عرض مقايضة مرفوض
منذ العام 2006 وإلى اليوم، سقط منطق الضمانات التي يقدّمها الحزب سقوطاً ذريعاً، لم يعد تجريب المجرب وارداً في قاموس المعارضة، ولا في قاموس المملكة العربية السعودية
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
قبل مجيء الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، كان قد وصل إلى بيروت “أبو فهد” موفد قطر، حاملاً في جعبته عرضاً مرفوضاً سلفاً.
ناقل الرسائل القطري، الذي تلعب دولته دوراً محورياً، على هامش الحرب في غزة، لم يدّعِ بأنّ هذا العرض إنتاج قطري، بل أفصح بأنّ حزب الله هو الذي يعرض، وهو الذي يتقدّم باتجاه محاولة انتخاب رئيس موالٍ له في قصر بعبدا.
العرض واضح جداً لا يحتمل الالتباس. انطلق الحزب من معادلة عدم اشتراكه في الحرب، كي يقرش هذا العرض لدى قطر، ولدى الدول الداعمة لإنهاء الفراغ، بفوز رئاسي، عنوانه، انتخاب سليمان فرنجية رئيساً، بما يفهم منه ردّ الدين الكبير، المتمثل بعدم مساندة حركة حماس بشكل فعلي.
العرض واضح جداً ولا يحتمل الالتباس. الحزب جاهز لتنفيذ القرار 1701، وهذا التنفيذ يستلزم وجود رئيس في بعبدا، تأمن له المقاومة على نفسها وسلاحها، وتحت غطائه يمكن الذهاب إلى تنفيذ هذا القرار، وتحديداً بالشق المتعلق بنزع السلاح بين الليطاني والخط الأزرق.
استبق هذا العرض وصول لودريان، الذي لا يستبعد أن يتبناه، مع ما يعني ذلك من عودة إلى تقديم الغطاء لترشيح فرنجية، وتجميل محاسن ملء الفراغ، وتقديم صورة وردية عن إمكان دوران عجلة الدولة بوجود رئيس في بعبدا، وعن فوائد تطبيق القرار 1701 بالنسبة للبنان، بما يقيه خطر الحرب.
في الرد على عرض حزب الله، معالم أكيدة لرفض المعارضة، لهذه الصفقة، التي تكافئ حزب الله على كل فعله، بدءاً من تعريض لبنان لخطر الحرب، مروراً بحماية منظومة الحكم التابعة له، وتسليطها على المال العام وإدارات الدولة، وصولاً إلى الإطباق (إذا نجح في إيصال الرئيس الحليف) على كل مفاصل الدولة.
أبلغت المعارضة الموفد القطري رفض العرض، وستبلغ لودريان بموقف مماثل، وبدأت اتصالات على أكثر من اتجاه، لتطويق هذا الإغراء، الذي يمكن أن يدفع البعض في الداخل والخارج، لتجريب المجرب، مرة جديدة، ولتلقي النتائج نفسها.
في العام 2006 وافق حزب الله على البنود السبعة، وطالب حكومة السنيورة بالإسراع بتبنّيها، ثم وافق على القرار 1701 ، لكنه التفّ بعد وقف الأعمال الحربية على كلّ ما تعهّد به، فتعثرت قوات الطوارئ ولم تنفّذ القرار، وبدا في حرب غزة، أنّ الحزب وحماس والجهاد والفجر، كلها تنفّذ عمليات عبر الخط الأزرق.
منذ العام 2006 وإلى اليوم، سقط منطق الضمانات التي يقدمها الحزب سقوطاً ذريعاً، من اتفاق الدوحة، إلى التعهد بقبول نتائج انتخابات العام 2009، إلى عدم استعمال السلاح في الداخل.
لم يعد تجريب المجرب وارداً في قاموس المعارضة، ولا في قاموس الدولة العربية الأكثر حضوراً أي المملكة العربية السعودية، التي ما زال موقفها هو هو: رئيس ينفذ الإصلاح السياسي والاقتصادي ولا ينتمي إلى أيّ طرف.
هذا العرض سيرفض، كأنه لم يولد، ولم يتقدم به أحد.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |