من سيكون مسؤولاً عن لبنان في شباط “قائد أم رئيس”؟
ما يقلق إيران أكثر ليس الشغور الرئاسي، بل ما يمكن تسميته بالشغور العسكري لوجودها في جنوب لبنان كونه الأساس الذي بنت عليه دعائم المجد الإيراني فوق أطلال الدولة اللبنانية التي نخرها سوس الفساد.
كتب محمد سلام لـ “هنا لبنان”:
هل بدأ الإستشعار الإيراني يلتقط إشارات توحي للنظام بأنه سيفقد “كامل” سيطرته على لبنان التي أسس لها عندما أوعز إلى قائد حزب سلاحه حسن نصر الله بتوقيع مذكرة تفاهم مع رئيس التيار العوني ميشال عون في 6 شباط 2006 وتوجها يوم أوصله إلى رئاسة الجمهورية بعد 10 سنوات وتحديداً في 31 تشرين الأول 2016 بعدما دجّن له منافسه السني بغزوة بيروت في 7 أيار العام 2008، وحققت له قطر بعد أسبوعين بالتحديد تسويتها التي حملت إسم عاصمتها الدوحة فأعطته المثالثة؟
مجد سيطرة إيران على “كامل” لبنان “إهتز ولم يسقط”، عندما إنتهى عهد ميشال عون في 31 تشرين الأول 2022 ولم يستطع حلف الممانعة إيصال إي حليف للمحور الإيراني- الأسدي إلى رئاسة الجمهورية.
ما يقلق إيران أكثر ليس الشغور الرئاسي، بل ما يمكن تسميته بالشغور العسكري لوجودها في جنوب لبنان كونه الأساس الذي بنت عليه دعائم المجد الإيراني فوق أطلال الدولة اللبنانية التي نخرها سوس الفساد، فوصلت إلى جهنم التي وعد اللبنانيون بها.
الإشارات الأولى التي حركت القلق الفارسي جاءت من صحيفة يديعوت أحرونوت المقربة جداً من دوائر التخطيط العسكري الإسرائيلي إذ ذكرت أن البحث في إسرائيل الآن يتركز على ما بعد حرب غزة، وتحديداً على وضع الجبهة الشمالية مع لبنان والذي يتطلب “دفع حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، وإبعاده عن الحدود بواسطة حل دولي يستند إلى القرار رقم 1701، الصادر عن مجلس الأمن في الأمم المتحدة”.
وأضافت الصحيفة في تحليلها: “يعتقدون في إسرائيل أنه من دون هذا الحل، ستكون هناك حاجة إلى استخدام القوة العسكرية من أجل طرد حزب الله من جنوب لبنان”.
لكن إدراك أميركا وفرنسا وغالبية الدول العربية أن ظروف لبنان الداخلية، السياسية والطائفية والمالية، لا تتيح له تطبيق الـ 1701، دفع باتجاه خطة بديلة تحظى بموافقة من المعنيين الدوليين والإقليميين تقضي بسحب مقاتلي حزب الإحتلال الفارسي من “منطقة عازلة بعمق 40 كلم عن الخط الأزرق بإتجاه الشمال وصولاً إلى منطقة إقليم التفاح” أي ضعف عمق منطقة عمليات الخط الأزرق وقوات اليونيفل كما هي محددة في نص القرار.
لذلك أطلقت إيران مروحة حلفائها والمتعاونين معها في لبنان والمنطقة لعرقلة أي خطة لحقبة ما بعد حرب غزة ومن ضمنها تمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون بعدما كان التوافق عليها متوفراً، سواء بقانون يشرّع في المجلس النيابي أو تأجيل تسريح القائد بقرار حكومي.
