سلطة “متلازمة ستوكهولم”
في لبنان لا يريد اللبنانيون الحرب ولو كانوا يجاهرون عبر شاشات التلفزة بغير ذلك، لأنّ حياتهم وممتلكاتهم غالية عليهم ولأنّ أصعب ما يعيشه الإنسان هو أن يفقد أحد أحبائه إلى غير رجعة
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
١٠ ملايين دولار أقرتها الحكومة اللبنانية من أجل التعويض على من تضرّروا جراء العمليات العسكرية بين إسرائيل وحزب الله، وكما لم يكن لدى الحكومة اللبنانية أيّ مشاركة في قرار الحرب، كذلك لن يكون لديها علم أو يقين ما إذا كانت هذه الملايين العشرة من الدولارات التي ستدفعها ستكون الأخيرة أم أنّ الحرب التي قد تتجدّد في الجنوب من دون علم الحكومة سترتّب عليها المزيد من الأعباء المالية.
ربّما لم يكن باستطاعة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن يرفض طلب حزب الله بالتعويض عن المتضرّرين رغم أن لا علاقة للحكومة بالحرب، وقد تعالت أصواتٌ في لبنان وفي مقدّمها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي طالب “حزب الله بدفع هذه الأموال، وكذلك الوزراء الذين صوّتوا على هذا القرار، من جيوبهم. إذ لا يجوز تحميل اللبنانيين وخزينتهم أعباء قرارات لم تتّخذها السلطة الرسمية اللبنانية”.
وفي هذا السياق لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذا القرار الحكومي المتعلق بالتعويضات لا يتعاطى بمساواة مع اللبنانيين الذين تضرّروا بشكل مباشر وغير مباشر من الحرب في الجنوب، فالتعويضات يجب أن تطال أيضاً أصحاب كلّ المصالح والخدمات التي تضرّرت جراء الحرب، فالقطاع السياحي مثلاً لحقت به أضرار جسيمة جراء الحرب نجمت عن إلغاء حجوزات كان قد خطّط لها في خلال موسم الأعياد كما أصيبت الحركة في المرافق السياحية بتراجع كبير وكل ذلك أثّر على العاملين في هذا القطاع ومداخيلهم وهم بالآلاف ويفترض أيضاً أن تعوّض الحكومة عليهم.
في لبنان لا يريد اللبنانيون الحرب وحتى الذين هم في المنطقة الحدودية وفي بيئة حزب الله ولو كانوا يجاهرون عبر شاشات التلفزة بغير ذلك، وهم لا يريدونها لأنّ حياتهم وممتلكاتهم غالية عليهم ولأنّ أصعب ما يعيشه الإنسان هو أن يفقد أحد أحبائه إلى غير رجعة أو أن يفقد منزلاً ولو لفترة فعناء التهجير كبير ومُذلّ.
لا يريد الجنوبي أن يبني بيتاً ليعود ويُدمَّر في حرب لن تقدّم ولن تؤخّر لينتظر عندها تعويضاً يعيد بناء ما تمّ تدميره وهو لا يدري ما إذا كان ما بناه مجدداً سيبقى قائماً بعد فترة قد تقصر أو قد تطول.
لا يريد اللبناني سلطة من دون قرار وتعيش “متلازمة ستوكهولم”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في لبنان ما يستحق الحياة | تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل |