القرى المسيحية الحدودية “تدفع الثمن”.. أُدخلت مرغمة في الحرب!
رفض الحرب لا يقتصر على القرى الحدودية المسيحية، بل يمتد إلى كل المناطق وينسحب على كل الطوائف، بالإضافة إلى مواقف أغلبية الزعماء الذين عبّروا بوضوح عن رفضهم جرّ لبنان إلى الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة “حماس” في غزة
كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:
هي كأكثرية اللبنانيين والمناطق اللبنانية لا تهوى الحرب ولا تريدها، بل تؤمن بالحياة والسلام وراحة البال بعيداً عمّا تهدف إليه بعض الدول، عبر استعمال لبنان منصّة للحرب والرسائل، وجعل اللبنانيين كبش محرقة وضحايا يدفعون الثمن دائماً عن غيرهم.
إنها القرى الحدودية المسيحية التي كغيرها من البلدات اللبنانية تبحث عن الأمان، في وطن ممزق ينفّذ بعض أطرافه أجندات الغير على أرض وطنهم، لبنان الذي كان وما زال يدفع الضريبة العسكرية عن كل قضايا العرب، هو محطة للدمار حين تشاء بعض الدول، فتعلن قرار الحرب والسلم ساعة تريد، فيما لبنان الذي لا حول له ولا قوة له، يبقى الصامت الأكبر تحت شعارات ومبادئ يُراد تجسيدها بدماء أبنائه، كما يحصل اليوم في غزة، حيث يتوالى سقوط الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى شهداء أمام عيون العالم أجمع والتي تتفرج بصمت، وهكذا لبنان فالمخاوف تطوّق شعبه من إعادتهم إلى الحرب، وإلى العصر الحجري، في ظل تهديدات يومية من المسؤولين الإسرائيليين، فيما يعيش أصلاً في العصر الحجري من جرّاء الانهيارات والمصائب والويلات اليومية، التي ترافقه منذ سنوات، فإلى متى سيستمر هذا الواقع القاتم؟
رفض الحرب لا يقتصر على القرى الحدودية المسيحية، بل يمتد إلى كل المناطق وينسحب على كل الطوائف، بالإضافة إلى مواقف أغلبية الزعماء الذين عبّروا بوضوح، عن رفضهم جرّ لبنان إلى الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة “حماس” في غزة، والذي يشهد جنوبه قصفاً يومياً متبادلاً واشتباكات على الحدود، فيما يستمر الأهالي بالمطالبة بتجنيب قراهم دخول الحرب وسقوط الأبرياء، ودمار منازلهم وأرزاقهم بلحظات، بعد إعادة بنائها مرات عديدة وآخرها بعد حرب العام 2006. واليوم يتكرّر المشهد، الأمر الذي يضعهم مجبرين على الإنخراط في الحرب، خصوصاً مَن بقي في أرضه ولم ينزح إلى بيروت والمناطق الآمنة، حفاظاً على المنطقة ولعدم تركها للنازحين السوريين، الذين حاولوا مصادرة المنازل قبل فترة خصوصاً في بلدة رميش، وهي البلدة المسيحية المتاخمة للخط الأزرق على الحدود مع إسرائيل، لكن الأهالي تصدّوا لهم وأرغموهم على مغادرة بلدتهم، مع بدء حرب السابع من تشرين الأول الماضي.
رئيس بلدية رميش: 70% من سكانها نزحوا
في السياق يقول رئيس بلدية رميش ميلاد العلم لـ “هنا لبنان”: “إنّ البلدة تتعرّض يومياً للقصف الإسرائيلي، ويوم الأحد وأمس الاثنين كان القصف عنيفاً جداً، فنحن في حالة حرب كغيرنا، والقذائف وصلت إلى الزهراني والنبطية ما يعني أنّ كل البلدات معرّضة”، وأشار إلى أنّ ما يقارب السبعين في المئة من الأهالي نزحوا إلى بيروت والمناطق البعيدة عن القصف. وفضّل عدم الغوص في بعض الأسئلة التي طرحناها.
مختار القليعة: الدولة غائبة عنا كليّاً
بدوره يشير مختار بلدة القليعة الحدودية جوزف سلامة لموقع “هنا لبنان”، إلى أنّ القصف المدفعي الإسرائيلي طال بعنف أطراف البلدة وليس داخلها، والأسباب كثيرة منها موقعها المتاخم للحدود، ونأمل ألا يتطور القصف وأن يمّر الوضع على خير، فالحركة خجولة بعض الشيء في البلدة، وهي لطالما دفعت الأثمان بسبب موقعها، فالمدارس مقفلة والأشغال متوقفة، وهنالك نسبة نزوح منها لكن قليلة، إذ تقتصر على العائلات التي تضمّ أطفالاً ومسنّين، فيما الفئة الشابة موجودة في البلدة.
ورداً على سؤال حول التواصل مع نواب المنطقة، قال المختار سلامه: “طبعاً هنالك النائب الياس جرادة الذي يسأل دائماً عن أبناء البلدة وأوضاعهم، ونتواصل معه دائماً”.
وعن وجود مساعدات من قبل الدولة والكنيسة لأهالي البلدة الصامدين في هذه الظروف الخطرة، لفت إلى أنّ الدولة غائبة كليّاً ولا تقوم بواجباتها، إذ لا نشهد سوى بيانات وإحصاءات من بعض الجمعيات، فلا أحد يسأل عنا على الرغم من أنّ الأشغال والمصالح كلها متوقفة، حتى عمل المزارعين متوقف إذ لا يستطيعون العمل في أرزاقهم بسبب خطورة الوضع جرّاء القصف، لكن نأمل خيراً مع لفتة ضرورية من المسؤولين الكنسيين تجاه بلدة مسيحية صامدة.
الأهالي يتخوفون من التحدث للإعلام
ولدى سؤالنا بعض أهالي بلدة القليعة عن إرغامهم للدخول في الحرب، بدا واضحاً أنهم لا يريدون التحدث أبداً عن هذا الموضوع، خصوصاً لدى سؤالهم عن التواجد العسكري لعناصر حزب الله في البلدة أو في أطرافها، مفضّلين الصمت والإكتفاء بجواب واحد: “نحن هواة سلام ونتمسّك بأرضنا ولن نغادرها”.
هذا الردّ المشترك من الأهالي له أبعاده وتفسيراته المحقة.