ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي
الأمل هو بثورة ثقافية ونهضة فكرية من أجل تغيير حقيقي في ظل وضع ينطبق عليه القول: إذا أردت قتل شعب، اقتل ثقافته
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
يملك لبنان قوة الفكر والعلم والثقافة والعقول في الأدب والفن، فالثقافة هي وجه لبنان ورسالته الحضارية، وقد أعطته على الدوام مكانة خاصة في الدول العربية والعالم عموماً، وجعلته أيقونة الشرق. وجذبت بيروت إليها المفكرين والروائيين والشعراء والمسرحيين والفنانين التشكيليين وكتّاباً وصحافيين عرب.
اليوم لبنان يعاني، والنشاط الثقافي الذي كان يميز المجتمع اللبناني تأثر بشكل كبير بالأزمة كغيره من القطاعات. ويُعتبر الواقع الثقافي الأكثر تضرّراً لأن البعض يرى أنه لا يُشكل أولوية أمام لقمة العيش والمتطلبات المعيشية التي تقضي على مكتسبات اللبنانيين ومدخراتهم.
ولكن في العام 2023 فقد استعادت الحياة الثقافية في لبنان شيئًا من زخمها، وﻷن اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ھﻲ اﻟﺴﻼح اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻌﺒﻮر اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻘﺎﺳﯿﺔ، ﺟﺎء ﻗﺮار وزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ بإﻗﺎﻣﺔ “ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب”، وأﺳﻨﺪت تنظيمه إﻟﻰ ﻧﻘﺎﺑﺔ اﺗﺤﺎد اﻟﻨﺎﺷﺮﯾﻦ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺤﺘﻔﻠﻮن بنسخته اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ، وﺳﯿﻌﺘﺒﺮ اﻟﻤﻌﺮض اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﻠﺠﻤﮭﻮرﯾّﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿّﺔ، وھﻮ اﻟﺤﺪث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻷﺑﺮز، ﻣﻮﻋﺪه ﻣﻦ 13 ﻟﻐﺎﯾﺔ 22 ﺗﺸﺮﯾﻦ اﻷول 2023 ﻓﻲ اﻟﻔﻮروم دو ﺑﯿﺮوت Forum de Beirut، ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ 6000 متر مربع اﺑﺘﺪاءً ﻣﻦ اﻟﺴﺎﻋﺔ 10:00 ﺻﺒﺎحاً حتى اﻟﺴﺎﻋﺔ 8:00 ﻣﺴﺎءً، (اﻟﺠﻤﻌﺔ واﻟﺴﺒﺖ ﺣﺘﻰ اﻟـ 10 ﻣﺴﺎءً).
وﺳﯿﺸﺎرك أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 152 دار ﻧﺸﺮ تمثّل 277 ﻧﺎﺷﺮ ﻣﻦ 21 دوﻟﺔ ﻋﺮﺑﯿﺔ وأﺟﻨﺒﯿﺔ. وﺳﯿُﺮاﻓﻖ اﻟﻤﻌﺮض ﺑﺮﻧﺎمج ثقافي ﯾﺴﺘﻀﯿﻒ ﻛﺘّﺎﺑًﺎ وﺷﻌﺮاء ﻟﺒﻨﺎﻧﯿﯿﻦ، ﻋﺮب ودوﻟﯿﯿﻦ.
اﻟﻤﺪﯾﺮ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي ﻟﻤﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023 خالد قُبَيعة أكد في حديث لـ “هنا لبنان” أنّ “انعقاد المعرض اليوم دليل على استعادة الدور الريادي اللبناني الذي سُرق منا في وقت من الأوقات بسبب الظروف التي يمر بها لبنان. نحن اليوم من خلال المعرض نحاول إعادته إلى مكانه.”
وهنا لفت قبيعة إلى المشاركة الدولية الواسعة من مختلف البلدان وإلى البرنامج الثقافي الحافل الذي سيكون مفاجأة بمشاركة شخصيات أدبية مرموقة جداً.
وأكد أنّ الموسم السياحي الذي تميز به لبنان هذا العام، عكس حالاً من الاطمئنان لدى الأجانب ما ساهم إلى حد كبير باستقطاب دور نشر أجنبية.
وعن المعرض في السنوات السابقة وسبب الانفصال عن النادي الثقافي العربي، أشار قبيعة إلى أنه في السنوات السابقة كانت نقابة اتحاد الناشرين تنظم مع النادي الثقافي العربي “معرض بيروت العربي الدولي للكتاب” الذي يضم مختلف الناشرين، وهو تعاون نعتز به في مسيرة عمر ساهمت في المشهد الثقافي اللبناني بالطريقة اللائقة.
