بعد اغتيال طهران… هل لبنان بخطر؟
كتب أنطون الفتى في “أخبار اليوم”:
على وقع التسابُق مع الوقت، يبقى لبنان مسجوناً في دهاليز الإنهيار، بسبب المسار الضبابي للسّير بالتدقيق الجنائي، في حسابات مصرف لبنان ومختلف مؤسّسات الدولة، وانعكاسات إطالة مدّته (كما هو مُتوقَّع) على مستقبل اللّبنانيين ومصالحهم وودائعهم. بالإضافة الى الواقع الأمني والعسكري المُظلِم للمنطقة، على ضوء آخر المستجدات.
فردّات الفعل الإيرانية على اغتيال العالِم محسن فخري زاده، تؤكّد بما لا شكّ فيه، أدواره الحسّاسة في برنامج نووي عسكري سرّي، تنفي إيران وجوده. بالإضافة الى أدواره الأساسية في البنية التحتية النووية الإيرانية، وتجميع القنابل النووية، وصناعة الرؤوس المتفجّرة، والصواريخ الباليستية. وهو “أب القنبلة النووية” الإيرانية، بأدلّة دامغة لدى أجهزة استخبارات غربية.
“الإصلاحيون”!
في هذا الإطار، يذكر بعض الخبراء أن تطوُّر برنامج إيران النووي العسكري السرّي حصل خلال حقبات متباعِدَة. فضلاً عن أن أماكن الأنشطة النووية غير مُترابِطَة جغرافياً، بل منتشرة في أكثر من مكان، وذلك لإبعاد الشُّبُهات. وشهد التطوُّر النووي الإيراني معظم تحديثاته خلال فترات حُكم الإدارات الإصلاحية في طهران، تسهيلاً لخداع دول العالم أكثر. والهدف هو الوصول الى إنتاج رؤوس نووية، تشبه تلك التي دمّرت هيروشيما في عام 1945، وبلوغ مرحلة الإختبارات النووية.
وتزداد المخاوف في هذا السياق أيضاً، انطلاقاً من أن “الإتّفاق النووي” في عام 2015، لم يُعالج تلك الأهداف، بحسب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو ما يمكّن طهران من امتلاك قدرات عسكرية، تخرق ليس فقط التوازن الإقليمي في الشرق الأوسط، بل التوازنات العالمية أيضاً.
بعد 10 أشهر
ويأتي الاغتيال أيضاً على وقع مخاوف دولية متزايدة من أنشطة نووية “مشبوهة” ومتسارِعَة في مفاعل “نطنز” النووي، بالإضافة الى كشف صور فضائية عن مخابىء تحت الأرض، في مواقع إيرانية مُصمَّمَة لتخزين قنابل نووية.
فماذا عن لبنان والمنطقة، بعد اغتيال الذّراع النووية والصاروخية لإيران، وذلك بعد 10 أشهر من اغتيال ذراع توسُّع النّفوذ الإيراني الخارجي، وهو قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” قاسم سليماني؟
محدودة
حول انعكاسات اغتيال العالِم النووي الإيراني على لبنان، أشار النائب السابق عماد الحوت الى أن “التحدّي الأساسي هو أن الأمور تتعلّق بمختلف الأطراف اللبنانية نفسها. فهل هي ترغب بأن يكون لبنان جزءاً من ساحة الصراع الإقليمي – الدولي؟ أم انها ستعمل على تحييده، وعلى الحدّ من انعكاس عملية الاغتيال على الداخل اللبناني؟”.
ولفت في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أن “إمكانية إقدام (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب على مغامرة، ستكون محدودة لا شاملة. ففي نهاية المطاف، هو رئيس مُوَدِّع. وحتى ولو أراد تفخيخ الواقع أمام الرئيس الأميركي المُنتَخَب جو بايدن، إلا أنه (ترامب) يُدرِك أن المنظومة الأميركية الكاملة، يُمكنها أن تحاسبه مستقبلاً، على أي دعسة ناقصة في هذا الإطار”.
وقال:”لذلك، يبقى التهويل أكبر من حجمه، في ما يتعلّق بالخطوات التي من الممكن ان يُقدِم عليها ترامب، في فترة ما قبل 20 كانون الثاني القادم”.
استيعاب
ورأى الحوت أن “مواقف المسؤولين الإيرانيين بعد اغتيال العالِم الإيراني تُفيد بأنهم عمدوا الى استيعاب العملية. أما التلويح بأن الردّ سيكون نوعياً، وفي الوقت المناسب، فهُم يُدركون أنهم ليسوا بحاجة الى فتح معركة مع إدارة بايدن، لا سيّما أنهم يعوّلون على إمكانية العودة الى مفاوضات معه، تصل الى إحياء “الإتّفاق النووي”. وبالتالي، من المُستَبعَد أن يعمد الإيرانيون الى التوتير حالياً”.
وعن آفاق المستقبل اللبناني، على ضوء التدقيق الجنائي، أضاف: “في ظلّ استمرار الطبقة التي أوصلتنا الى ما وصلنا إليه من كوارث، في إدارة الأمور، فإنه من غير المنطقي أن نتوقّع نتائج إيجابية”.
وختم: “طالما أن هذه الطبقة تدير البلد بالطريقة السابقة نفسها، فإن الخطر على ودائع الناس سيظلّ كبيراً وجدّياً، والأمل بالإصلاح الحقيقي سيكون محدوداً. وما نراه ليس أكثر من محاولات لصَرْف أنظار الناس عن هذه الطبقة السياسية وممارساتها”.