“البلوك 9”: سوء إدارة… وتخوّف من حرب
“البروباغندا” العونية التي تمت في عهد الرئيس السابق ميشال عون والتي طغت على موضوع النفط الغاز أعطت آمالاً كبيرة للبنانيين بأن بلدهم بلد نفطي، فطمست الحقائق على الأرض.
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
قبل أعوام تم إغلاق البلوك رقم 4 لخلوّه من الغاز، واليوم تتجدّد خيبة الأمل إيّاها بعدما توقّفت شركة “توتال إنرجيز” الفرنسية عن عملية الحفر في البلوك رقم 9 بعد وصولها إلى عمق 3900 متر تحت قعر البحر ولم تجد سوى الماء في مكمن “قانا”، علماً أنه كان من المفترض بالشركة استمرار الحفر وصولاً إلى عمق 4400 متر.
وعلى الرغم من أن هذه المعلومات ليست سوى “تسريبات إعلامية” خصوصاً وأن شركة توتال لم تصدر بياناً رسمياً بهذا الشأن، أعلن وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال، وليد فيّاض، أن الحفر الاستكشافي في البلوك رقم 9 البحري لم يتوقف رغم الاشتباكات المستمرة منذ أيام على الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.
فهل خلوّ البلوك 9 من الغاز يعود لسوء إدارة الملف النفطي وكيفية توقيع اتفاقية الاستكشاف؟ وهل سحب منصة الحفر مؤشر إلى تدهور أمني على الجبهة الجنوبية ربطاً بعملية “طوفان الأقصى”؟
في هذا الإطار يقول المحلل السياسي يوسف دياب لـ “هنا لبنان” أنّ “الأنباء الواردة عن خلوّ البلوك رقم 9 من الغاز شكّلت صدمة كبيرة في لبنان تماماً كما حصل في البلوك رقم 4 قبل سنوات وهو ما يدل على أن الدراسات وعمليات الحفر والتلزيم كانت سريعة، ويؤكد على أن “البروباغندا” العونية التي تمت في عهد الرئيس السابق ميشال عون والتي طغت على موضوع النفط الغاز أعطت آمالاً كبيرة للبنانيين بأن بلدهم بلد نفطي، فطمست الحقائق على الأرض وهو ما يشير إلى أن لبنان كان محكوماً من فريق يفتقد إلى المسؤولية في الإدارة والحكم وكل همه أن يحقق إنجازاً تاريخياً يُسجّل لميشال عون قبل انتهاء ولايته، ليتبين لاحقاً أنه بلد جاف وناشف”.
ويرى دياب أنّ “لبنان قد يكون بلداً ذا ثروة نفطية وغازية إلا أن الاستعجال بالتنقيب والاستكشاف غيّر المعادلة”.
ويضيف: “في هذا العهد وفي المفاوضات التي أدارها ميشال عون سابقاً خسر لبنان أكثر من البلوك رقم 9 عندما تنازل عن الخط البحري 29 وسمح للعدو الإسرائيلي باستخراج الغاز منه. لبنان كان صاحب الحق في الخط 29 لولا تنازل عون عنه بدليل أن الدراسات التي قام بها الجيش اللبناني والمستندات التي قدمها رفضت من قبل الفريق العوني ولولا هذا الرفض لثبت حق لبنان بالخط 29 أو أقله التفاوض عليه والمضمون فيها حقول الغاز بشكل كبير بدل أن تستأثر بها إسرائيل”.
ويعتقد دياب أن هذه “النتيجة هي نتيجة حتمية لعهد اعتمد الدعاية أكثر من العمل وهو ما أوصل لبنان إلى مرحلة الانهيار الشامل، لذلك لا شك أنّ النتائج كانت محبطة إلى حد كبير ولكن ليست مفاجئة مع فريق يعمل بدون دراسات ولا استراتيجيات بناءة وهادفة”.
ويذكّر دياب “بالوعود الواهية للتيار الوطني الحر وأوّلها المتعلقة بالكهرباء حين وعد جبران باسيل اللبنانيين بـ 24 ساعة كهرباء خلال العام 2015، وكذلك الحال بالنسبة لوعد التيار الوطني الحر بأن يكون لبنان بلداً غنياً بالمياه لتأتي النتيجة عكسية، وأيضاً بالنسبة لوعودهم بالمشاريع البيئية لتكون النتيجة غرق البلاد بالنفايات”.
كل ذلك ما هو إلا دليل على أنّ عهد ميشال عون ما هو إلا عهد الإخفاقات والويلات، ولو تريث العونيون بمسألة الاستكشاف والتنقيب عن الغاز لكانت النتائج إيجابية، فالجميع يعلم أن اتفاق ترسيم الحدود وقّع قبل انتهاء ولاية عون بشهر واحد وكل العملية حصلت بسرعة كي يقال أنّ ميشال عون حقق إنجازاً تاريخياً”.
وفي سؤال عما إذا كانت إسرائيل قد سحبت النفط من البلوك 9 قبل أن تقوم شركة “توتال إنرجيز” بعملية الحفر والذي من شأنه أن يؤجج الصراع بين حزب الله وإسرائيل يجيب: “لا شك أنّه في حال ثبت أن لبنان سحب المنصة التي كانت تنقب عن النفط أنّ ذلك سيعطي حافزاً لحزب الله بأن يهاجم محطة “كاريش” لاعتبار أنه لم يبقَ في لبنان شيء يخاف عليه وبالتالي من الممكن أن يلجأ حزب الله إلى استسهال قرار الحرب، و”الحزب” قد يطالب بحصة في بلوك 29 وبإعادة المفاوضات من جديد”.
من جهتها، تقول لوري هايتايان خبيرة النفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “حتى الآن لم يصدر بيان رسمي من شركة “توتال إنرجيز” ووزارة الطاقة بالنسبة لعدم وجود الغاز في البلوك 9 جنوب لبنان. فإذا أتت النتيجة سلبية فهو أمر غير مستغرب وعادة ما يحصل ذلك في قطاع التنقيب عن النفط والغاز”.
إذاً نحن أمام ثلاثة سيناريوهات: خلوّ البلوك 9 من الغاز أو وجود غاز بكميات قليلة غير قابلة للتطوير أو وجود الغاز بكميات قابلة للتطوير والإنتاج.
وتتساءل: “في حال لم يكن هناك غاز في البلوك رقم 9، فما مستقبل قطاع النفط والغاز في لبنان؟ وهل النتيجة السلبية قد تؤدي إلى الاستسهال بإعلان حرب والتصعيد الكامل”؟
وتحمّل هايتايان المسؤولية “لكل الأفرقاء السياسية دون استثناء والذين أساؤوا إدارة توقعات اللبنانيين في موضوع قطاع النفط والغاز”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |