أمين معلوف و”الحزب”.. خطَّان لا يلتقيان
إذا كان تصرف “الحزب” في موضوع الكاتب أمين معلوف “زلَّة” فمن الصعب إقناع الآخرين أن هناك زلة في الأداء يقع فيها “الحزب”، وإذا كان التصرف مقصودًا، فهذا يعني أنّ كل الانفتاح الذي يمارسه “الحزب” مع الآخرين ولا سيما مَن يرتبط معهم بتفاهمات، ليس سوى مناورة
كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:
بين فرنسا وحزب الله علاقة أكثر من مميَّزة، ولم يعد خافيًا على أحد أنّ “أمَّنا الحنون” تبنَّت المرشَّح الذي يدعمه حزب الله و”قاتلت” من أجل وصوله، واضعةً خلف ظهرها كلّ حلفائها التاريخيين.
لكن ظهر بعد تولي الأديب والمفكِّر اللبناني أمين معلوف، أنّ ما تجمعه المصالح السياسية بين فرنسا وحزب الله، يفرِّقه الفكر والأدب. انتخبت الأكاديمية الفرنسية أمين معلوف رئيسًا لها مدى الحياة، هذا الانتخاب ليس حدثًا عاديًا بل حدث استثنائي ليس لفرنسا فقط بل للفرنكوفونية ولأوروبا وللثقافة الغربية.
ما دعا إلى الإستغراب، إلى درجة الذهول، أنّ حزب الله تعامل بتجاهلٍ كليّ مع هذا الحدث، لا أحد من مسؤوليه ألمح إليه، إعلامه المباشر والضمني، من صحف ومواقع إخبارية، لم يتطرّق إليه لا من قريب ولا من بعيد، منصاته و”جيشه الإلكتروني” تجاهلوا الحدث كليًا وكأنه لم يحدث!
السؤال المُلِحّ: هل تجاهُل حزب الله لأمين معلوف، هو تجاهل لمعلوف اللبناني أم لمعلوف الفرنسي؟ فإذا كان لمعلوف اللبناني، فهذا انتقاص من كلّ لبناني يبرزُ ويتألق، وإذا كان لمعلوف الفرنسي، فهذا تناقض صارخ بين ما يكنّه الحزب لفرنسا في السياسة، ويضمره لها في الثقافة. وكأنّ حزب الله يقول: “لكم لبنانكم ولي لبناني”، أو كأنّه يعلن القطيعة مع الثقافة الفرنكوفونية التي هي واحدة من “أمّهات الحضارات” في العالم.
إنطلاقًا من هذا الموقف، بماذا يعِد حزب الله اللبنانيين؟ هل بالتصحًّر الثقافي أم بما هو أسوأ؟ ولَّى الزمان الذي كانت فيه الثقافة منفصلة عن السياسة، خصوصًا إذا كانت الثقافة متجذِّرة والسياسة عريقة، كما هي الحال في فرنسا، ولبنان مباشرة بعد الحقبة والانتداب الفرنسي فيه، نعِم بثقافةٍ غنية وبسياسة عميقة، لكنه اليوم غير ذلك، في ظل المحاولات التي لا تكلّ لتغيير وجهه الثقافي وسياسة الانفتاح التي يتمتع بها.
إذا كان تصرف حزب الله في موضوع الكاتب أمين معلوف “زلَّة” فمن الصعب إقناع الآخرين أن هناك زلة في الأداء يقع فيها حزب الله، وإذا كان التصرف مقصودًا، فهذا يعني أنّ كل الانفتاح الذي يمارسه حزب الله مع الآخرين ولا سيما مَن يرتبط معهم بتفاهمات، ليس سوى مناورة. وبين “الزلة” والتصرف المقصود، يصرّ حزب الله على أن يكون استثنائيًا وأن تحالفاته الداخلية يُظهر فيها غير ما يًضمر، وهذا ما تؤكده أدبياته وما يؤكده سلوكه.
مواضيع مماثلة للكاتب:
راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة | تدمير تحت الأرض.. دمارٌ فوق الأرض |