مناقصة الفيول: مجلس الوزراء يخالف “الشراء العام”؟
استطاع وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض أن يقنع اللجنة الوزارية المخصّصة لقطاع الكهرباء بالسير بمناقصة الفيول مع أخذ ملاحظات هيئة الشراء العام بعين الاعتبار. فهل مناقصة الفيول “شرعية” وهل ستزداد التغذية الكهربائية خلال فترة الأعياد؟
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
إستطاع وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض أن يقنع اللجنة الوزارية المخصّصة لقطاع الكهرباء بالسير بمناقصة الفيول مع أخذ ملاحظات هيئة الشراء العام بعين الاعتبار، من خلال التهويل بأنّ تأخير التلزيم سيؤدي إلى تخفيض الإنتاج.
وكانت مؤسسة كهرباء لبنان قد حذّرت من أنّ عدم وصول شحنات المحروقات في مواعيدها المحدّدة بدقة، سوف يؤدي إلى توقّف معامل الإنتاج عن العمل في منتصف شهر كانون الأول 2023، الأمر الذي سيدفع بالمؤسسة إلى اعتماد برنامج تقنينٍ قاسٍ لضمان استمرار تأمين التيار الكهربائي ولو بالحدّ الأدنى، خاصّة للخدمات الحيوية والمنشآت الحساسة كالمطار والمرفأ والمستشفيات وقطاع المياه.
أمّا الوزارة فكانت بانتظار صدور الاعتماد المستندي اللازم من قبل مصرف لبنان تغطية لثمن الفيول أويل العراقي، وبعد أن حصلت على وعود بإنهاء هذا الموضوع، أطلقت المناقصة العمومية بتاريخ 2023/10/20. وقد حرصت الوزارة على إجراء المناقصة العمومية بالسرعة القصوى، عن طريق المواءمة بين مواعيد تحميل الفيول العراقي من الموانئ العراقية، ومواعيد وصول الشحنات إلى لبنان. كما التزمت بمندرجات قانون الشراء العام بالنسبة للمهل الزمنية لإعلان التلزيم المؤقت، فترة التجميد، والتلزيم النهائي.
وقد أبدت عدة شركات عالمية اهتمامها بالمشاركة في المناقصة العمومية، وطلبت إيضاحات بحسب الأصول حول المناقصة المذكورة. وقد أجابت الوزارة على طلبات الاستيضاح هذه، ونشرتها وفقاً للأصول. وقد تقدمت ثلاث شركات بعروضها إلى لجنة التلزيم، حيث تم رفض العرض المقدم من قبل شركة ADNOC، كونه أرسل عبر البريد الإلكتروني وليس ورقياً. وبحضور مندوب هيئة الشراء العام، تم قبول العرضين الإداريين المقدمين من قبل شركتي BBENERGY DMCC و PETRACO COMPANY SA ثمّ تمّ رفض عرض شركة PETRACO COMPANY SA لأنه تضمن عرضاً مالياً لمادة الديزل أويل ولم يقدم عرضاً لمادة الغاز أويل وهنا بقي عرض وحيد مستوفٍ للشروط وهو عرض شركة BBENERY DMCC.
بناءً عليه، خاطب وزير الطاقة والمياه رئيس الحكومة طالباً إليه التوجيه بشأن السير قدماً بإجراءات التلزيم، لأنّ إعادة إطلاق المناقصة سوف تؤخّر جدول استلام المحروقات. كما أرسل الملف كاملاً إلى هيئة الشراء العام بناءً على طلبها والتي وضعت ملاحظاتها وتوصياتها.
وبعد البحث والتدقيق أعلن فياض يوم أمس أنّ اللجنة الوزارية المخصصة لقطاع الكهرباء قررت السير بالمناقصة مع الأخذ بعين الاعتبار بملاحظات هيئة الشراء العام.
