الويل للعرب أم الويل لإيران؟
أين سيكون موقع لبنان في أيٍّ من الويلين؟
بغض النظر عن الموقع بذاته، لبنان سيكون في الويل إلّا إذا نجت مؤسسة الجيش من مؤامرة طغمة الاسترباح والسلاح للتوافق على عراب مافيا يضمن لها سيطرتها على ما تبقى من البلد المنهار
كتب محمد سلام لـ “هنا لبنان”:
“الويل للعرب إذا انتصرت حماس والويل لإيران إذا انتصرت إسرائيل”، هذا ما ورد في عنوان دراسة أعدها الخبير المالي المعتمد د. فؤاد سلام لإحدى شركات الإستثمار الكبرى المهتمّة بسوق الشرق الأوسط.
يبتسم د. سلام لدى محاولة التعمق معه في الحوار مشدداً على أنّ الدراسة هي ملك الشركة التي طلبتها، موضحاً أنّ العديد من الخبراء في بيئة المال والأعمال طُلبت منهم دراسات عن ما أسماه “آفاق الإستثمار في الشرق الأوسط بعد محطة غزة”.
-محطة؟ سألت.
-“القطار مرّ بالعديد من محطات التسويات والآن يغادر إلى حقبة الفرز بين منتصر ومهزوم لتكوين محطة عالم جديد، بغض النظر عن توجه بعض العقل العربي الذي تربى في قرن محطات التسويات، وما زال مدمناً عليها، ينتجها وتنتج ما ينكسها، وهذا ما عكسه الخلاف بين التقليديين والتجديديين في القمة العربية-الإسلامية مؤخراً”. أجاب وأقفل الباب أمام مزيد من الحوار حول مضمون الدراسة.
بعد الحوار المقتضب مع دكتور سلام وبالرجوع إلى الكواليس السياسية لما بعد القمة العربية-الإسلامية تتردد قناعة افتراضية في الكواليس، بأنه إذا انتصرت حماس في غزة، وهذ احتمال مستبعد يقارب المستحيل، فإن الإعلام العربي والجبهة المؤيدة لإيران سيزينان للشعوب العربية إنتصاراً وهمياً وسيتحرك محور الإخوان المسلمين ومشتقاته مع الحليف الفارسي بعدوانية موصوفة ضد التجديديين ما سيثير اضطرابات أمنية في أكثر من دولة عربية.
هكذا كان الإعلام العربي مردداً لصدى تعليمات الأنظمة التقليدية ومنتصراً دائماً، حتى عندما فاخر بمبادلة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة الجندي الإسرائيلي المعتقل لديها أبراهام عمرام بـ 76 معتقلاً فلسطينياً لدى إسرائيل بينهم 12 فتاة فلسطينية في 5 نيسان 1978 وفق معادلة حسابية مخجلة ساوت الإسرائيلي الواحد بـ 76 فلسطينياً و.. انتصرنا.
وفي 29 كانون الثاني سنة 2004 بادل حزب الاحتلال الفارسي أسيراً إسرائيلياً واحداً على قيد الحياة وجثث 3 جنود إسرائيليين بحوزته مقابل إفراج إسرائيل عن 436 أسيراً بينهم 23 لبنانياً، و12 أسيراً عربياً و400 أسير فلسطيني وأسير ألماني وفق معادلة 3 جثث وعقيد مخابرات إسرائيلي حي= 436 أسيراً حياً من اللبنانيين والفلسطينيين وبعض العرب الآخرين… وانتصرنا.
في حرب العام 1967 التي استمرت ستة أيام هزمت إسرائيل 3 دول عربية وما انهزمنا… فقط انتكسنا. وكم روّج الإعلام لتلك الانتكاسة.
في حرب العام 1973، حرب رمضان وحرب أكتوبر المجيدة انتصرنا وعبرنا قناة السويس وهدمنا خط بارليف وما زلنا منتصرين حتى اليوم مع أنّ الجيش الإسرائيلي بقيادة آريل شارون عاد ونفذ عملية إلتفافية وحاصر الجيش المصري الثالث ووصل إلى بعد 100 كلم عن القاهرة، ما أجبر مصر على قبول وقف إطلاق النار وجرت المفاوضات في الكيلومتر 101 من القاهرة على طريق السويس… وانتصرنا أيضاً لكننا هذه المرة لم ننتكس أبداً.
ولكن، بعدما مررنا على مسار ما يمكن أن يحصل في المنطقة العربية إذا انتصرت حماس في غزة وصار المستحيل ممكناً، نعود لنسأل: لماذا جاء في عنوان دراسة الدكتور سلام “الويل لإيران إذا انتصرت إسرائيل”؟
التصور الأساسي لسيناريو مثل هذه الحالة يقوم على أنّ إسرائيل بعد انتصارها المفترض على حماس ستتحرر من القيد الأميركي الذي يحدّ من تحركاتها العسكرية لضرب جبهات الممانعة المساندة بعدما فقد، أو تخلى، أمين عام حزب السلاح الفارسي حسن نصر الله عن قيادة الساحات واكتفى بقيادة جبهات مساندة، ما يفتح الباب أمام إسرائيل لشنّ حرب “اجتثاثية” على تشكيلات محور الممانعة كلها.
الطموح الأكبر لدى إسرائيل هو أنّها بالتعاون من قوى التحالف الدولي-العربي ستتمكن من اجتثاث ساحات الممانعة في اليمن والعراق وسوريا وستتحرر من الضبط الأميركي الشديد لحلمها بمهاجمة مواقع داخل إيران لتحقيق ما تعتبره نصراً حقيقياً يعيدها لاعباً أساسياً في ميزان قوى الشرق الأوسط الجديد إلى جانب تركيا والتجديديين العرب.
السؤال الإستطرادي هو: أين سيكون موقع لبنان في أيٍّ من الويلين؟
بغض النظر عن الموقع بذاته، لبنان سيكون في الويل إلّا إذا نجت مؤسسة الجيش من مؤامرة طغمة الاسترباح والسلاح للتوافق على عراب مافيا يضمن لها سيطرتها على ما تبقى من البلد المنهار.
مواضيع مماثلة للكاتب:
لا يطلب وقف النار إلا الخاسر | هديتان من سوريا في نفس اليوم | فوز ترامب أسقط مهمة هوكشتاين في لبنان |