مَن أجرى المصالحة بين ميقاتي وسليم ومَن نسفها بعد ساعات قليلة؟
تدخلات باسيل كانت واضحة، لأنه لن يقبل بسقطة أخرى على غرار ما جرى في ملف التمديد لقائد الجيش، ولأنه لم يستيقظ بعد من السقطة الأولى لن يسمح بأخرى مشابهة
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
يمكن القول أنّ العلاقة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الدفاع موريس سليم، تتأرجح بين “الصلحة” لساعات قليلة، والقطيعة والغضب لوقت طويل، بحسب ما يُظهر المشهد السياسي بين الطرفين، بعد الردود المتبادلة خصوصاً من قبل الوزير سليم، الذي لم يترك للصلح “مطرحاً”، لأنّ “زعله” لا ينسى منذ تلك الرسالة الشهيرة التي تلقاها من ميقاتي، يطلب فيها عرض أسماء للتعيينات العسكرية بأسرع وقت، حينها حضر سليم إلى السراي، ودخل مكتب ميقاتي معاتباً إياه على الرسالة وبصوت مرتفع، سمعها الحاضرون في المقرّ الحكومي، الأمر الذي دفع برئيس الحكومة للقول “سأتعامل مع وزير الدفاع بشكل رسمي من الآن فصاعداً”، وهكذا كان، إذ استمر الإشكال بالمراسلة من خلال تبادل السهام غير القاتلة لكن الجارحة، ما جعل العلاقة سيئة وتتطلّب تدخّلاً على مستوى بارز، بعد أن ظهر عتاب سليم إلى الواجهة وقوله بطريقة غير مباشرة “لا للمصالحة”، ما أوصل العلاقة إلى القطيعة فيما مسألة التعيينات العسكرية “بالدق”، لذا بدأت الوساطات بلعب دورها، خصوصاً من قبل متروبوليت بيروت لطائفة الروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، الذي ووفق معلومات “هنا لبنان” لعب الدور الأكبر، وطلب من إبن الطائفة الوزير سليم ضرورة إجراء مصالحة، وزيارة السراي لطيّ صفحة الماضي، ومناقشة ملف التعيينات العسكرية والوصول إلى حل، وإذا بالوضع ينقلب إيجابياً، بعد لقاء الرئيس ميقاتي المطران عوده لتقديم التهاني بالأعياد، فكانت المفاجأة بعد ساعات قليلة إثر زيارة سليم السراي الحكومي، برفقة وزير الثقافة محمد مرتضى، الذي دخل بدوره على خط المصالحة، لإزالة السجال الذي حصل في الجلسة الوزارية الأخيرة مع الرئيس ميقاتي، ووُصف حينها الاجتماع بالإيجابي جداً، خصوصاً أنّ وزير الدفاع عبّر عن أسفه لسوء التفاهم الذي حصل سابقاً، مؤكداً احترامه لمقام رئاسة مجلس الوزراء وتقديره للرئيس ميقاتي وموقعه.
برّي وشرف الدين ساهما أيضاً في المصالحة
إلى ذلك ووفق المعلومات، فقد لعب رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ووزير المهجرين عصام شرف الدين دوراً أيضاً في تبريد الأجواء المتشنجة وحلحلة هذا الملف العالق، الذي أخذه البعض نحو مسار مخالف بهدف زرع الفتنة الطائفية، وكأنه خلاف سنيّ- أرثوذكسي، فيما هو مغاير كليّاً، لكن بعض الأطراف تعمل للإصطياد في المياه العكرة لغاية في نفسها، وهي باتت معروفة.
هذا اللقاء الذي ترك ارتياحاً سياسياً عشية الأعياد، مع إمكانية أن يؤدي إلى حل، خصوصاً في مسألة تعيين رئيس للأركان مطلع العام، بعد تصريح سليم وخروجه مرتاحاً من السراي، حيث تم الاتفاق على لقاء ثان لإنهاء الملف، للأسف لم يدم طويلاً، لأنّ كلام النهار نُسف قبل ساعات المساء الأولى في الكواليس الضيقة وفق مصادر “هنا لبنان”، أي على بعد ساعات قليلة جداً، وكأنّ انقلاباً قد حصل، ليسارع وزير الدفاع بإطلاق رشقات كلامية ضد ميقاتي “لم تترك للستر مغطى”، لافتاً إلى أنه لم يعتذر من رئيس الحكومة كما ورد في بيان الأخير، ولقاء الخميس حصل بناءً على رغبته، بحسب ما نقل إليه صديقه الوزير مرتضى، وبأنه اتصل بمستشار ميقاتي طالباً منه إبلاغه بأن الاتفاق قد نُسف، مع ضرورة نسيان عنوانه…
وزير المهجرين نقل أجواءً إيجابية ولكن..!
في السياق، وبعد إعلان وزير المهجرين عصام شرف الدين، بأنّ الوزير سليم بدا إيجابياً جداً ويريد القيام بالتعيينات، لكن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل هو مَن يعرقل الحل، توضحّت الأمور، فاستاء جداً وزير الدفاع من هذا التصريح وأراد “ضبضبته”، فاتّصل بشرف الدين ولامه على كلامه، معلناً على الفور بأنّ الحل لديه لن يكون إلا وفقاً للدستور وقانون الدفاع، كما أطلق الرشقات في اتجاه السراي قائلاً: “أوضحت للرئيس ميقاتي أنّ شؤون المؤسسة العسكرية هي من أولى اهتماماتي على الدوام، وانني الأدرى بشعابها وبما يصبّ في مصلحتها والمصلحة الوطنية”.
ميقاتي ردّ من بكركي وفضح باسيل
بعد كل هذه الردود، حسمها رئيس الحكومة من بكركي، بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي، غامزاً من قناة مرجعية الوزير سليم السياسية، المتمثلة بالنائب جبران باسيل، الذي أوعز له بتغيير آرائه بعد الاجتماع ، لأن ما حصل خلال اللقاء مغاير للحديث الذي أدلى به ليلاً.
مصادر سياسية مطلعة على ما جرى أكدت لموقع ” هنا لبنان”، بأنّ تدخلات باسيل كانت واضحة، لأنه لن يقبل بسقطة أخرى على غرار ما جرى في ملف التمديد لقائد الجيش، ولأنه لم يستيقظ بعد من السقطة الأولى، لذا لن يسمح بأخرى مشابهة، وأشارت إلى انّ مسألة التعيينات العسكرية لن تحّل مطلع العام، كما يعتبر البعض، ورأت بأنّ الخلاف بين الطرفين تحول إلى صراع على الصلاحيات، والنائب باسيل لن يسمح بتمرير هذه المسألة كما يريد خصومه، بل سيعمد إلى التصعيد والأيام القليلة المقبلة ستؤكد ذلك.