلسة أخرى “مفتوحة” في اليوم الثاني؟
هذا لن يكون مدخلاً لانتخاب الرئيس، بل لاستمرار مسلسل التعطيل الذي استمر لـ 11 جلسة متتالية، وآخر جلسة في حزيران، كان إفقاد النصاب الذي مارسته الممانعة فاقعاً ، وكرس بتوقيع هذه القوى الفراغ الرئاسي، المفروض بقوة التعطيل.
ويبقى السؤال: لماذا تهيم الممانعة بالحوار، ولماذا تريد ترهيب جميع القوى السياسية ليجلسوا حول طاولة الرئيس بري؟ وما الهدف؟
لا تؤمن الممانعة بالمؤسسات، بل بفرض القرار من خارجها، وهو ما حول المجلس النيابي والحكومة إلى أشبه بالمجالس البلدية، التي تصدق على قرارات تهبط عليها من طاولات الحوار. يريد بري باسم الثنائي، أن يقول أن رئيس الجمهورية، يتم اختياره خارج مجلس النواب وليس بالتصويت، وهذا يعني أن حزب الله، يستعمل طاولة بري “لإقناع” الجميع بمرشحه الرئاسي، كل ذلك تحت طائلة استمرار الفراغ.
لا تؤمن الممانعة بالمؤسسات، وإلا لدعا رئيس المجلس إلى جلسات ودورات مفتوحة، حتى انتخاب الرئيس، دون أن يربط واجبه الدستوري، ببدعة الحوار، التي ابتدعها في العام 2006 ، للاحتواء وشراء الوقت، قبل الانقضاض وتنفيذ الانقلابات، كما حصل في اعتصام وسط بيروت، وفي 7 أيار، الذي أنتج اتفاق الدوحة.
يقترب الأول من تشرين المقبل، وهو الموعد النظري لانعقاد طاولة بري، دون أن تتوضح هوية المشاركين، لكن هوية المقاطعين باتت جلية، وستؤدي المقاطعة إلى تحويل طاولة بري، إلى صورة هزلية لا يمكن استثمارها في أي ملف من الملفات الأساسية، وفي طليعتها الاستحقاق الرئاسي.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |