البيدق الحوثي لرفع سقف المطالب!
ترجمة “هنا لبنان”
كتب يوسف معوض لـ “Ici Beyrouth“:
يا لدهاء الحوثيين الذين لم يتوانوا عن محاولة افتعال المشاكل مع الأسطول الأميركي وسفينة صاحب الجلالة. كان نيلسون ليصيح مصدوماً في ميدان الطرف الأغر، بمواجهة تعساء يحاولون فرض قانونهم على باب المندب. منذ أكثر من مئة عام، جالت البحرية البريطانية بدورياتها في البحر الأحمر والخليج العربي ووفرت الحماية لطيور النمنمة على الساحل وشنق القراصنة الذين قبض عليهم متلبسين، من أعلى الصواري. “كم تغير الزمن مذاك!” بمجرد حصولهم على الإستقلال، عاد السكان الأصليون لعاداتهم القديمة، وانتشرت التمردات الرجعية. وها هو الزمن يعيد نفسه حيث يعيث الحوثيون المتمردون فوضى وفساداً، ويقطعون طرق الإمداد في أوروبا ويتحدون بالجيل الأول للمسيرات التي يقل سعر الواحدة منها عن 600 دولار، أفضل التقنيات الغربية.
تحضروا أيها الحوثيون المحظوظون فالتاريخ سيخط سطوراً عنكم! وسيذكركم كمن عطل التدفقات التجارية، لدرجة أنّ السفن التجارية اضطرت للالتفاف على طول سواحل غرب أفريقيا للوصول إلى وجهتها. وستصبح قناة السويس الاستراتيجية، مقصودة بشكل أقل: فقد انخفض حجم الأطنان المترية من البضائع العابرة هناك بنسبة 40% حتى الآن، في سابقة لم نشهدها منذ افتتاح القناة على يد فرديناند دي ليسبس عام 1869. وهذا يدفع وزير دفاع المملكة المتحدة للتأكيد على أنّ الكيل قد طفح!
تاريخ اليمن في سطور
إذا كان اليمن، وفقًا لتقرير منظمة العفو الدولية لعام 2019، أحد أسوأ الأماكن في العالم بالنسبة للمرأة، لا يجب أن نغفل عن حقيقة أنه أحد أسوأ الأماكن لشن حملة عسكرية تتضمن مشاة ودروع. وفي ستينيات القرن الماضي، عانى جمال عبد الناصر في سلاسل جبال هذا البلد، المعروف في العصور القديمة بـ”العربية السعيدة”. هذه المناطق في الشمال الغربي منيعة ويعيش سكانها المتمردون في معارضة دائمة. وعلى عكس الريس المصري، رفض ابن آل سعود، المنتصر على جميع الجبهات، في عشرينيات القرن الماضي مواصلة مسيرته المنتصرة في اليمن. واكتفى بانتزاع بعض المقاطعات. وكان قراره حكيماً، في حين أراد الأمير الشاب فيصل، ملك السعودية فيما بعد، التخلص من الإمامة الزيدية التي كانت في السلطة بشكل تام.
عدم فعالية الضربات الجوية
بالنسبة للواء عيدروس الزبيدي، لن تثني ردود الطيران البحري الأميركي والبريطاني الحوثيين عن مواصلة حملتهم. ولن توقف الضربات الانتقامية النشاط العدواني للمتمردين، مهما كانت خسائرهم على مستوى الرجال أو المعدات. وعلى حد قوله، سيستمر المتمردون بتعطيل حرية الحركة في البحر الأحمر طالما أنهم يحصلون على أموال من إيران. وبصفته مسؤولًا كبيرًا في الحكومة اليمنية، المعترف بها من قبل الأمم المتحدة والتي تخوض حربًا مفتوحة مع المتمردين الذين يحتلون العاصمة صنعاء، يرى هذا اللواء أن الأمر يتطلب حملة عسكرية بمشاركة قوات منخرطة. وهو لا يرجو تكرار أخطاء التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات والذي انتهى بوقف إطلاق النار عام 2022.
مسألة معقدة
المسألة ستأخذ وقتاً طويلاً بعد، لأنه من الصعب تصور طائرات إنزال تابعة للحلفاء في مضيق باب المندب. كما لن يقوم مشاة البحرية الأميركية أو مشاة البحرية الملكية باقتحام ميناء الحديدة. لذلك، إذا كنا سنفكر في حصار بحري للسواحل اليمنية من قبل أسراب غربية، سيتوجب علينا توقع وابل من القذائف والمسيرات على هذه الأسراب نفسها دون سابق إنذار. وقد تستجيب سفن التحالف بقوة، لكنها لن تسكت منصات إطلاق الحوثيين، التي يتولاها مدربون إيرانيون.
بعبارات أخرى، إيران هي سيدة اللعبة. ومن يعلم، ربما اختار آيات الله في طهران هذا التوقيت بالذات، لزيادة التصعيد في البحر الأحمر، من أجل تخفيف الضغط على حزب الله في الجنوب اللبناني. أو ربما هو قرار لرفع الرهان؟
أيها الحوثيون، فلتعلموا أنكم مجرد بيادق على رقعة الشطرنج هذه. ولا يعتقدنّ أحد أن الأمر مختلف بالنسبة لـ”زملائكم” في حزب الله!
مواضيع ذات صلة :
اشتعال النيران في ناقلة نفط هاجمها الحوثي | الحوثي: تأخر الرد من المحور هو مسألة تكتيكية بحتة ليكون مؤثرا على إسرائيل | لا بد من الرد عسكرياً ..الحوثي يعلق على إستهداف الضاحية |