ما قبل قبل الليطاني
ستطرح أسئلة كثيرة عن طبيعة هذه الترتيبات، التي تعني إسرائيلياً، انسحاب الحزب إلى ما قبل قبل الليطاني، والتي هي من طرف الحزب، التفاف بحركة مرنة تؤدي إلى تجنب الحرب، وإلى بقاء التماس على الخط الأزرق بتواجد عسكري حقيقي لا صوري
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
بعد معادلة ما بعد بعد حيفا، أتت معادلة ما قبل قبل الليطاني والتعبير للدكتور فارس سعيد، الذي يقرأ بعض المتغيرات في السياسات الإقليمية، وتوازنات القوى في المنطقة.
الواضح أنه وبعد عملية غلاف غزة، بدأ حزب الله عملية استيعاب للتداعيات المتوقع حصولها بفعل تغير العقيدة القتالية لإسرائيل، فتراجع سلم أولوياته وخطوطها الحمر تراجعاً سريعاً وملحوظاً، فمن بداية المعركة طرح الحزب خطاً أحمر هو الهجوم البري الإسرائيلي في غزة، وعندما بدأ هذا الهجوم تراجع الخط الأحمر، وأعلن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، أنّ هزيمة حماس هي خط أحمر، ومع تطور الوضع الميداني ومحاصرة الجيش الإسرائيلي لخان يونس والعمليات المتقطعة في شمال القطاع، يتوقع أن ينتقل الخط الأحمر إلى تراجع جديد.
الواضح أيضاً أنّ إسرائيل نالت ضوءاً أخضر سيمكنها من استمرار عمليتها العسكرية في غزة لأسابيع ولأشهر، مع شرط سماحها بدخول المساعدات الإنسانية، وهذا ما سيعطي الجيش الإسرائيلي القدرة على مواجهة حرب العصابات التي تشنها حماس من بيت إلى بيت ومن شارع إلى شارع. ورغم بسالة المقاتل الحمساوي، والتضرر النسبي لمنظومة القيادة والسيطرة للحركة، ما زال مقاتلوها يفرضون إيقاعهم بعمليات موجعة توقع خسائر بشرية في الجنود الإسرائيليين، وما زالت تمنع الجيش الإسرائيلي من تحقيق هدفين كبيرين: استرداد الأسرى وإنهاء حكم حماس للقطاع.
كل هذه التطورات الميدانية يقرأها حزب الله بعين المراقب والمتحسب، فالسيطرة الإسرائيلية على غزة إذا حصلت ستكون البداية المحتومة، لفتح ملف جنوب الليطاني وتطبيق القرار 1701، وليست عملية اغتيال القائد في الحرس الثوري في دمشق رضي موسوي خارج هذا السياق. إنها الإنذار الأول الذي يؤشر إلى حتمية اندلاع الحرب على جبهة لبنان، وكل ذلك على وقع ما يجري في غزة، وفي توقيت تحدده نهاية المعارك في القطاع.
عملياً بدأ الحزب بتطبيق سياسة التحسب لما هو آت. التقارير الإسرائيلية عن سحب فرقة الرضوان إلى شمال الليطاني، يجدر التوقف عندها، وهذا إن حصل، لا علاقة له بالتصعيد النسبي في شن العمليات عبر الحدود، بل يمكن لهذه العمليات أن تكون غطاء لبداية تلبية بعض الشروط الدولية، كما أن أي رد متوقع من الجنوب على اغتيال موسوي، لن يكون خارج سياق التفاوض على الترتيبات الممكن التوافق عليها برعاية أميركية، لأن هذا الرد لا يفسد للمفاوضات غير المعلنة قضية.
ستطرح أسئلة كثيرة خلال الأسابيع المقبلة، عن طبيعة هذه الترتيبات، التي تعني إسرائيلياً، انسحاب الحزب فعلياً، إلى ما قبل قبل الليطاني، والتي هي من طرف الحزب، التفاف بحركة مرنة تؤدي إلى تجنب الحرب، وإلى بقاء التماس على الخط الأزرق بتواجد عسكري حقيقي لا صوري.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |