الاعتداءات على الكنائس تتواصل… مَن يزرع الفتنة؟
سيناريو يتكرّر كل فترة، مشاهد كسر الأبواب وسرقة صناديق النذور وتحطيم صور وتماثيل القديسين والرموز الدينية المسيحية، وتخريب الموجودات داخل الكنائس
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
كل فترة تتكرّر الاعتداءات على الكنائس وتتنقل بين المناطق، وآخرها ما جرى فجر الخميس حتى ليل السبت الماضي وعلى مدى ثلاثة أيام متتالية، حيث تعرّضت كنيسة مار عبدا في جل الديب لإعتداء بتكسير بعض محتوياتها، ثم مشهد مماثل في كنيسة سيدة الدوير في بلدة الفيدار قضاء جبيل، حيث أقدم مجهولون على الدخول بواسطة الخلع والكسر وبعثروا المحتويات، وليل السبت الأحد، تعرّضت كنيسة مار يوسف – الأشرفية للسرقة والتكسير، وأمس الثلاثاء تعرضت كنيسة سيدة النجاة في قرنة شهوان للتخريب والتكسير.
هو سيناريو يتكرّر كل فترة، مشاهد كسر الأبواب وسرقة صناديق النذور وتحطيم صور وتماثيل القديسين والرموز الدينية المسيحية، وتخريب الموجودات داخل الكنائس في عدد من المناطق اللبنانية، وسط عدم الاهتمام الكافي والمطلوب من الدولة، فيما برزت الدعوات إلى ضرورة كشف الفاعلين وإعلان هوياتهم وليس كما تجري العادة، أي “لفلفة” القضية تحت عنوان عدم المسّ بالسلم الأهلي، فيما الحقيقة واضحة في معظم التحقيقات، التي توصلت إلى وجود طابور خامس غير لبناني، يقوم بهذه الأساليب للعب على الوتر الطائفي وإشعال الفتنة، من دون أن تشير تلك التحقيقات إلى ذلك في العلن.
إلى ذلك أعربت الهيئة التنفيذية في المجلس العام الماروني عن إستنكارها “لما نشهده من مسلسل الإعتداءات المتنقلة على الكنائس، آخرها السرقة التي تعرّضت له كنيسة مار يوسف الحكمة – الأشرفية، واضعين ما حصل في خانة العمل التخريبي المنظم والمشبوه”.
وفي إتصالٍ هاتفي مع المونسنيور إغناطيوس الأسمر حول تفاصيل هذه الجريمة، دعا القوى الأمنية الى إجراء تحقيقٍ عاجل وشفاف، يفضي الى كشف هوية المعتدين وتحديد أسباب هذا الإعتداء السافر والخطير..
حتى المدافن لم تسلم من التكسير!
سبق ذلك قبل اشهر قليلة، إعتداء على كنيسة مار جرجس في بلدة الجيّة – قضاء الشوف، وقيام مجهولين بتحطيم تمثال السيدة العذراء في كنيسة سيدة الميدان في بلدة عين البلدة – جبيل، وتمثال البابا القديس يوحنا بولس الثاني والقدّيس مار الياس الحي.
وفي جبيل أيضاً أقدم شخص على تخريب كنيسة أم الفقير قرب الميناء، وألقت القوى الأمنية القبض عليه وتبيّن أنه غير لبناني، وقبلها كنيسة في بلدة عبيدات – جبيل، حيث تمّ تكسير ثلاثة تماثيل للسيدة العذراء ومار يوسف والصليب. ولم تسلم مدافن الكنيسة الإنجيلية في بيروت، الكائنة في رأس النبع من الإعتداء من قبل مجهولين، إذ تمّ تحطيم بعض الصلبان والمزهريات الرخامية التي كانت موضوعة على القبور، كما تعرّض أيضاً ثمثال السيدة العذراء الموجود في أحد شوارع منطقة بدارو للتكسير ثلاث مرات.
هذا غيض من فيض والأمثلة كثيرة، منها في بعض كنائس جرود كسروان والمتن، وبعض مناطق البقاع الغربي وزحلة وغيرها، والنتيجة مجرّد إستنكارات خجولة.
متابعة أمنية وسياسية خجولة
في السياق وتعليقاً على هذه الظاهرة المسيئة للوطن ككل، تبدي مصادر دينية مسيحية قلقها من وجود طابور خامس، يفتعل التحدي في المناطق المسيحيّة في توقيت دقيق وخطر، وتقول لموقع “هنا لبنان”: “كل ما يجري من اعتداءات على الرموز المسيحية يؤدي إلى حدوث حالات قلق لدى المواطنين، لا سيما أن الظروف السياسية تشكل دائماً بيئة حاضنة لذلك، وهي تتأثر دائماً بالخطاب الطائفي، وقد تنتهي في الشارع في حال لم يتم ردع تلك الاعتداءات”.
ودعت هذه المصادر القوى الأمنية إلى الضرب بيد من حديد، واستباق وقوع إشكالات قبل فوات الأوان، ورأت أنه لم يعد مقبولاً كل ما يجري، لذا لا بدّ من معالجة هذا الموضوع بسرعة من قبل الجميع بسبب خطورة المرحلة، مع ضرورة وعي المسؤولين والأجهزة الأمنية والسياسيين والتصدي لما يجري، لأن النتائج لا تأتي دائماً إيجابية والكيل طفح، ولا بدّ من كشف الفاعلين لإنزال أقسى العقوبات بحقهم، ليكونوا عبرة لغيرهم.
للكشف عن مكامن الداء لوأد الفتنة
في غضون ذلك أبدت المصادر الدينية إستغرابها للتغطية الإعلامية الخجولة، التي خصّصها عدد قليل من الوسائل الإعلامية اللبنانية، وتابعت: “إذا كان المقصود من هذا الصمت عدم إثارة النعرات الدينية والفتنة، فالمسؤولية تملي على الجميع، إعلان الحقيقة وضرورة الكشف عن مكامن الداء لوأد الفتنة لا العكس”.
ورأت بأنّ المتابعة الأمنية والسياسية الباهتة، ساعدت في تنقل هذه الظاهرة، والمطلوب إستباق وقوع ذلك، لأنّ هذا ما يريده المندسون، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول المخاطر التي قد تنجم عن عدم إلقاء القبض على هؤلاء المجرمين، الذي ستودي أفعالهم إلى ما لا يحمد عقباه.