لودريان في بيروت على وقع هدنة غزة.. وزيارته للضغط رئاسياً
تتّجه الأنظار في جدول لقاءات لودريان الى إمكانية لقائه “الحزب”، فكيف سيكون موقف الأخير من مقاربة ملف رئاسة الجمهورية مجدداً بعد أن كانت باريس تدعم ترشيح فرنجية لكنها عادت بعد ذلك لتعلن عبر لودريان في آخر زيارة له على ضرورة إيجاد اسم ثالث؟
كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:
على وقع هدنة غزة والتي انسحبت على جنوب لبنان بعد وساطة أميركية قطرية مصرية، يحاول الفرنسيون إستلحاق أنفسهم بإعادة ملف الإستحقاق الرئاسي اللبناني إلى الواجهة مجدّداً بعد غياب طال لأكثر من شهرين. فالموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان أعلن قبل أيام عن عزمه العودة إلى لبنان لإستكمال مهمته المتعلقة بالوساطة الفرنسية المنسقة مع المجموعة الخماسية.
وفيما انتشر خبرعودة لودريان إلى لبنان الأربعاء المقبل، أشارت مصادر فرنسية لموقع “هنا لبنان” أن لا موعد نهائي قد حُدّد بعد لهذه الزيارة لكنّ الجانب الفرنسي يسعى لإعادة تحريك ملف الرئاسة تخوّفاً وقلقاً من حصول التصعيد عند الحدود الجنوبية ولا يزال مقعد الرئاسة الأولى شاغراً ولبنان من دون رئيس. وبحسب المصادر فإنّ لودريان الّذي استلم مهامه في المملكة العربية السعودية لا يحمل أيّ جديد سوى القلق الفرنسي من تدهور الأوضاع الأمنية والرهان على تثبيت دور فرنسا في المنطقة لأنه المعني الأول بملف الرئاسة إلى جانب المساعي القطرية.
وعلى هذا الأساس بدأ السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو جولته على القيادات اللبنانية للتحضير لزيارة لودريان، وتؤكد مصادر وزارية التقت السفير الفرنسي أنّ الأجواء الفرنسية تندرج في إطار تحريك الملف الرئاسي والسعي لإخراج هذا الملف من منطق النكايات السياسية، مشيرة إلى أنّ على الأفرقاء السياسيين لا سيما المعطلين منهم إلتقاط هذه المبادرة التي تتزامن مع الهدنة بين غزة وإسرائيل وإمكانية تمديدها، إضافة إلى التواضع من أجل مصلحة الوطن لأن إنتخاب رئيس للجمهورية سيكون باباً مهماً يفتح أمام عودة الثقة الدولية في ظل الظروف الراهنة.
كما رأت مصادر نيابية في المعارضة لموقع “هنا لبنان” أن هناك حرصاً غربياً وفرنسياً بالتحديد على عدم تفتيت الدولة ومؤسساتها في لبنان، وفرنسا تعتبر أن هناك كوة قد تفتح من أجل الخروج من الأزمة الراهنة والإتيان برئيس للجمهورية تحضيراً للتسويات والحلول التي قد تشهدها المنطقة ويجب أن لا يكون لبنان بعيداً عنها أو تكون على حسابه، لافتة إلى أنّ زيارة الموفد الفرنسي ليست في إطار العلاقات العامة والإستطلاع فقط إنما للقيام بالضغط من أجل تفعيل ملف الرئاسة وحث اللبنانيين على ضرورة الإسراع في إنتخاب رئيس، وهذه الزيارة بحسب المصادر تأتي تحت مظلة اللجنة الخماسية وبدعم منها إذ أنها لا تزال تتابع الوضع اللبناني عن كثب وقد دعت إن كان عبر الموفدين أو الرسائل والإتصالات إلى عدم التصعيد والدخول في الحرب، كما أنّ فرنسا تدعم إستقرار وإستقلال لبنان في ظل العلاقات التاريخية بين البلدين.
وتتجه الأنظار في جدول لقاءات لودريان التي يبدأها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى إمكانية لقائه حزب الله من أجل إعادة ترميم العلاقات بين الجانبين إثر إنحياز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإسرائيل في حربها على غزة والتضامن معها في بادئ الأمر والعودة تحت ضغط الشارع إلى تأييد مسألة حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة ودعم الهدنة الإنسانية وصولاً إلى وقف إطلاق النار الدائم وإيجاد حل سياسي على أساس الدولتين. فكيف سيكون موقف حزب الله من مقاربة ملف رئاسة الجمهورية مجدداً بعد أن كانت باريس تدعم ترشيح فرنجية لكنها عادت بعد ذلك لتعلن عبر لودريان في آخر زيارة له على ضرورة إيجاد إسم ثالث بدل مرشح الممانعة سليمان فرنجية ومرشح المعارضة جهاد أزعور؟ فهل سيبلغ الحزب لودريان تمسكه بالمرشح سليمان فرنجية في ظل إستمرار تحقيق حماس لما تريده في غزة أو القبول بتسوية رئاسية جديدة؟
لكن الموقف الأبرز لحزب الله من إعادة الإستحقاق الرئاسي إلى الواجهة جاء على لسان رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك الذي أكد “أن على الجميع أن يتعاونوا من أجل الخروج من فراغ رئاسة الجمهورية ومن استحقاقات أخرى سواء في قيادة الجيش أو غيرها، فعندما ينتظم الرأس بإنتخاب رئيس للجمهورية سوف تنتظم كل المؤسسات وليس على اللبنانيين إلا أن يلتقوا ويجتمعوا ويتفاهموا من أجل انتخاب رئيس لكل اللبنانيين ينطلق من مصلحة لبنان ولخير اللبنانيين. وأعرب يزبك عن أنّ أيدي حزب الله ممدودة وقلوبنا مفتوحة لكل من يريد العزة والكرامة والسيادة للبنان ونحن معه ندافع عن هذا الوطن”.
أما الموقف المسيحي من الإستحقاق الرئاسي فجاء على لسان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي دعا المسؤولين السياسيين “الى الذهاب فوراً إلى الطريق الأسهل وفقاً للدستور وانتخاب رئيس للجمهورية فتحل جميع مشاكلكم السياسيّة، وتسلم جميع مؤسّسات الدولة”.
ولا يقتصر الدعم الفرنسي وكذلك الأميركي والدولي بشكل عام للبنان على الملف الرئاسي إنما أيضاً على ضرورة التهدئة في جنوب لبنان وإعادة تطبيق القرار 1701 إذ أن فرنسا نقلت رسالة تهديدية لحزب الله بضرورة الإلتزام بالقرار الدولي، وما زيارة كل من الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين الى تل أبيب وزيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى لبنان إلّا للتهدئة على الجبهة اللبنانية وتنفيذ القرار 1701 ولإعادة تحريك الملفات المجمدة ومنها رئاسة الجمهورية وترسيم الحدود البرية في ظل ترقب المحادثات الأميركية الإيرانية والتي تنعكس على المنطقة وعلى لبنان بشكل خاص والذي يعتبر ورقة مهمة في ظل الصراع مع إسرائيل.