ولفت قبيعة إلى تراجع الدور اللبناني بشكل لافت بسبب الأوضاع الاقتصادية ما أثر بشكل كبير على الناشرين المهنيين اللبنانيين، لذلك “عقدنا اجتماعاً العام الماضي مع النادي الثقافي العربي شددنا فيه على أهمية النضال في ظل هذه الظروف حتى لا نصل إلى مرحلة نصبح فيها عاجزين عن مواكبة العالم الغربي وأهمية المحافظة على دورنا في المحيط العربي كما الدولي. وقد تفاوتت حينها الآراء بين تداعيات كورونا والأوضاع الاقتصادية التي شكلت ضربة في الصميم أثرت على الناشرين اللبنانيين، وأمام هذا المشهد كان إصرارنا على الاستمرار في الدور الريادي الذي يتميز به لبنان، ومن ثم تلقينا اتصالاً من وزارة الثقافة لتنظيم المعرض الوطني الدولي للجمهورية اللبنانية”.
وشدد قبيعة على أن لا أحد يريد التخلي عن النادي الثقافي العربي إلا أنه لا يمكن رفض فرصة أن يكون هذا المعرض الرسمي للجمهورية اللبنانية لأن ذلك يعتبر مثابة خشبة خلاص للاستمرار في مسيرتنا في ظل الأزمة الاقتصادية.
وأكد قبيعة أنه طُرح على النادي الثقافي العربي الانضمام إلى المعرض إلا أن الجواب أتى بأن لديهم كيانهم الخاص وسيعملون منفردين، ولا يوجد أي خلاف معهم أبداً.
ومن جهته، أكد العضو في اللجنة المنظمة ورئيس مجلس إدارة مكتبة أنطوان إميل تيّان لـ “هنا لبنان” أنّ من أهداف المعرض جمع كل أنواع الكتب في مكان واحد، مهما كانت اللغة. لنكون أمام معادلة: قارئ واحد في معرض واحد فيه كل أنواع الكتب.
تيان شدد على أنه “لطالما تميز لبنان بأنه كان من أهم البلدان في النشر وبالتالي من الضروري تثبيت وجوده على خريطة دور النشر في العالم العربي.”
مع الإشارة هنا إلى أن دور النشر اللبنانية تصدر نحو 2500 عنوان جديد في كل سنة بما في ذلك الكتب المترجمة. أي أن لبنان يُنتج وحده نحو 25% من مجموع العناوين الصادرة في الدول العربية كلها والبالغة نحو 10000 عنوان في السنة. ويعتبر لبنان مطبعة الشرق الأوسط، ونقطة الارتكاز في النشر العربي.
متوقعاً أن يحقق المعرض إقبالاً كثيفاً، لفت تيان إلى أن الناس اشتاقت إلى ارتياد معرض مماثل يضم دور نشر أجنبية وعربية ولبنانية مشدداً على أن أهداف المعرض مهنية من دون أي مصلحة أخرى.
وستنظم نشاطات ثقافية متنوعة باللغة العربية والفرنسية والإنجليزية وكل دار نشر ستقوم بنشاطات خاصة لها.
وأكد تيان أنه من الصعوبات التي واجهتها دور النشر تداعيات كورونا التي أثرت سلبًا على تنظيم المعارض ما أدى إلى خسارة كبيرة خصوصاً أنّ تجارة الكتب تتم عبر المعارض، يضاف إليها مشكلة القرصنة أكانت الورقية أو الإلكترونية.
لا شك في أنّ الثقافة في لبنان تشبه أحواله الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والسياسية أيضاً. إلّا أنه يبقى التعويل على قدرتها على ربط أوصال ما انقطع خصوصاً أنّ شعلة الثقافة خفّ وهجها في لبنان الذي ينوء تحت وقع أزمات متتالية.
ويبقى أنه يُراد لمعارض الكتاب أن تعكس هوية ثقافية للبنان، وتوجيه “رسالة صمود”.
أما الأمل فهو بثورة ثقافية ونهضة فكرية من أجل تغيير حقيقي في ظل وضع ينطبق عليه القول: إذا أردت قتل شعب، اقتل ثقافته.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | اجتماع الخماسية “رفع عتب”… والاستحقاق الرئاسي “راوح مكانك” |