هل تتوسّع قواعد الاشتباك بإستهداف قيادات فلسطينية في قلب بيروت؟ وكيف سيكون الردّ؟
إغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري شكّل مفاجأة بعد وقوعه في عقر دار الحزب، ما طرح سلسلة أسئلة عن كيفية هذا الخرق المخابراتي في المنطقة التي يسيطر عليها الحزب
كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:
لا شك في أنّ اغتيال القيادي في حركة حماس، ورئيس مكتبها السياسي صالح العاروري مساء الثلاثاء في غارة إسرائيلية، استهدفت مكتباً للحركة في منطقة المشرفية بالضاحية الجنوبية لبيروت، شكلّ مفاجأة بعد وقوعه في عقر دار حزب الله، وطرح سلسلة أسئلة عن كيفية وقوع هذا الخرق المخابراتي في المنطقة التي يسيطر عليها الحزب؟
كما اغتيل مسؤولان في “كتائب عز الدين القسام” سمير فندي وعزام الأقرع، وأربعة من المرافقين، الأمر الذي دعا البعض إلى التخوّف من المرحلة القريبة المقبلة، فقد تكون تلك العملية التي نفذت عبر مسيّرة إسرائيلية، بمثابة مغامرة من قبل اسرائيل ستدفع ثمنها حماس أو حزب الله، الذي توعّد على الفور بالرد، خصوصاً أنها وقعت في معقله، الذي يأوي نحو مليون نسمة، حيث الحضور الكبير للحزب، إضافة إلى مقرّه الرسمي ومكاتب نوابه وقادته ومنازلهم، مما يعني أنّ رسائل إسرائيل جاءت مزدوجة وفي اتجاهات عدة، اغتيال كبار القادة الفلسطينيين لحماس من جهة، وضرب وتهديد وخرق معقل حزب الله وحاضنته الشعبية من جهة أخرى.
إلى ذلك سأل مصدر أمني عبر موقع “هنا لبنان” عن موقف حزب الله، بعد الإختراق الأمني الإسرائيلي لمربّعه الأمني في الضاحية الجنوبية، على الرغم من كل الإجراءات التي يتّخذها في المناطق المسيطر عليها، وعن كيفية توجيهه الإتهامات بالعمالة إلى بعض الأطراف والأحزاب اللبنانية، فيما الصورة واضحة جداً ففي عقر داره يوجد عملاء ساهموا في نجاح تلك العملية.
مخاوف من عمليات اغتيال أخرى في لبنان
بعد تنفيذ عملية المشرفية، دخل لبنان في مرحلة ضبابية جديدة من نوعها، تسودها التوقعات السلبية المرتبطة بالواقع الأمني في البلاد، وارتدادات ما يحصل على الجبهة الجنوبية على الواقع الداخلي. ولا تخفي مصادر أمنية في هذا السياق مخاوفها من استغلال ما يحصل جنوباً لخلق بيئات حاضنة للمجموعات المسلحة الداخلية. بالتزامن مع التهديدات الإسرائيلية اليومية للبنان، بتنفيذ عمليات اغتيال وتصفية كوادر تابعة لحزب الله، أو الفصائل الفلسطينية التي تستهدف إسرائيل من الجنوب اللبناني.
في غضون ذلك ثمة أسئلة تطرح أمام هذه المشاهد القاتمة، حول إمكانية اتساع الحرب نحو الداخل اللبناني، والتداعيات التي يمكن أن تحملها معها للبنان. وسط محاذير من اهتزازات أمنية ستترجم بعمليات اغتيال أخرى، أو حوادث متنقلة بين المناطق لتفجير الوضع، وزعزعة الاستقرار وإدخال لبنان في المزيد من الفوضى.
الجنرال خلف: لا توسّع لقواعد الاشتباك
وفي هذا الإطار يشير العميد المتقاعد جوني خلف في حديث لموقع “هنا لبنان” إلى أنّ العمليات العسكرية لن تتوسّع كما يعتقد البعض، ولن يكون لبنان غزة ثانية، وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قد علّق فور استهداف القيادي في حماس صالح العاروري والقياديين الآخرين، بالإشارة إلى أنّ العملية ليست موجهّة ضد لبنان أو حزب الله، مما يعطي تفسيراً بعدم توسيع العملية، وقال: “لكن مخابراتياً إستطاع الإسرائيليون تنفيذ العملية في الضاحية، أي في عقر دار “الحزب”، ولو حصل الاستهداف عبر سيارة مفخخة أو تم قتل أحد قادة حزب الله لتغيرت المعادلة، وهذا يعني أنّ رقعة الاشتباك لن تتغير، كما ليس هنالك أي اتفاق دولي على ذلك.
أين دور الحكومة إزاء ما جرى؟
ورأى العميد خلف بأن ليس هنالك من رسالة إلى حزب الله بمعنى التهديد، لكن هناك خرقاً أمنياً بالتأكيد أصاب الهدف، وهذا ما شهدناه أيضاً في إسرائيل وبقوة خلال عملية طوفان الأقصى، التي أكدت وجود عملاء إسرائيليين كثر.
وأشار من جهة أخرى إلى أنّ ما حصل مساء الثلاثاء جاء بالتزامن مع عودة مرتقبة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، لتنفيذ القرار 1701 ولإعادة طرح ملف الترسيم البرّي والحد من المعارك وتداعياتها السلبية على لبنان، معتبراً أنّ كل هذا قد يُسرّع أو يباعد في حل الملف الرئاسي، وقد يبقي لبنان من دون رئيس.
وسأل خلف: “أين دور الحكومة والاجتماعات الأمنية المفترض أن تحصل بعد الذي جرى في المشرفية؟ مستغرباً عدم حصول أي شيء في هذا الإطار، وتابع: “كيف يحصل اعتداء على الأراضي اللبنانية ولا نشعر بوجود أي سلطة سياسية أو عسكرية فأين الاستنكار على الأقل؟
“الحزب” لن يقوم بأي ردّة فعل
وعن ردة فعل حزب الله، قال خلف: “لن ينجر “الحزب” إلى أي ردة فعل أو معركة، لكن هل سيجمع قادة المحاور الإيرانية، أي حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله والحوثيين، لتوحيد الساحات؟ معتبراً أنّ هذا الجمع كان من الأفضل لو تمّ خلال الهجوم الأساسي وبدء المعركة على غزة في 7 تشرين الأول الماضي”. وأضاف: “ستتكرّر العمليات الإسرائيلية ضد أهداف بشرية في حماس، أينما تواجدوا في الدول العربية، لكن على لبنان أن يتّخذ قراراً فورياً بعدم مجيء القادة الفلسطينيين إلى لبنان، الذي يعاني من فلتان أمني، وهنالك غرف عمليات ومراكز أمنية فلسطينية، وهذا يعني تهديد أمن البلد المكشوف أصلاً، سائلاً: “هل يتحمّل حزب الله تلك الاجتماعات الأمنية في مناطقه؟ مع التذكير لو تم تنفيذ عملية أكبر من تلك التي جرت مساء الثلاثاء، لكان سقط عدد كبير جداً من الضحايا والجرحى والدمار الهائل، لذا يجب التنبه من تداعيات ما قد يحصل”.