ويقول سياسي لبناني رفيع إن فرنسا – التي ستصل وزيرة خارجيتها كاترين كولونا إلى لبنان يوم الجمعة للقاء مسؤولين لبنانين والإجتماع إلى ضباط الكتيبة الفرنسية العاملة في اليونيفل – توصلت مع إيران إلى ما يشبه “إقتراح تسوية يسمح لعناصر من حزب الله بالبقاء في الجنوب بصفة مراقبين ضمن مراصد على طول الشريط الحدودي بالمشاركة مع جنود اليونيفل والجيش اللبناني”.
ولم يعرف ما إذا كان الرئيس ماكرون سيزور لبنان وفق ما تردد، خصوصاً بعدما فُتح صراع الملاحة الدولية مع الميليشيات الحوثية التابعة لإيران عبر باب المندب، ما يعرقل التوصل إلى أيّ تسوية مع إيران في لبنان، ومناطق أخرى، كون الصراع عبر باب المندب من شأنه أن يحول إيران إلى “عدو دولي”، وفق وصف السياسي اللبناني.
السياسي المخضرم، الذي تحدث شرط عدم الإضاءة على صفته وهويته، أبدى استياءه من صيغة التسوية معتبراً أنها تؤدي إلى “تطبيع بين لبنان وإسرائيل، كما إلى تشريع لوجود الميليشيات الإيرانية التي لا يوجد أي قانون لبناني يشرع وجودها أو وجود غيرها” معتبراً أنها صيغة “سيئة بوجهيها”.
على الجانب الإسرائيلي للحدود مع لبنان، يوضح السياسي، ستنتشر قوات أميركية لتقدم ضمانتين، واحدة لإسرائيل بأنها سترصد وتمنع أي اعتداء من لبنان عليها، والثانية للبنان بأنها لن تسمح باعتداء إسرائيلي عليه.”
“فما هو مبرر وجود عناصر حزب الله في أبراج الرصد في جنوب لبنان؟” يتساءل السياسي ويضيف: “سيتهم بالخيانة أي مسؤول لبناني سيقبل بالتوقيع على صيغة تطبّع مع إسرائيل وتشرعن ميليشيا يحظّرها الدستور اللبناني”.
وبدا لافتاً منع إسرائيل عودة سكان المستوطنات المحاذية للبنان قبل إخراج حزب الله من جنوب لبنان بعدما رُفع شعار رسمي في الأوساط الحكومية يتعهد بأنّ “الوضع في جنوب لبنان بعد إنتهاء حرب غزة لن يعود كما كان قبل حرب غزة.”
وبالتزامن مع تصاعد إمكانية إندلاع حرب الملاحة الدولية مع ميليشيات إيران الحوثية عبر مضيق باب المندب، بعد إعلان إسرائيل أنها أرسلت فرقاطة ساعر-6 الحديثة إلى البحر الأحمر لتنضم إلى بقية قطعها البحرية والقطع البحرية لدول أخرى في مواجهة تهديدات ميليشيات إيران الحوثية للملاحة الدولية، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية عن مسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن قولهم إن الجيش الإسرائيلي بدأ ضخّ مياه البحر في شبكة أنفاق حماس بغزة، وسارع بايدن إلى الإعلان أنه لا يوجد رهائن في الأنفاق.
السياسي اللبناني قال إن معلومات وصلته من دبلوماسي غربي تقدّر أن تستغرق عملية الضخ ستة أسابيع، أي حتى أوائل شهر شباط المقبل.
فمن سيكون المسؤول الذي سيدير لبنان في المفاوضات الآتية لترتيب خارطة المنطقة؟ رئيس أم قائد؟
لا يمكن التنبؤ بجواب، لذلك يُطرح السؤال: هل كان النائب جبران باسيل سيشن هجوماً كالذي أطقله من مؤتمر صحافي ضد قائد الجيش لو كان واثقاً أن معسكره الممانع سيستمر في الإمساك بمقاليد البلد كما كان ممسكاً بها خلال عهد الرئيس ميشال عون؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
لا يطلب وقف النار إلا الخاسر | هديتان من سوريا في نفس اليوم | فوز ترامب أسقط مهمة هوكشتاين في لبنان |