طبول الاجتياح تقرع في غزة والدبلوماسية تجهد لإسكاتها… ماذا عن لبنان؟
أتت الدبلوماسية المتأخرة لتلعب دورها، علّها تستطيع لجم أدوات القتل المستمر، فشهدت المنطقة حركة واسعة ومن ضمنها لبنان، الذي تزوره وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، الآتية من القاهرة وتل أبيب على أن يصل اليوم وزير الخارجية التركية حقان فيدان إلى بيروت
كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:
لا شك في أنّ عملية “طوفان الأقصى” قلبت الأوضاع في المنطقة، منذ 7 تشرين الأول الجاري، فغيّرت المعادلات وإخترقت المحظورات، وهذا يعني أنّ المنطقة مقبلة على تحولات كبرى، لا بدّ أن تصل في نهاية المطاف إلى تسوية ولو بعد حين. لأن طبول الحرب التي قرعت بقوة، لا بدّ أن تسكت يوماً أمام الطرق الدبلوماسية حتى ولو طال أمدها.
هذه العملية الطوفانية المفاجئة استدعت رداً إسرائيلياً وتبادلاً للقصف، أدى إلى سقوط آلاف الضحايا مع الدمار الهائل والخراب المتواصل، وسط استنكار من مختلف الدول، لكن كل هذا لا يكفي أمام دماء المدنيين الأبرياء والأطفال والتشرّد والنزوح، فأتت الدبلوماسية المتأخرة لتلعب دورها، علّها تستطيع لجم أدوات القتل المستمر، فشهدت المنطقة حركة واسعة ومن ضمنها لبنان، الذي تزوره وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، الآتية من القاهرة وتل أبيب على أن يصل اليوم وزير الخارجية التركية حقان فيدان إلى بيروت.
وتأتي زيارة كولونا للتأكيد على أن فرنسا مصمّمة على تهدئة الوضع في لبنان، وعدم فتح جبهة الجنوب من قبل حزب الله، الذي دعته للبقاء بعيداً عن النزاع الدائر بين حركة حماس والاسرائيليين، وأفيد عن لقاء سرّي جرى بين كولونا ومسؤولين في حزب الله.
على الخط الإسرائيلي، وصل وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن أمس إلى تل أبيب للمرة الثانية خلال أيام ، بعدما باتت الاستعدادات العسكرية في أوجّها، لكن الدبلوماسية الأميركية تبدو بعيدة عن لجم الحرب، بعد تصريحات بلينكن “بأنّ بلاده لن تسمح بفتح جبهة ثانية أو ثالثة ضد إسرائيل”.
إرباك لبناني وإستفاقة حكومية متأخرة
وفي الداخل اللبناني المربك من صمت الحكومة اللبنانية والمسؤولين، يجري رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي متأخراً، الاتصالات مع كبار المسؤولين الدوليين، بهدف تحييد لبنان عن هذه المعركة، ويتواصل مع الإدارة الأميركية، ومع رئيسة وزراء إيطاليا والرئيسين الفرنسي والتركي، ووزراء خارجية الأردن وبريطانيا وكندا ورئيس وزراء قطر، والأمين العام للأمم المتحدة مرات عدة، ووفق معلومات “هنا لبنان” فهنالك ضغط كبير لوقف جدّي لإطلاق النار، مع نصائح تلقتها إسرائيل من بعض الدول بعدم الدخول إلى غزة، لأنّ الاجتياح سيكلفها الكثير في ظل تهديدات حركة حماس ومن يدور في فلكها، ناهيك عن الحرب مع لبنان وتهديدات إيران اليومية.
مقرّبون من “الحزب”: لبنان جزء من الجبهة الكبرى
إلى ذلك فقد نقلت مصادر سياسية مقرّبة من حزب الله لـ “هنا لبنان”: “بأنّ ساعة الصفر تقترب في إنتظار التطورات في غزة، لأنّ كل شيء مرتبط بها، وأشارت إلى أنّ حزب الله على جهوزية تامة للمعركة الكبرى، مرجّحة دفة الحرب على دفة اللعبة الدبلوماسية، لأننا وصلنا إلى نقطة قوة كبيرة كما قالت المصادر المذكورة، ولا يجب أن نعود إلى نقطة الصفر، لذا تبدو فرضية استبعاد الحرب غير واقعية، في ظل ما يجري من جرائم إسرائيلية، وإلا نكون عندها قد هدرنا دماء الشهداء”.
وعن مدى إشعال الجنوب ودخول حزب الله في المعركة، اعتبرت المصادر المذكورة “بأنّ كل شيء وارد، وما قام به حزب الله من قصف للمواقع الإسرائيلية هو تأكيد بأنه لن يترك غزة لوحدها، وبأنه مستعد لتنفيذ عمليات لدعم الشعب الفلسطيني وغزة، لكن حتى الآن ردة الفعل محدودة، سواء على اختيار المواقع أو حجم القصف الذي جرى، لكن في حال تطورت الأوضاع في غزة وفلسطين، لا أظن أن الأمور ستبقى محدودة، وعندها لا تؤخذ بالحسبان الظروف الداخلية للبنان، لأن الوضع في المنطقة سيشتعل، وسيكون لبنان جزءاً من الجبهة الكبرى التي ستنشأ، لكن هذا يحتاج إلى متابعة، وفي انتظار ذلك فحزب الله واضح، هو يتصرّف بدقة وبطريقة متسلسلة ويطلق رسائل واضحة، وعلى ضوء ردة الفعل الإسرائيلية ستكون الأمور متدحرجة”.
ماذا لو تخطت إسرائيل الخطوط الحمر جنوباً؟
وحول مدى استمرار هذه العملية قالت المصادر عينها: “لا أحد يستطيع تحديد أفق العملية العسكرية في غزة، لأن هذا مرتبط بطبيعة الرد الإسرائيلي، هم يقولون اليوم إنهم يجهزون لعملية برّية واسعة، وأنه تم استدعاء الاحتياط، في ظل وجود دعم أميركي لإسرائيل، ولكن هل تستطيع إسرائيل تنفيذ عملية برّية كبيرة؟ وكيف ستكون ردة الفعل من قبل القوى الأخرى في المنطقة؟ وهل تتحمّل المنطقة حرباً واسعة على جبهات متعدّدة؟ وهل سينجحون في الدخول إلى غزة عبر العملية البرّية؟ وكيف ستتحرك الجبهات الأخرى؟ وعلى ضوء هذه المعطيات يمكن تحديد فترة العملية، مع العلم أنّ إسرائيل لا تتحمّل عملية لفترة طويلة، في حين أنّ قرار الحزب هو عدم التساهل، وفي حال قرّرت إسرائيل خرق الخطوط الحمر، فالجبهة الجنوبية ستتحوّل إلى جبهة نارية “.
في الختام ثمة أسئلة تطرح أهمها: “أين قرار الدولة اللبنانية إزاء ما يجري”؟ فيما الجواب معروف ودروبه من إيران، فقرار الحرب والسلم في يدها، والتنفيذ يأيدي حزب الله، والضحايا: لبنان وشعبه…