إيران تهدد إسرائيل بـ”الحزب”
في حالة تلوح فيها أخطار حرب سينخرط فيها “الحزب”، من بديهيات الأمور أن يكون الطرف المعني، أي نصرالله، صاحب القرار يصرّح بما يريد التصريح به، إلا إذا كان هناك معطيات دفعت طهران إلى تجاوزه ونسبت كلام إليه في طهران لم ينشر في بيروت.
كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:
أطلق وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان من بيروت السبت الماضي تهديدات عالية النبرة ضد إسرائيل. وعلى مدى ساعة تقريباً استغرقها المؤتمر الصحافي الذي عقده المسؤول الإيراني في سفارة بلاده لم يقل الأخير مرة واحدة أن الجمهورية الإسلامية ستكون طرفاً في الحرب. لكنه أعلن في المقابل، أنّ من سيواجه في الحرب الدائرة حالياً في غزة أو في الحرب المحتملة في لبنان ستكون المقاومة فقط.
وخلال المؤتمر الصحافي استفاد عبد اللهيان من سؤال طرحته عليه مندوبة وكالة فارس الإيرانية حول نتائج لقائه الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصرالله يوم الجمعة الماضي فاسترسل بالإجابة التي يجب الوقوف عندها. فهو أجاب قائلاً، كما أوردت “فارس” بالآتي: “يعلم العالم برمته أن سماحة السيد نصرالله هو رجل الميدان وله الدور الأعلى في حفظ أمن لبنان وحتى أمن المنطقة، وما يفكر فيه سماحته يشمل أمن لبنان وأمن المنطقة ومستقبل الأمن المستدام في هذه المنطقة، فحزب الله يدرس كافة الأبعاد ويبادر إلى تقديم الدعم وما تقتضيه الأمور، لكن سماحة السيد يبادر إلى العمل ومن ثم يوضح ويشرح، والمقاومة الفلسطينية لا تزال تمتلك قوة عالية لإبداء ردّ قوي ومستدام في المنطقة، وإنني أدركت الآن بأنه وحسب السيناريوهات التي يواجهها حزب الله فإن أي خطوة (ضد حزب الله) ستتحول إلى زلزال مدمر في وجه الصهاينة”.
لم تنتهِ قصة اللقاء بين نصرالله وعبد اللهيان هنا. بل كان لافتاً التصريح الذي أدلى به نصرالله ، ولكن لم ينشر إلا بالأمس في صدر صفحات صحيفة “كيهان” الناطقة بلسان المحافظين في إيران. وفي هذا التصريح ورد ما يشبه كلام عبد اللهيان عن الأمين العام لـ “حزب الله”. وجاء في عنوان المقال الذي حمل عنوان “نصرالله: جميع السيناريوهات جاهزة والمقاومة في وضع ممتاز” أن موقف نصرالله أدلى به خلال لقائه وزير الخارجية الايراني.
لو سلمنا جدلاً أن نصرالله صرّح فعلاً ما نشرته صحيفة الحزب الحاكم في إيران، فلماذا لم ينشر في لبنان وتحديداً في وسائل إعلام “الحزب” وما أكثرها!؟
لا يمكن أن يكون الجواب من نوع “سقط سهواً”. ففي حالة تلوح فيها أخطار حرب سينخرط فيها “حزب الله”، ستكون على الأقل على غرار حرب تموز عام 2006، من بديهيات الأمور أن يكون الطرف المعني، أي نصرالله، صاحب القرار يصرّح بما يريد التصريح به، إلا إذا كان هناك معطيات دفعت طهران إلى تجاوز نصرالله ونسبت إليه كلاماً في طهران لم ينشر في بيروت.
ولعل ما صرّح به الأمين العام السابق لـ “حزب الله” الشيخ صبحي الطفيلي يوم الجمعة الماضي يسلط الأضواء على الموقف الإيراني. فهو خاطب في شريط فيديو له عبر منصة “يوتيوب”، المرشد الإيراني علي خامنئي قائلاً: “عزيزي خامنئي اليوم لا غداً ولا بعد غد دع المسرحيات والتشاطر والخداع وشارك في المعركة خاصة أنك تملك جنداً وعمقاً من لبنان حتى إيران وإلا ارحل بعتادك وجندك .لمن هذا السلاح الذي تعدّه في لبنان؟ أين صواريخك يا خامنئي.. لقد كثرت مسرحياتك وخداعك”.
ومن لبنان إلى طهران مجدداً. فقد قال وزير الخارجية الإيراني الأسبق، علي أكبر صالحي، لصحيفة “اعتماد” إنه وبالرغم من أن حماس تعرف ردة فعل إسرائيل وأن الدمار سيكون هائلاً في قطاع غزة إلا أنها قامت بهجومها الواسع وغير المسبوق في السابع من تشرين الأول الجاري. وأضاف: “لا نعرف تماما ماذا تملكه حماس لكي تقوم بمثل هذا الهجوم لكن ربما تكون قد ظنت أن إسرائيل مشتتة من الداخل أو ربما تعتقد أن الوضع في غزة هو في منتهى السوء والتأزم ولا يمكن توقع شيء أسوأ من الوضع الحالي لهذا قامت بالهجوم لأنه ليس لديها ما تخسره”؛ حسب تعبيره.
ونوّه صالحي إلى “أنّ غزة تعاني من الحصار الكامل والمعاناة المستمرة، فقررت حماس القيام بهجومها لكسر هيمنة إسرائيل، ومع ذلك يبقى فهم السبب الرئيس لهجوم حماس مجهولاً ومعقداً للغاية حسب ما جاء في الصحيفة”.
ماذا عن لبنان على المستويات الرسمية والسياسية حيال هذا الانفراد الإيراني المعلن باستخدام هذا البلد منصة لإطلاق التهديدات وكأن بيروت خلال زيارة عبد اللهيان الأخيرة عاصمة إيران وليس لبنان؟ على المستوى السياسي صدرت مواقف سياسية عدة منددة بالموقف الإيراني الذي ضرب بعرض الحائط بأبسط مفاهيم السيادة. أما على المستوى الرسمي، وتحديداً ما يتعلق بحكومة تصريف الأعمال فكان الموقف مذهلاً. فبعد ساعات من لقاء الرئيس نجيب ميقاتي بوزير الخارجية الإيراني، قال: “لم أحصل على أيّ ضمانة من أحد بشأن تطورات الأمور .إنّ قرار الحرب ليس بيدي شخصيّاً وليس بيد الحكومة”.
هل بإمكان الرئيس أن يقول أنّ “قرار الحرب” بيد إيران؟ وهل بإمكان نصرالله أيضاً ان يقول أنّ إعلان المواقف باسمه هو بيد إيران أيضاً؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |