التخوين والشيطنة.. أدوات تسبق الاغتيال!
اتهامات، غرف سوداء، حملات، فـ “قتل”.. هذا هو التاريخ اللبناني، تاريخ صنعه كلّ من لا يريد لهذا الوطن أن ينعم بالسيادة أو أن يدرك معنى الاستقلال
كتبت نسرين مرعب لـ”هنا لبنان”:
لا يمكن أن تخفي “حفرة” 14 شباط، والانفجار “البربري” الذي اغتال رئيس الحكومة رفيق الحريري، الحملة الشعواء التي سيقت ضدّه من قبل من كانوا آنذاك يدورون في فلك النظام السوري.
الحريري الذي تعرّض لاتهامات عدّة، أبرزها شراء الأصوات والرشاوى وهي الحملة التي عرفت وقتها باسم “حملة الزيت”، واجه كذلك ضغوطات كي يقبل مرغماً بالتمديد لرئيس جمهورية تلك المرحلة إميل لحود.
“لقاء البريستول” الذي وضع الحريري في مواجهة يد الاغتيال السوداء، كان يطالب بأمرين: انسحاب القوات السورية من لبنان ورفض التمديد للحود.
هذا اللقاء فتح بوابة جهنم على لبنان، والتي بدأت باغتيال الحريري لتكرّ السبحة، اغتيال يليه اغتيال، فبات كلّ معارض معرّضاً لمواجهة حملات الشيطنة، و”التفجير”.
اتهامات، غرف سوداء، حملات، فـ “قتل”.. هذا هو التاريخ اللبناني، تاريخ صنعه كلّ من لا يريد لهذا الوطن أن ينعم بالسيادة أو أن يدرك معنى الاستقلال.
ورغم كلّ الدماء الذي ذهبت “فداءً” لحرية الوطن، ما زالت الغرف تدير عملياتها الساقطة، فليس تفصيلاً أن نشهد حملتي تخوين عشية الذكرى الـ19 لاغتيال الحريري، علماً أنّ الحملتين سبقتهما حملات كثيرة استهدفت ما يعرف بالوجوه السيادية.
واللافت أنّ الهجوم هذه المرة لم يحترم حدود المرجعيات الدينية، فتطاول الصغار عبر صفحاتهم على البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لرفضه أن يتحوّل الجنوب لساحة إيرانية، ولاعتراضه على منطق الانتصارات واصفاً إياها بالـ”وهمية”.
ولأنّ العمالة هي التهمة الجاهزة لتسقط على كلّ معارض، فبركت الصور وبدأ الهجوم الإلكتروني ضد البطريرك، والذي طال قبله رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل على خلفية مقابلة صحفية.
وبين هدر الدماء، وسفاهة عبارة “لكل عميل حبيب”، بات البطريرك والجميّل في مواجهة إيديولوجيا تشرّع قتلهما، وتستبيح الجريمة ضدهما تبعاً لشريعة الغاب التي تنتهجها.
ليبقى السؤال: هل الشيطنة اليوم ستعيدنا إلى مرحلة الاغتيالات، سيّما وأنّ الأجواء مشابهة للفترة التي سبقت اغتيال الحريري؟
في قراءة للأحداث الأخيرة، وللأصوات السيادية – المعارضة التي ترتفع رافضة أيّ مرشح لمحور الممانعة، وأي هيمنة على الجنوب والقرى من قبل سلطة مسلحة، والاجتماعات التي تعقد والتحالفات التي تخلق في مواجهة المشاريع المشبوهة، نجد أنّ مناخ لبنان بات مباحاً لأي يد تريد ضرب الاستقرار، سيّما وأنّ هذه اليد لم تتردد سابقاً في التحوّل إلى آلة قتل، ولن تتردد اليوم أو غداً، ما يعني أنّ كل شخصية تُشنّ ضدّها حملة شعواء هي في خطر، والمحور الذي يدير هذه الحملات ويدفع إليها هو المسؤول الأوّل والأخير عن أيّ ضرر يصيبها.
لبنان اليوم شبيه بـ14 شباط 2005، الفرق أنّ آلة القتل اصبحت أكثر إجراماً ودهاءً ووقاحة!
مواضيع مماثلة للكاتب:
أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! | نعيم قاسم “يعلّم” على الجيش.. الأمين العام “بالتزكية” ليس أميناً! |