بعد باسيل… عون يطلب دعم “الحزب” لمنع التمديد لقائد الجيش: معركتنا على المحك!
الحزب اليوم أمام خيارين: إمّا اختيار التحالف من جديد مع التيار الوطني الحر، أو اختيار التمديد لقائد الجيش ما يعني التخلي عن الحليف المسيحي، فيما المصلحة الخاصة تقتضي بقاءه ضمن صفة الحليف في ظلّ غياب كلّ الحلفاء، فالمصالح تجمعهما خصوصاً وأنّ رئيس التيار الطموح ما زال يساوم على الوصول إلى قصر بعبدا ولا أحد غير الحزب قادر على تحقيق هذا الحلم
كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:
شهرٌ وأسبوعان تقريباً تفصلنا عن إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى التقاعد، في العاشر من كانون الثاني المقبل، وما زالت تتصدر المشهد “طلعات ونزلات” من قبل مختلف الأفرقاء السياسيين، للوصول إلى حلٍّ ما بين التمديد والتعيين وإطلاق اقتراحات قوانين للوصول إلى تسوية، قبل وقوع خطر الفراغ الثالث، على غرار ما جرى في رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان، المواقع الثلاثة المهمة المخصّصة للطائفة المارونية.
المخاوف من الفراغ الثالث تبرز اليوم بشدة، بالتزامن مع ما يجري في الجنوب، من اشتباكات يومية عنيفة والقصف الإسرائيلي المتواصل على القرى الحدودية، والتهديدات بجعل لبنان غزة ثانية، الأمر الذي يستدعي الاتفاق على حل لتفادي الفراغ المرتقب بأسرع وقت، بسبب الأوضاع الأمنية الشائكة، فيما لم يظهر حتى اليوم أي توافق نهائي بسبب الخلافات والانقسامات المعتادة حول أي ملف، لأنّ الخيارات المتاحة تتأرجح كل يوم. فأجواء الأسبوع الماضي كانت توحي بالذهاب إلى التمديد للجنرال جوزيف عون، على أثر إعلان أغلبية الأطراف السياسية الموافقة على ذلك، حتى رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الذي أبدى تفهّمه لما يجري، معلناً عدم رفضه التمديد، إلّا رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي يضع هذه المعركة في سلّم أولوياته ويطرح الحلول البعيدة عن التطبيق التي تصبّ في مصلحته فقط، فقد بقي وحيداً في معركته تلك، ويشاركه في ذلك حزب الله لكن من بعيد، إذ لم يعلن الحزب حتى اليوم موقفه النهائي من التمديد للجنرال عون، متنقلاً ما بين القبول والرفض، في موقف مبطّن غير واضح، فيما حليفه باسيل يضع الخطط التي لا توصل إلى حل، وهو يعرف ذلك مسبقاً، طارحاً تعيينات جديدة للمجلس العسكري، مع أنّه يرفض أيّ تعيينٍ من قبل حكومة تصريف الأعمال، في ظل غياب رئيس الجمهورية، لكنه يستعين بمسألة تمرير الوقت التي تفيد في معظم الأحيان، ولغاية اليوم لم يتلقَّ رئيس التيار الجواب الشافي لرفض حزب الله للتمديد، إذ يلتزم الصمت والغموض، تاركاً لحليفه العوني مهمة قطع الطريق على قائد الجيش، أي يضعه في الواجهة ليُجابه هذه المشكلة في العلن.
ميشال عون على خط الوساطة مع حارة حريك
إلى ذلك، لا يمكن إبقاء باسيل بمفرده على جبهة رفض التمديد لقائد الجيش، والحل كان بدخول الرئيس السابق ميشال عون على خط الوساطة مع حارة حريك، طالباً الدعم “لأنّ معركتنا كتيار وطني حر على المحكّ”، ما أدّى إلى إرباك الحزب، الذي يعمل على الهروب من الجواب، ويفضّل وضع الحليف في الواجهة والبقاء بعيداً، لكنّ الرئيس السابق عرف كيف “يلخبط” حليفه، وهنا ينتظر الجميع موقف حارة حريك، التي لا تستطيع التخلي ضمنياً عن عون وباسيل، اللّذين قدّما لها الغطاء المسيحي على طبق من فضّة أمام المجتمع الدولي، من هنا وُضع الحليفان في خانة صعبة، الأوّل يقود المعركة منفرداً، والثاني مضطرٌّ للمسايرة مرغماً من أجل كسب ذلك الغطاء، الّذي أعطى الكثير لـ “الحزب” أمام عيون الخارج فيما قضى على الداخل اللبناني.
في غضون ذلك، يقف حزب الله اليوم أمام خيارين: إمّا اختيار التحالف من جديد مع التيار الوطني الحر، أو اختيار التمديد لقائد الجيش، وهذا يعني التخلي عن الحليف المسيحي، فيما المصلحة الخاصة تقتضي بقاءه ضمن صفة الحليف في ظلّ غياب كل الحلفاء، فالمصالح تجمعهما خصوصاً رئيس التيار الطموح جداً وإلى أبعد الحدود والذي لا يزال يساوم على وصوله إلى قصر بعبدا، ولا أحد غير الحزب قادر لاحقاً على تأمين هذا الحلم لرئيس التيار، الذي بات وحيداً.
ميقاتي يبحث عن صيغة وباسيل بالمرصاد
في السياق، علم “هنا لبنان” بأنّ الرئيس عون تواصل أيضاً مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ليبلغه رفضه النهائي للتمديد، أي فرملة العمل الحكومي بطريقة غير مباشرة، فيما ميقاتي يبحث عن صيغة قانونية لا تمّر بوزير الدفاع موريس سليم، وتسمح للحكومة باتّخاذ قرار بتأجيل التسريح، عبر تأمين موافقة ثلثي الوزراء، لكنّ هذه الصيغة تبدو بعيدة وقابلة لتناحر كبير داخل أروقة السراي الحكومي، بسبب تعنّت الوزراء المحسوبين على التيار، الذي يصرّ رئيسه على موافقة الـ 24 وزيراً على الحل، الأمر الذي أدّى إلى وضع الملف على الرف في الوقت الحاضر، فيما باسيل ما زال مصرّاً على أن تَؤول القيادة إلى الضابط الأعلى رتبة، أي اللواء بيار صعب المقرّب منه والعضو في المجلس العسكري. كما إقترح تعيين قائد للجيش ومدير عام للأمن العام ومدير عام لقوى الأمن الداخلي، بهدف إرضاء رئيس الحكومة بالأمن الداخلي، والثنائي الشيعي بالأمن العام، فيما يكون قائد الجيش الجديد من حصة العونيين، مع الإشارة إلى أنّ لائحة أسماء عسكرية وُضعت للتعيين، من ضمنها اسم يبدو الأوفر حظاً وفق المعلومات التي تقال في الكواليس، هو مدير المخابرات العميد طوني قهوجي، الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع معظم الأطراف السياسية، لكن تبقى الأيّام المقبلة كفيلة بإطلاق الحل التوافقي المطلوب.