مسعى في وسط العواصف
ليس سهلاً أن ينأى سياسيون بأنفسهم، عن الأنا القاتلة في الظرف الصعب، إذ لا مكسب ولا هدف ولا منصب ولا فرصة لاقتناص حصة في تعيين موقع من هنا أو هناك، أو حتى لحصة في اختيار رئيس الجمهورية.
كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:
ليس سهلاً وسط هذا الفراغ الذي ينبئ بعواصف كثيرة، أن تبادر جهة سياسية، لا سلاح لها إلّا سلاح الموقف، إلى محاولة بناء شبكة أمان وطنية، عبر فعل وقائي، يهدف إلى استباق ما قد يتعرض له لبنان، جراء الحرب في غزة.
ليس سهلاً أن ينأى سياسيون بأنفسهم، عن الأنا القاتلة في الظرف الصعب، إذ لا مكسب ولا هدف ولا منصب ولا فرصة لاقتناص حصة في تعيين موقع من هنا أو هناك، أو حتى لحصة في اختيار رئيس الجمهورية. الهدف حماية لبنان من خطر وشيك.
كتلة برلمانية، متنوعة اسمها كتلة تجدد، تم تأسيسها بالشراكة بين نواب من طوائف مختلفة، وهذه معجزة بمقاييس الزمن اللبناني الحالي، حجزت لنفسها موقعاً ثابتاً في المعادلة الداخلية، وتوقفت عند أدائها المنضبط، مراجع عربية ودولية، تبادر اليوم إلى بناء ما يمكن أن يصلح كي يكون قاعدة للغة واحدة، في مواجهة الحرب، لغة تتخطى المزايدات، والحواجز، والفرز في المواقف، لغة تصدر عن أربعة نواب، من طوائف مختلفة، اتفقوا على تحديد ما يجب القيام به، لمنع انزلاق لبنان إلى المغامرة والحرب.
من ثابتتين انطلق مسعى كتلة تجدد، التي تجول على المرجعيات الدينية أولاً، بدءاً من دار الفتوى، وصولاً إلى كل من لا يمانع في اللقاء والمصارحة المسؤولة. الثابتة الأولى، تتمثل بالدعم الواضح والصادق وغير المتكلف، لقضية الشعب الفلسطيني، هذا الشعب الذي لا يصح تمنينه وهو تحت النار والدمار، بأنّ لبنان قدم له الكثير، فالوقت هو وقت الصوت العالي، إلى جانب المعتقلين الفلسطيينيين في الضفة وغزة، الذين قدموا الكثير لتحقيق السلام، وخذلوا على يد التعنت الإسرائيلي، وفقدان الإرادة الدولية بالوصول إلى التسوية العادلة والشاملة.
أما الثابتة الثانية التي يصحّ تسميتها بالأولى أيضاً، فهي تتمثل بعدم المساومة على مبدأ حماية لبنان وسيادته واستقلاله، وعلى التمسك بالقرار 1701، ودور الجيش الحصري في حماية الحدود، ورفض أية مغامرة تبدأ ببدعة قواعد الاشتباك الجديدة، ولا تنتهي باستعادة صورة حرب العام 2006 المدمرة.
في كتلة تجدد أربعة نواب، كلٌّ منهم يتعرض عن يمينه وعن يساره لمزايدات شتى، والمزايدات كبيرة على وقع الدم، لكنهم مضوا في طريقهم، غير عابئين.
قناعة راسخة انطلق منها المسعى، بأن لا تعارض، لا بل أنّ المصلحة اللبنانية، تقتضي الدعم الكامل، لدولة الاستقلال في فلسطين، ولمبدأ “لبنان أولاً” الذي من أجله سقط شهداء كثر.
سيكون هذا المسعى على طاولة الكثير من القوى، وسيتحول بعد استكمال الاتصالات واللقاءات، إلى مادة عملية، وتحرك أبعد من مجرد إطلاق المواقف، بحيث يتم تحت سقفه، جمع أكبر عدد ممكن من القواسم المشتركة بين اللبنانيين، القلقين من الآتي.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |