“أفلام” نصرالله.. وخطاب “لزوم ما لا يلزم”!
الإطلالة التي لم تكن إلّا ساعة “فولكلورية”، أشبع فيها نصر الله جمهوره بجرعة من مورفين الانتصار الكلامي، هذا الانتصار الذي يعيدنا إلى أسطورة الـ7 دقائق ونصف..
كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان”:
بعد تحضيرات استمرت لعدة أيام، وأكثر من “برومو” دعائي، أطلّ أخيراً أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
هذه الإطلالة التي جاءت قبل أيام، من انتهاء الشهر الأول لـ “طوفان الأقصى”، وبعد تساؤلات كثيرة عن غياب السيد المعروف بخطاباته ونبرته العالية، وإصبعه، لم تكن إلّا “لزوم ما لا يلزم”، ما دفع بالعديد من الناشطين إلى التمنّي لو أنّه استمر في تسريب الفيديوهات الصامتة، فبينما حمل صمت السيد العديد من الاستفهامات والترقب، جاءت إطلالته لتؤكد أنّ جعبته فارغة.
لم يعلن نصر الله “المعركة”، ولم يدفع إليها، وهذا المتوقع، وهذا ما أكّده منذ تاريخ إعلان وقت الإطلالة العديد من المحللين السياسيين المتابعين لملفّ الحدود الجنوبية، وهذا ما ذهبت إليه أيضاً التقديرات الإسرائيلية، غير أنّ لـ “جمهور الممانعة”، رأيٌ آخر، فهم كانوا بانتظار هذه الإطلالة للإنطلاق نحو القدس، وللصلاة خلف السيد في باحة الأقصى، وأقلهم توقعاً، كان ينتظر تحرير مزارع شبعا وطرد إسرائيل من الحدود الجنوبية.
هؤلاء الممانعون لم تتحقّق طموحاتهم، فـ”شبعا” ليست على جدول السيد، والحرب ليست إلّا بروباغندا خطابية، بل على العكس هو دعا إلى وقف الحرب على غزة، مطالباً الدول العربية التي لطالما شتمها بالتدخّل.
استنجاد نصرالله بالعرب ليس تفصيلاً، وكلامه ودعوته لوقف الحرب لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام، ومحاولة الإيحاء بأنّ الحزب دخل المعركة منذ الثامن من تشرين الأوّل، ما هي إلّا رسالة لحركة “حماس” أولاً ولكل من يطالبه بحرب مفتوحة ثانياً، بأنّ حدود النزاع ستتوقف هنا، وأنّ المعادلة السارية جنوباً ستبقى على ما هي عليه.
ونصر الله، الذي طالما أعلن أنّه يتابع كل تفصيل سياسي، وكلّ ما يكتب وما يقال وما يسرّب، يدرك جيداً أنّ الحرب ليست سهلة، وأنّ عواصم القرار تعمل على منع لبنان من الإنجرار إليها، ولا سيّما فرنسا، التي كان قد تمنّت على إسرائيل عدم الانخراط بها في حال خرج الحزب عن قواعد اللعبة.
ولكن الحزب لن يخرج عن القواعد، قالها نصر الله علنية، تاركاً المواجهة دون أيّ عناوين أو أطر، ومناشداً وضع حدّ لما يجري في غزة.
أوقفوا الحرب. هذه خلاصة كلمة نصر الله التي انتظرها متابعوه طويلاً، إطلالة لم تنل منها إسرائيل لغة العداء بقدر أميركا، وكأنّ السيد أراد توزيع غضبه، كي لا تخونه اللغة ويكرّر خطيئة “لو كنت أعلم”.
الإطلالة التي لم تكن إلّا ساعة “فولكلورية”، أشبع فيها نصر الله جمهوره بجرعة من مورفين الانتصار الكلامي، هذا الانتصار الذي يعيدنا إلى أسطورة الـ7 دقائق ونصف، فيكون المحور بذلك قد انتصر بـ”حنجرة” السيد في غزة، وتصبح إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت بتهديدات السيد التي لم ترتبط لا بأسسٍ ولا قواعد.
الحرب المفتوحة ما زالت مستبعدة، ونصر الله لن يمنح حماس أكثر من مناوشاتٍ محدودة، وإسرائيل لن تنجرّ إلى جبهة جديدة، ليبقى السؤال: ماذا ستمنح الأمّ الحنون فرنسا للسيد من جائزة لقاء خطابه الذي لم يأخذ لبنان إلى الخراب؟ وإلى متى سيبقى الشعب اللبناني رهينة شخصية توزع المواعظ والأوامر من خلف شاشة، فتمتثل لها الصواريخ وتفتح لها الجبهات إن أرادت؟..
مواضيع مماثلة للكاتب:
ونحن أيضاً أشلاء.. | أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! |