جعجعة بلا طحن!
ترجمة “هنا لبنان”
كتبت تيليا الحلو لـ “Ici Beyrouth”:
مضى شهر على بدء الحرب في غزة.. شهر خاضت فيه حماس وإسرائيل معارك لا ترحم وفقد فيه عشرات الآلاف من الأشخاص حياتهم أو جرحوا أو تعرضوا للتهجير مع الحرمان من الرعاية الطبية ومن أبسط الأساسيات كالماء والغذاء. وخلال هذا الشهر أيضاً، تعرض جنوب لبنان للقصف وللحرق ولاعتداءات بلا هوادة، بينما اكتفت الطبقة السياسية اللبنانية بالتفرج بلامبالاة واضحة.
وقبالة هذا الصمت، تطرح أسئلة جوهرية: ما الذي حلّ بالمعارضة؟ ما الذي يشغل أصحاب السيادة؟ أين يختبئ أولئك الذين لا يفوتون أدنى فرصة للتنديد بأصغر الزلات، وليدقوا ناقوس الخطر حين يتيح حزب الله أو معسكر محور المقاومة أقل انحراف أو يقوم بمحاولة أخرى للتحايل على القانون وانتهاك الدستور والاستهزاء بالمؤسسات؟ أين هم هؤلاء؟ ما الذي يفعلونه عدا إلقاء الخطب الشعبوية والشعارات الفارغة على شبكات التواصل الاجتماعي أو شاشات التلفزة؟ أي إجراء أو مبادرة اتخذوا لوقف وكبح جماح نزعات حزب الله الحربية؟ أليس في هذا البلد من مسؤول قادر على صعود المنبر وكسر الوضع الراهن ورفض أخذ الشعب اللبناني كرهينة لدى الحزب الموالي لإيران؟ من الذي كلف حسن نصر الله بالتحكم بمستقبل البلاد وبمصير اللبنانيين؟
الإجابة بسيطة مع الأسف: البعض يفضل الانصراف للعناية بإطلالته والتخطيط للوصول إلى المقعد الرئاسي، بينما يميل آخرون بالفعل لتبني موقف انهزامي، مستخدمين ذريعتهم المفضلة: “ماذا عسانا نفعل؟ وهل نفعل؟ هل لنا أن نقف بوجه المعسكر المنافس؟” من شأن ذلك أن يفسر بشكل كامل الإهمال السائد والموقف الجبان لبرلمان ولحكومة تصريف الأعمال.
وعلى عكس ما يحاول المسؤولون دفعنا لتصديقه، الحلول الممكنة كثيرة. فعوضاً من أن يبقى هؤلاء مسمرين على شاشاتهم للاستماع أو الرد على كلام أمين عام الحزب – وفقاً لما تمليه توجهاتهم السياسية – كان من الأجدى تنفيذ خطة عمل كالدعوة للإضراب أو العصيان المدني حتى تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701. ولو أنّ المعارضة رصت الصفوف وقدمت نفسها كجبهة موحدة كما كان يجدر بها، لما كانت زيارات مبعوثين من الدول الغربية إلى بيروت ضرورية للتأكيد على أهمية هذا القرار والمطالبة بتطبيقه لتجنب حريق إقليمي لن يوفر لبنان.
ما الذي يمنع المعارضة من استعادة الزخم وتحدي الميليشيات الموالية لإيران؟ هل بات النضال من أجل السيادة السياسية والإقليمية مجرد طموح عفا عليه الزمن وانحدر إلى أسفل سلم الأولويات بعد أن كان في قلب كل الخطابات السياسية قبل نحو عشر سنوات؟ وإلى متى سيدفع اللبنانيون ثمن سياسات الدولة الفاشلة وخيارات السياسيين؟
وفي غمرة كل هذه التناقضات، يبقى التمسك بإدانة كل من يعيق عملية السلام والأمن والاستقرار، وكذلك أولئك الذين يسمحون لأنفسهم بالاستهزاء بسيادة البلاد والمساس بها، بالنسبة لـ “هنا لبنان” و Ici Beyrouth و This is Beirut من الثوابت التي لا نحيد عنها!
والأفعال، أيها السياسيون الأعزاء، تبقى أبلغ من كل الأقوال..
وعلى أي حال، لا تبالوا واستمروا بإلقاء الخطب، وثقوا بأنّها بالنسبة لنا، ليست أكثر من جعجعة بلا طحن!
مواضيع ذات صلة :
غزة ولبنان: وجهان لـ”مطارق” واحدة! | مجلس الأمن يفشل بتبني قرار وقف النار في غزة | قطاع المطاعم يدفع فاتورة “جبهة الإسناد”: من ينقذه؟ |