فهل مناقصة الفيول “شرعية” وهل ستزداد التغذية الكهربائية خلال فترة الأعياد؟
يقول مصدر مطلع على الملف لـ “هنا لبنان”: “أنّ لهيئة الشراء العام ملاحظات على هذه المناقصة، ولعلّ أهمّها يتعلّق بالشركة العارضة. حيث من المفترض أن يكون هناك شركات عدة تخوض المناقصة ويتمّ القيام بمقارنة الأسعار والشروط الأخرى، إلّا أنّ فياض كسر الشروط وطلب السير بعرض وحيد بقي في المنافسة يعود لشركة بي بي انرجي (البساتنة).
ويتابع المصدر: “هذه المناقصة ستلزّم من خارج السياق القانوني، حيث أنّ وزير الطاقة يصرّ عليها مستغلاً فترة الأعياد، خصوصاً وأنّه شدّد على أنّ عدم تلزيم الشركة الوحيدة العارضة يعني تأخير توقيع الاتفاقية مع العراقيين، وبالتالي تأخير تسليم الشحنة وهو ما يحتّم علينا الانتظار لتقديم مناقصة جديدة أي أنّ فترة الأعياد ستكون بلا كهرباء”.
وبحسب المصدر فإنّ هذا الأسلوب اتّبعه فياض لتمرير المناقصة من أجل تأمين التغذية الكهربائية حتى لو كانت الشركة العارضة تخالف شروط هيئة الشراء العام. وهو ما يشير إلى أنّ الموضوع أصبح “لوي ذراع”. فإمّا التوقيع والحصول على الكهرباء وإما الرفض وانتظار مناقصة جديدة تستغرق أسابيع عدة.
ولكنّ قرار السير بالمناقصة يعني أنّ الشحنة ستصل قريباً، وبالتالي فإنّ التغذية الكهربائية ستزيد بمعدّل 4 إلى 6 ساعات يومياً خلال شهر كانون الأول.
وفي المحصّلة يبدو أنّ مجلس الوزراء اختار “أهون الشرّين” وأقرّ المناقصة في خطوة مخالفة لهيئة الشراء العام وبما يتماشى مع تطلعات فياض.
من جهته، يؤكد الصحافي طوني بولس لـ “هنا لبنان” أنّ “المناقصة الجديدة التي طرحها الوزير فياض ستأخذ لبنان إلى أزمة جديدة بحيث أنّ حاكم مصرف لبنان كان قد تعهد بعدم تمويل الدولة اللبنانية لأيّ شراء، في حين يطلب فياض هذا الأمر، علماً أنّنا شهدنا منذ أشهر خلافاً حول هذا الموضوع باعتبار أنّ هناك قراراً من مصرف لبنان بعدم إعطاء الدولة الدولارات (أموال المودعين) من أجل الاستيراد الخارجي”.
ويتابع: “اليوم يتذرّع وزير الطاقة بالاتفاق الذي حصل في أيار الماضي حول آلية معينة كي تتمكن وزارة الطاقة من جني الأموال بالليرة اللبنانية من المواطنين على سعر صيرفة وبعدها تطلب من مصرف لبنان تحويلها إلى دولار ومن ثم تقوم الحكومة بشراء الفيول وهذ إلتفاف على قرار المركزي”.
ويشير بولس إلى أنّ “طلب الدولارات من المركزي من أجل شراء الفيول هو أمر غير وارد رغم أنّ الودائع في مصرف لبنان بالدولار قد زادت خلال الشهر الجاري بنحو 500 مليون إلّا أنّ الفجوة المالية تحدّ من إمكانية التصرف بها”.
كما يلفت إلى “الخلاف الدائر منذ أشهر مع الشركات المشغلة لمعملي الزهراني ودير عمار بسبب عدم توفر الدولارات الكافية في وزارة الطاقة كي تسددها، هو ما دفع رئيس الحكومة إلى إيجاد مخرج من خلال تقسيطها على عدة أشهر على أن يقوم المركزي بتحويل الدولارات تدريجيا كي يتم تسديدها”.
ويختم: “مهما زادت كميات الفيول المستوردة من الخارج تبقى حلول الوزارة ترقيعية، في ظل الإشكال الحاصل مع العراق خصوصاً وأنّ العقد بين البلدين والذي ينص على تزويد لبنان بالفيول الأسود عبر بلد ثالث سيتعثّر ما يعني أن لا حلول تلوح في الأفق بالنسبة للكهرباء في لبنان”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |