1701 إلى الواجهة مجدداً.. ولكن بأيّ ثمن؟
ترجمة “هنا لبنان”
كتب ميشال توما لـ “Ici Beyrouth“:
عاد طرح التطبيق “الصارم” لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 إلى الواجهة بقوة على الساحة اللبنانية، فهل يأتي كحلّ سياسي تفاوضي برعاية أميركية، أم كتحذير من أنّ التصعيد العسكري يزيد من خطر انفجار واسع النطاق بشكل أخطر من حرب 2006؟
يعيش اللبنانيون منذ أسابيع عدة، في ظل هذا السيناريو الذي يحمل الكثير من العواقب الوخيمة. وذلك مع الإشارة إلى أنّ تسارع وتيرة اغتيال مسؤولي حزب الله والغارات الجوية الإسرائيلية ونيران المدفعية، ينبئ بأنّ كفة الميزان تميل نحو نوع من الانفلات الذي لا يزال الآن “تحت السيطرة”.
وفي ظل التأكيد على هذا السياق مراراً، يطرح السؤال الكبير حول ما إذا كان للطرفين (أي تل أبيب وطهران) مصلحة حقيقية في الانخراط في صراع شامل. حالياً، تلوح الكثير من السحب الرمادية في الأفق، وهي لا تحمل إلا العلامات التحذيرية من تصعيد خطير.
ومع ذلك، لا يبدو أنّ طريق الحل السياسي مسدود تماماً. وأشار وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، لدى مغادرته السراي الحكومي، الاثنين، إلى أنّ الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لن يعود إلى بيروت إلا إذا حمل معه معطيات إيجابية. كما أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أعلن في هذا الصدد، (من قبيل الصدفة أو ربما لا) في مقابلة مع قناة “الحرة” (المقربة من الأوساط الأميركية)، أن وصول المبعوث الأميركي إلى لبنان مرتقب “هذا الأسبوع”. هل يعني ذلك أن التسوية العالمية قيد الإعداد بالفعل على مستويات رفيعة في الكواليس الدبلوماسية، كما توحي الجولة الإقليمية الواسعة التي قام بها وزير الخارجية أنتوني بلينكن والزيارة الأخيرة لوزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا إلى بيروت، في منتصف كانون الأول الماضي، ودردشتها الهاتفية مع نظيرها الإيراني حسين أمير عبد اللهيان؟
وفي هذا السياق، يرشح من المعلومات النادرة التي تسربت إلى الصحافة ومن تصريحات القادة الإسرائيليين أنّ الحل السياسي الذي يُعمل عليه، يرتكز بشكل أساسي على انسحاب حزب الله إلى شمال الليطاني. ومن الواضح أنّ هذا يترجم تطبيقاً صارماً للقرار 1701. ولكننا نميل أيضاً لأن ننسى بسرعة أنه في حال تحقق هذا الهدف، فلن يعني “إنجازاً” بأيّ حال من الأحوال، لأنّ الحزب الموالي لإيران كان مطالباً بالامتثال للقرار الأممي منذ البدء، مع انتهاء حرب تموز 2006. ظاهريًا، ربما يكون قد امتثل لها في البداية، لكنه أعاد تدريجيًا في وقت لاحق، نشر ميليشياته في منطقة اليونيفيل، أحيانًا تحت غطاء جمعية “بيئية” غامضة” أو مجمعات من “السكان الشباب” الذين يفترض أنهم مدنيون. وقد انخرط هؤلاء أحياناً في ممارسات غير مناسبة تهدف للحدّ من حرية حركة أصحاب الخوذ الزرق والسماح لأتباع النظام الإيراني بالتصرف على راحتهم في مكان قريب من الحدود مع إسرائيل.
وفي حال امتثل رجال الميليشيات الموالية لإيران مجدداً للقرار 1701، فما الذي يضمن عدم عودتهم لاعتماد استراتيجية “إعادة الاستيلاء” التدريجية مجدداً؟ لقد أعاد حزب الله 8 تشرين الأول، تأسيس ميليشيا أمر واقع جديدة في الجنوب. فما الذي قد يدفع إيران للانسحاب دون تعويض سياسي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هو المقابل؟
تكمن المشكلة التي يواجهها لبنان حالياً في هذا السؤال.. ذلك أنّ منح حليف طهران مكاسب تتعلق بالسياسة الداخلية وتقاسم السلطة (رئاسة الجمهورية وحكومة جديدة، وتعيينات في مراكز حساسة، وما إلى ذلك) لن يحل بأيّ حال من الأحوال مشكلة وضع الحزب الميليشياوي الحربي. فهذا الأخير لن يتوانى عن استنزاف مثل هذه المكاسب قبل العودة سريعاً لممارساته في منطقة اليونيفيل.
ولكي يكون انسحاب ميليشيا “حزب الله” إلى شمال الليطاني مستدام وعلى أسس متينة ودائمة، لا يجب أن يقتصر الدفع على المستوى الداخلي اللبناني، بل أن ينسحب على المستوى الإقليمي تحديداً… من خلال تقديم عرض مغرٍ للغاية للعرّاب الإيراني،
لأن الاستقرار على المحك، ليس فقط في لبنان بل في المنطقة برمتها، مع توخي عدم العودة للروح الكارثية لاتفاقية ميونيخ 1938.
مواضيع ذات صلة :
في لبنان ما يستحق الحياة | نعيماً يا قاسم! | الجيش الإسرائيلي: استهدفنا مقرات قيادة لـ”الحزب” في الضاحية |