خطاب نصرالله عن انفجار الضاحية.. تكرار للمصطلحات وإرجاء للحرب
أطلّ الأمين العام، فكان ما ذكره ليس إلّا تكراراً لنغمة الالتزام بالاستراتيجية الإيرانية.. أتى الخطاب باهتاً وإحاطته بجمهور من مؤيديه لم تشفع له، لا بل أصيب البعض بخيبة أمل
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
لم يخرج الخطاب الثالث للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله منذ وقوع حرب غزة، وفي مناسبة الاحتفال التكريمي لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس عما رسمه في خطابيه السابقين لجهة نيته بعدم الذهاب إلى حرب مفتوحة، حتى وإن لجأ إلى لغته التهديدية المعهودة. فلم يكن بإمكان السيد نصرالله أمام جمهوره ومناصريه إلا اللجوء إلى شدّ العصب لا أكثر ولا أقل. ففي الضاحية الجنوبية، رفع نبرة صوته عندما أشار إلى أنّ الجريمة التي حصلت أمس لن تبقى دون رد، كما استخدم النبرة نفسها عندما أكد أنّ الحرب على لبنان منعها الإسراع بفتح جبهة من قبل المقاومة وقوة المقاومة وشجاعتها وثباتها في لبنان.
أطلّ الأمين العام لحزب الله فكان ما ذكره ليس إلّا تكراراً لنغمة الالتزام بالاستراتيجية الإيرانية، حتى أنّ بعض المراقبين تحدث عن خطاب باهت له، وإنّ أحاطته بجمهور من مؤيديه لم تشفع له، لا بل أصيب البعض بخيبة أمل، وصار السؤال واجباً عن أيّ مغزى لحديثه، حتى أنّ توصيفه لما جرى في معقل المقاومة جاء ضعيفاً في دلالاته، ولم يشكّل أيضاً المحور الأساسي لخطاب انتظره المؤيدون والمعارضون على حد سواء للبناء عليه.
لا تصعيد في مضمون كلامه، هذا ما يقوله المراقبون الذين لم يروا فيه إلا “ستيريوتايب stereotype” لخطابه السابق.
وفي هذا الإطار، يشير الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ الياس الزغبي لموقع “هنا لبنان” إلى أنه يمكن وصف خطاب الأمين العام لحزب الله بأنه نموذج عن الخطاب التحليلي كأي مراقب للأحداث الخطيرة التي تدور في غزة والمنطقة منذ ثلاثة أشهر، فقد أمضى معظم وقت الخطاب في توصيف الخسارات المعنوية والإعلامية الإسرائيلية.
ويقول: أما في حقيقة وعمق خطابه فإنه لم يضف أي موقف جديد على ما أعلنه في الخطابين السابقين بعد السابع من تشرين الأول الفائت. ويمكن التأكيد أنه لا يزال شديد الالتزام بضوابط وقواعد الاشتباك التي وضعت مع تعديلات إضافية في الأسابيع الأخيرة.
ويضيف الزغبي: تكفي للدلالة على هذا الأمر، إشارتان الأولى أنه تعمد وكرر وصف عملية اغتيال صالح العروري ورفاقه في الضاحية بأنها “حادثة” للتخفيف من وطأتها ومن التزامه بالردّ عليها. أما الإشارة الثانية البليغة فهي اختصاره مجمل خطابه بعبارة أو معادلة أخيرة قال فيها: إذا شنت إسرائيل الحرب، فسنخوضها بدون ضوابط. والواضح أنّ هذه الـ “إذا” تجعله في حل من التزام توسيع الحرب والقيام بردود غير محسوبة على عملية الاغتيال رغم خطورتها، ليس لاستهدافها قائداً بارزاً في حركة حماس بل لتقصدها العملية في عمق الضاحية الجنوبية، حيث الأمن والمخابرات والقرار والمربعات لحزب الله فقط. ومن هنا يمكن اختصار الأمر بأنّ حسن نصرالله يلتزم التزاماً مطلقاً الاستراتيجية الإيرانية التي باتت واضحة المعالم بالنسبة إلى حرب غزة. ويمكن اختصارها بالاكتفاء بالمشاغلات المحدودة سواء في اليمن أو العراق أو جنوب لبنان.
ويؤكد أنّ نصرالله لا يستطيع الخروج عن هذه الضوابط الإيرانية رغم أنه حاول تكراراً القول أنّ ساحات “محور المقاومة” مستقلة القرار ضمن الاستراتيجية الكبرى، ففي الواقع أكد نصرالله من حيث يدري أو لا يدري أنه ينفذ تنفيذاً تاماً ما ترسمه وتقرره مرجعيته في طهران.
ورداً على سؤال، يفيد أنّ من يقرأ جيداً مضامين خطاب نصرالله يدرك بالملموس أنه لا يذهب إلى حرب مفتوحة، بل إلى المزيد من الحرب الدائرة بضوابطها ومساحاتها وأهدافها، لذلك ربط بشكل واضح في القسم الأخير من خطابه مسألة ردّ الفعل الذي يمكن أن يقوم به حزب الله على ما تقدم عليه إسرائيل، وهذا الربط ليس جديداً بل سبق وكرره في خطابين سابقين وأعاده في خطابه الأخير لجهة أنه يلتزم فعلاً السياسة الإيرانية العليا.
ليس في خطاب نصرالله أي مفاجآت ولن يكون في خطابات لاحقة على ما يبدو، في حين تبقى تطورات الجنوب على الوتيرة نفسها.. إلّا إذا تبدّلت الاستراتيجية المتبعة.