فضيحة من العيار الثقيل: وزير الطاقة يصرف من حساب منشآت النفط!
آلية إنفاق الأموال العمومية في منشآت النفط تتم من دون ضبط حسابات ولا ميزانية سنوية، وحساب المنشآت الخاص المفتوح لدى مصرف لبنان هو تحت تصرف وزير الطاقة والمياه ومدير عام النفط
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
فجّر تحقيق للتفتيش المركزي قنبلة من العيار الثقيل وبالمستندات عن فساد تورط فيه وزير الطاقة والمياه وليد فياض، وكشف المستور عن تجاوزات المرفق الذي يديره “التيار الوطني الحر” على حساب الوطن والمواطن بعد أن قامت الوزارة بصرف نفقات على حساب منشآت النفط اللبنانية، خلافاً للأصول المالية، وذلك من العام 2020 وحتى العام 2023.
وللوزير فياض تجاوزات كثيرة تجلت عبر تقارير هيئة الشراء العام الأخيرة التي أثبتت سوء أدائه.
وأوضح التحقيق الذي نشرته مصادر إعلامية إلى أن آلية إنفاق الأموال العمومية في منشآت النفط تتم من دون ضبط حسابات ولا ميزانية سنوية، وأن حساب المنشآت الخاص المفتوح لدى مصرف لبنان هو تحت تصرف وزير الطاقة والمياه ومدير عام النفط.
وشمل التحقيق فواتير دفعت من منشآت النفط اللبنانية لصالح وزارة الطاقة، منها فواتير محروقات لتشغيل مولدات مبنى وزارة الطاقة ونفقات صيانة، وصيانة آليات تابعة للوزير ومستشاريه، وأكلاف سفر الوزير والمرافقين، ومحروقات لصالح الوزير بمعدل 16 تنكة بنزين شهرياً.
وسددت منشآت طرابلس في العام 2022 مبلغ 162 مليون ليرة لبنانية ونحو 34 ألف دولار، ومنشآت الزهراني سددت 128 مليون ليرة و108 آلاف دولار. وفي مطلع العام 2023 سددت منشآت طرابلس 55 مليون ليرة و1897 دولاراً، فيما سددت منشآت الزهراني 38 ألف دولار.
ووفق التحقيقات، فإن مديري منشآت النفط ومكتب بيروت سددوا هذه الفواتير التي طلبها الوزير ومدير عام النفط (أورور فغالي قبل تقاعدها) من مالية المنشآت، وبتعليمات وتوقيع الوزير. وذلك من دون التقيد بأي آلية أو أصول قانونية تحدد كيفية اختيار الجهة المستفيدة.
كما كشف التحقيق أن جزءاً من الاعتمادات الملحوظة في موازنة الدولة لتغطية النفقات لوزارة الطاقة بقيت من دون استعمال وصرف. وتم اللجوء إلى تحميل منشآت الزهراني وطرابلس كلفة فواتير كان ينبغي أن يتم صرفها من الاعتمادات المخصصة للوزارة. وقد “دفعت المنشآت التكاليف بغياب أي عملية تلزيم، الأمر الذي يدل على أن الوزير قد عدل عن الإنفاق وفقاً لقوانين الموازنة، واختار سلوك طريق آخر خلافاً للأصول”.
أما في ما يتعلق بفقدان كميات من المحروقات من منشآت الزهراني، فقد أرفق الوزير تقرير شركة LIIC وهي شركة تدقيق كلفها الوزير بتاريخ 30 كانون الثاني 2023 للقيام بمسح شامل عن المخزون النفطي.
لكن تبين أن تقريرها صدر بناء على المستندات والتقارير المقدمة من منشأة النفط نفسها، ولم تقم هي بالكشف الميداني. لا بل تبنت الشركة ما يقوله الفنيون والإداريون في المنشأة، بأن قسماً من المواد يزعم أنها مفقودة فيما هي في الحقيقة مزيج أو فضلات لأنواع عدّة من المحروقات تم تجميعها في الخزان رقم 803 وهي مؤلفة من كميات من البنزين والديزل!
ووفق التحقيق، فإن حركة المحروقات الشهرية التي أعدتها الشركة أظهرت خسائر في معظم الأشهر خلال العام 2022 بشكل يتجاوز المسموح به جمركياً، بما يتعلق بالمازوت والبنزين. أما بما يتعلق بالفيول، فقد أظهرت البيانات عدم وجود أي حركة استيراد وتسليم، ورغم ذلك تبين وجود حركة زيادة ونقصان كبيرة وغير طبيعية في الكميات خلال هذا العام، بشكل لا ينسجم مع عدم وجود أي حركة.
وخلص التحقيق إلى أن هناك مسؤولية على وزير الطاقة ومدير عام النفط السابق أورور فغالي بشكل مباشر في استعمال أموال عائدة للمنشآت خلافاً للأصول القانونية. وتستدعي التجاوزات الحاصلة إحالة القضية إلى ديوان المحاسبة والنيابة العامة لديه، والنيابة العامة المالية.
وأوصى التفتيش إيداع النيابة العامة المالية النتائج والمعطيات المتوفرة بما يتعلق بفقدان كميات المحروقات، والطلب من وزارة الطاقة وضع ميزانية وفق الأصول لمنشآت النفط وإعادة تكليف شركة تدقيق مختصة للقيام بمسح المخزون النفطي.
فهل تتحرك الجهات القضائية للتحقيق في الاتهامات المنسوبة لوزير الطاقة؟
تؤكد مصادر خاصة لـ “هنا لبنان” أنّ “هيئة الشراء العام أثبتت من خلال تقاريرها الأخيرة سوء أداء وزير الطاقة والمياه في المناقصات ليأتي التفتيش المركزي ويكشف أيضاً فساده، ولو كنا في دولة تحاسب وتدقق لكان فياض تعرض للمساءلة على الأقل من مجلس النواب عندما دخل على لجنة التلزيم وأجرى اتصالاته الشخصية لتأمين مستند ما لصالح عرض شركة محددة وهو يعتبر تدخلاً شخصياً من قبله وأداءً غير مثالي”.
وتتابع المصادر “اليوم كشف تحقيق التفتيش المركزي الذي استند إلى وقائع ومستندات أن وليد فياض استخدم أموالاً عامة لتسيير مصالحه الخاصة، وهو أيضاً أداء غير مثالي، مشدداً على أن التحقيق يجب أن يكون برسم القضاء المختص ومجلسي النواب والوزراء وجميع المراجع المعنية، لإظهار حقيقة الموضوع، وفي حال ثبتت المخالفة يجب أن يحاسب الوزير أمام القضاء”.
وبحسب المصادر “تحقيق التفتيش المركزي هو بمثابة إخبار للجنة الأشغال والطاقة، التي يجب عليها استجواب فياض واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه لأن ما كشفه التحقيق أمر خطير للغاية فاستعمال مال عام لمصلحة خاصة ينطبق عليه تعريف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وجميع الاتفاقيات الإقليمية ولبنان ملزم بمندرجاتها”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |