باتريك ابن الحيّ
كان باتريك مختلفاً عنّا جميعاً. يتملّق. “يفسّد”، بلغة الأطفال، إلى حدّ الإيذاء.. أتذكّر باتريك اليوم لأنّ هناك، في السياسة، من يذكّرنا بهذه الشخصيّة الموجودة على الأرجح في الكثير من الأحياء.
ويا للصدفة، أصبح باتريك “عونيّاً” لاحقاً!
كتب ناشر “هنا لبنان” طارق كرم:
أذكره جيّداً. صورته مطبوعة في ذاكرتي. كان يُدعى باتريك، وكان يقيم في حيّنا. كان باتريك مختلفاً عنّا جميعاً. يتملّق. “يفسّد”، بلغة الأطفال، إلى حدّ الإيذاء. اكتشفنا، من خلال باتريك، ما أصبح اسمه لاحقاً، بلغة الكبار، طعناً في الظهر.
أتذكّر باتريك، ابن الحيّ، اليوم لأنّ هناك، في السياسة، من يذكّرنا بهذه الشخصيّة الموجودة على الأرجح في الكثير من الأحياء.
فمن يتابع مواقف بعض قياديّي ومناصري التيّار الوطني الحر يكتشف حجم التقلّب في الآراء، ومدى التملّق لديهم، وخصوصاً قدرتهم على إظهار أنفسهم بمظهر المتعفّفين، بينما يتّهمون الآخرين عشوائيّاً، على طريقة المقولة الشعبيّة التي تنتهي بـ “شيلي منّك حطّي فيي”.
حين دعم حزب الله سليمان فرنجيّة رئاسيّاً، وليس جبران باسيل، بتنا نسمع كلاماً عن حماية الحزب للفساد والفاسدين، وعن عدم اهتمامه ببناء الدولة، ومنحه الأولويّة للتحالف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وصولاً إلى طرح أسئلة عن كيفيّة بناء الدولة في ظلّ وجود سلاح حزب الله…
أمّا اليوم، فبات بعض مناصري “التيّار”، وحتى قياديّوه، أفراداً في جيش حزب الله الإلكتروني، يشيدون به وبالأمين العام للحزب، ويدّعون أنّهم وحدهم من يقفون إلى جانب الحزب، ووحدهم من سيفتحون بيوتهم لاستقبال النازحين من الجنوب والضاحية الجنوبيّة، ووحدهم من يضعون مصلحة الوطن فوق ما عداها، ولذلك هم على استعدادٍ لتسهيل الملف الرئاسي. وهو أمرّ يجافي الحقيقة تماماً، إذ أنّ باسيل واحدٌ من معطّلي الرئاسة، وواحدٌ من معرقلي إيجاد حلٍّ منطقي لقيادة الجيش.
هو سلوك يذكّرني بباتريك. ذميّة في التعاطي، وغَنَميّة في المواقف، واستعدادٌ لتبديل الآراء لم نشهد له مثيلاً في تاريخ السياسة اللبنانيّة. وهكذا، يمكن لجبران باسيل أن يزور “الفاسد” و”الفاقد للشرعيّة” نجيب ميقاتي، و”البلطجي” نبيه بري، ويحلّ ضيفاً في منزل وليد جنبلاط، ثمّ يزور بنشعي للقاء سليمان فرنجيّة.
تدفع مصالح جبران باسيل لأن يفعل ما نظنّ أنّه لا يمكنه فعله. تدفعه شخصيّته للكلام عن نفسه بفوقيّة مثيرة للاشمئزاز. كم يذكّرني بباتريك، ابن الحيّ.
الأخير، يا للصدفة، أصبح “عونيّاً” لاحقاً!…
مواضيع مماثلة للكاتب:
35 عاماً… فهل نعطي رينيه معوض حقّه؟ | ما بعد الحرب… هزيمة أو انتصار؟ | ويبقى الجيش هو الحلّ… |