بين الماضي والحاضر


خاص 8 كانون الأول, 2023

في الماضي الجنوبي وحاضره الدولة غائبة لا وجود لها ولا قرار لها في مسألة الحرب والسلم وفي إحداث تغيير جذري في التاريخ الدموي المستمر عند الحدود الجنوبية


كتب بسام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:

منذ أكثر من خمسين عاماً وحتى اليوم لم يتغير الوضع في جنوب لبنان لجهة المواجهات مع إسرائيل، تغيّر بعض اللاعبين ولكن الشعار لا يزال هو نفسه “تحرير فلسطين من الإحتلال الإسرائيلي”، وفي خلال كل هذه الفترة الزمنية دفع اللبنانيون الجنوبيون الثمن من ممتلكاتهم وأرواحهم جراء الهجمات الإسرائيلية ودورات القتال والعنف المتبادل.

كان الفدائيون الفلسطينيون أول من قصفوا كريات شمونة المستعمرة الإسرائيلية منذ النصف الثاني من الستينات وهي قصفت في السبعينات والثمانينات والتسعينات وحتى اليوم، قصفها الفلسطينيون المنتمون إلى منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الفلسطينية الأخرى، واليوم يقصفها حزب الله وفصائل فلسطينية لم تكن موجودة في الماضي مثل حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، وبالتالي فإنّ جغرافيا المعركة لم يتغير فيها الكثير على جبهة القصف المتبادل سوى أنّ الصواريخ التي تطلق من لبنان وتحديداً من قبل حزب الله أصبح مداها أبعد وأصبحت أكثر دقة، أما ما تغير في شكل استراتيجي فهو وجود احتمال كبير أن يقوم حزب الله بهجوم بري يستهدف مناطق في شمال إسرائيل وهو ما لم يكن متوفراً مع الفدائيين الفلسطينيين الذين ورغم ذلك اخترقوا السياج الحدودي الجنوبي أكثر من مرة.

في الماضي الجنوبي وحاضره الدولة غائبة لا وجود لها ولا قرار لها في مسألة الحرب والسلم وفي إحداث تغيير جذري في التاريخ الدموي المستمر عند الحدود الجنوبية، ولأنّ الدولة ليست موجودة لم ينفذ في السابق القرار ٤٢٥ وكذلك لا ينفذ اليوم القرار ١٧٠١ ما يضع لبنان أمام تهديد إسرائيلي جدي لا أحد يدري ما إذا كانت الجهود الأميركية والفرنسية ستؤدي إلى تعطيله.
تقع الدولة اللبنانية اليوم بين مطرقة إسرائيل وسندان حزب الله، فإسرائيل تمكّنت من أن تكوّن رأياً عاماً دولياً مؤيداً لها في حال تحركت ضدّ لبنان بشكل شامل وهذا ما دلت عليه التحركات الأميركية والفرنسية تجاه لبنان، وقد استخدمت واشنطن وباريس الدولة العاجزة كصندوق بريد لإرسال الرسالة الإسرائيلية إلى حزب الله رغم أنّ الإسرائيليين يطلقون تهديداتهم في شكل علني، وتحتار الدولة أيضاً في موقف حزب الله فهي تدرك أنها لن تحصل منه على أيّ جواب واضح والأرجح أنها لن تحصل على جواب بالمرة وبالتالي لا يستطيع من هم في السلطة أن يعودوا للأميركيين والفرنسيين بأي توضيح أو معلومة تساهم في تهدئة المخاوف من توسع الحرب.
في المفاوضات التي يجريها الفرنسيون والأميركيون بين إسرائيل وحزب الله يجري التفتيش عن ثمن يدفع للحزب كي يوقف الحرب عند الحدود وتتراوح عروض هذا الثمن بين مكاسب داخلية ومكاسب عند الخط الأزرق وفي مزارع شبعا ما يتيح للحزب الإعلان عن نصر يكون بحجم مساندته لقطاع غزة في وجه العدوان الإسرائيلي هناك، ولكن السؤال هنا هل يقبل الحزب بالثمن الذي قد يطلب منه في المقابل وهو بالتأكيد سيكون على المستوى العسكري والأهم هل ستقبل طهران بكل ما يجري البحث في شأنه حاليأ؟
واضح أنّ طهران لا تريد الحرب، لكنها في المقابل لا تريد أن تخسر أوراقاً في المنطقة وتريد في الوقت ذاته أن تحقق مكاسب لصالح قضاياها وفي مقدمها معالجة خلافاتها مع الأميركيين.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us