لتطبيق فوري وصارم للقرار 1701!
ترجمة “هنا لبنان”
كتب ميشال توما لـ”Ici Beyrouth”:
دفع الاجتياح الإسرائيلي للبنان في حزيران 1982، الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية في ذلك الوقت، للتوقيع على اتفاق 17 أيار (1983) الذي وضع حداً للحرب ومهّد لانسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، بعد مفاوضات طويلة وشاقة.
ولكن الإتفاق اصطدم منذ البداية بمعارضة شرسة من قبل النظام السوري ومنظمة التحرير الفلسطينية واليسار اللبناني الذي قاد حملة كبيرة لإحباطه. وانخرط المعارضون من أجل تحقيق هذه الغاية، في حملة إعلامية ممنهجة، فلم يكن يمر يوم دون إعلان أو بيان صحفي أو مقال أو تعليق أو مقابلة تركز في لبنان وسوريا على ضرورة “إلغاء اتفاق 17 أيار”.
إن مثل هذا الاستهداف الإعلامي هو ما يحتاجه لبنان اليوم، ولكن هذه المرة ليس لإحباط اتفاق ما، بل بهدف التطبيق الصارم لآخر وهو قرار مجلس الأمن رقم 1701. ويحظر هذا القرار، الذي تم تبنيه في آب 2006 بعد الحرب التي بدأها حزب الله ضد إسرائيل في تموز، أي وجود مسلح غير قانوني في منطقة جنوب الليطاني وينص على أن تخضع هذه المنطقة الجنوبية على امتداد الحدود مع إسرائيل، للسيطرة الحصرية للجيش ولقوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل.
وفي المرحلة الحالية، وبينما تعيش البلاد على فرضية تطور إقليمي يؤسس لحل دائم، يبقى الالتزام الدقيق بأحكام القرار 1701 وحده الكفيل بمنع لبنان من الانجرار إلى سيناريو مماثل لسيناريو السبعينات. ففي ذلك الوقت، ينبغي التذكير بأن الفصائل الفلسطينية المسلحة رسخت وجودها في العرقوب، في منطقة عرفت باسم “فتح لاند” (أرض فتح)، في مكان ليس ببعيد عن الحدود مع إسرائيل. ثم سيطرت الفصائل على الأرض وأطلقت قذائف الكاتيوشا مستهدفة إسرائيل، مما اجتذب غارات انتقامية استهدفت القرى اللبنانية.
واليوم، بعد مرور نصف قرن تقريباً، يهدد مناخ حرب الاستنزاف الطويلة هذه جنوب لبنان مجدداً! وسواء استمر خرق الهدنة بشكل نهائي أو استعيدت على المدى القصير، تبقى الملاحظة هي نفسها وهي ما تم التشديد عليه مرات عدة: السيناريو الأمثل لإيران، وبالتالي لجناحها المسلح، هو الحفاظ على وجود ميليشيا مسلحة على طول الحدود مع إسرائيل. وهذا من شأنه أن يسمح للحزب الموالي لإيران إما بشن حرب استنزاف ضد الجيش الإسرائيلي، أو السيطرة على الميدان واستدامة مناخ التوتر بمساعدة حلفائه حماس والجهاد الإسلامي، مع هجمات دقيقة ومدروسة إنطلاقاً من الحسابات الجيوسياسية للنظام الإيراني.
أما نحن كلبنانيين فما يهمنا في هذا السياق، هو تحديد مسار العمل الذي ينبغي سلوكه لمواجهة التهديد الناشئ عن الوضع الجديد الذي خلقه حزب الله بمفرده ودون أي مشاورات، في الجنوب اللبناني، تحت وطأة وصمنا بالـ”إنعزاليين”. وفي هذا الصدد، وبالعودة إلى التعبئة الإعلامية، لا بد أن تهيمن في المرحلة الحالية الدعوات للتطبيق الفوري والحتمي للقرار 1701، خصوصاً وأن هذا القرار اعتمد في آب 2006، بناء على إلحاح حزب الله.
كما ينبغي على التيارات والأحزاب السيادية تكثيف حملاتها الإعلامية بلا هوادة، وبشكل يومي، على جميع المستويات السياسية والدبلوماسية والإعلامية، وحتى على مستوى المجتمع المدني، والإعلانات والبيانات الصحفية والمؤتمرات والنقاشات العامة حتى يسلم المعسكر الإيراني بمهمة القوات الدولية.
أما على المستوى الشعبي، يواجه اللبنانيون آثار أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية غير مسبوقة في تاريخ لبنان المعاصر، في أصغر تفاصيل حياتهم اليومية. وهذا يعني أن دعوة لبنان للإنخراط في حروب عقيمة جديدة، لمجرد خدمة المصالح الاستراتيجية الغامضة للقوى الإقليمية، ليس أقل من جريمة بحقه وحرمان من الحق بالمساعدة لشعب معرض للخطر.
مواضيع ذات صلة :
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | في لبنان ما يستحق الحياة | هولندا تتوعّد بإلقاء القبض على نتنياهو |