في خطاب “السيّد” حضرت إيران بقوة… وغاب لبنان وعلمه!
نصرالله جال بين الألغام السياسية، ووضع كلماته في الميزان، أعطى طهران الكثير من خطابه متناسياً لبنان الذي لم يكن المحور الأول بل الأخير، كما غاب العلم اللبناني ولم يحضر إلى جانبه، مع أنه معنيٌّ بقوة في الحرب
كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:
على مدى ساعة ونصف الساعة، تحدث الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله يوم الجمعة الماضي، بعد طول انتظار وصمت طرح تساؤلات عدة، سارع حزبه لوضع كل تلك التساؤلات، ضمن خانة من التشويق والأفلام الدعائية، التي برزت فيها صورته مع علم حزب الله، وهو يتنقل من اليمين إلى اليسار، من دون أن تتوضح فحواها، إذ أثارت جدلاً في الإعلام اللبناني والخارجي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث جرى تداولها على نطاق واسع مترافق مع إنتقادات عديدة، بأنها لا تتناسب مع ما يجري من مجازر في غزة وسقوط الآف الضحايا، ومع المشاهد القاتمة والدمار والحرائق في جنوب لبنان. إلى أن أتى موعد إلقاء الكلمة المنتظرة التي جاءت مخيّبة للآمال، حتى لدى العدد الأكبر من جمهور” الحزب” وبيئته الحاضنة، اذ انتظروا الكثير ولم ينالوا سوى الفتات. فالخطاب، وباختصار، سعى أولاً وأخيراً لإخراج إيران من معادلة الحرب، حتى التبرئة من فعلتها ووضع حركة حماس في” بوز” المدفع، فيما التقارير الغربية والإسرائيلية أكدت مشاركة إيرانية واضحة وواسعة في عملية ” طوفان الأقصى”، لأنّ القرار بيد إيران التي تقود محور المقاومة في المنطقة ضد إسرائيل، والذي يضّم إلى جانب حزب الله، حركة حماس ومجموعات مسلحة في سوريا والعراق واليمن.
إلى ذلك ومع محاولة نصرالله تبيّيض صفحة طهران بصعوبة وجهد شاق، فالنجاح لم يكن إلى جانبه، إذ بدا متوتراً ينظر إلى الورقة على غير عادته، خصوصاً حين قال: “لم نكن على علم بعملية حماس التي أحدثت صدمة في إسرائيل، بل تفاجأنا بها كما الجميع، لكننا دخلنا ضمنها في اليوم الثاني، أي في 8 تشرين الأول، وبتنا في قلب المعركة”.
نصرالله جال بين الألغام السياسية، ووضع كلماته في الميزان، أعطى طهران الكثير من خطابه متناسياً لبنان الذي لم يكن المحور الأول بل الأخير، كما غاب العلم اللبناني ولم يحضر إلى جانبه، على غرار علم حزب الله، كما لم نره على المنصّات ولا إلى جانب الحضور الحزبي الكبير والمناصرين والمؤيدين، ولا حتى إلى جانب النواب والمسؤولين في الحزب، لم يرفرف علم لبنان مع أنه معنيٌّ بقوة في الحرب، فقط العلم الأصفر وكيل المديح المتواصل لطهران وقياديّيها كانوا أسياد الساحة، مع ردّ التهديدات لإسرائيل من الجنوب اللبناني فقط، الأمر الذي أكد بأنّ تعليمات طهران واضحة، ومفادها: “لا تدخلوني في الحرب الإقليمية فلا علاقة لي… وليدفع لبنان الثمن وحده”!
في السياق لم يقفز نصرالله فوق مواقف المسؤولين الإيرانيين، ولم يشأ طمأنة الإسرائيليين، لذا لبّى تمنيات جمهوره ليعلن الجهوزية الكاملة، في حال حصلت أي تطورات عسكرية، وبأنّ كل الاحتمالات واردة، ضمن خطاب تحذيري فقط، الأمر الذي أدى إلى إحباط أغلبية جمهوره، وإن كانت المشاهد المتلفزة قد نقلت واقعاً مغايراً، لأنّ أيّ صورة خارجة عن هذا النطاق ممنوع نشرها، فالمعنويات مطلوبة، فيما الصور الحقيقية معاكسة وفق ما نقل عن بعض أهالي العناصر الذين سقطوا من حزب الله، خلال مشاركتهم في اشتباكات الجنوب، لأنّ صرخات الأهالي علت بصورة خفية، رافضةً دفع الأثمان السياسية من خلال دماء أبنائها.
في غضون ذلك، سألت مصادر سياسية مواكبة لما يجري منذ السابع من تشرين الأول الماضي عبر موقع “هنا لبنان: “أين وحدة الساحات؟ وأين مقولة “ساعة الصفر قد اقتربت”، وماذا عن قوات الرضوان النخبوية التي ستعبر إلى الجليل خلال ساعات؟ وماذا لو جرى توقيع الاتفاق الاميركي – الإيراني؟ فكم من دمى سياسية وعسكرية ستكون ضمن اللعبة الدولية أو الضحية الأكبر؟”
باختصار، “السيد” حمل المسدس ولم يضغط على الزناد، في انتظار ضبط الوضع العسكري أكثر، وإعادة المعنويات إلى المناصرين يوم السبت المقبل خلال خطاب آخر، سيحمل معه جديداً وفق ما نقل مقرّبون من الحزب.