“منطق وقح” من عبد اللهيان في بيروت.. وصرخة سياديّة “ارفعوا أيديكم عن لبنان”
لا تزال الزيارة التي أجراها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إلى بيروت، محطّ تنديد ورفض، بعد المواقف الاستفزازية التي حملها معه، محاولًا ربط أمن لبنان بأمن إيران، وغيرها من الكلام الذي عدّته شخصيات سيادية تدخلًا سافرًا في الشؤون اللبنانية الداخلية، مما يُسهم في رفع منسوب التوتر الذي يعيشه البلد أساسًا.
فقد رأى حزب الوطنيين الأحرار أنّ “زيارة وزير الخارجية الإيراني للبنان وما رافقها من تصريحاتٍ ربط فيها بين أمنِ لبنان وأمنِ إيران والمنطقة، تعتبرُ تدّخلًا سافرًا في الشؤون اللبنانية وتعرِّض لبنان إلى المزيد من الضغوط في هذه المرحلة الشديدة التعقيد والدّقة”.
وإذ أدان الحزب “منطق الوزير حسين أمير عبد اللهيان الوقح الذي يتصرف وكأن لبنان ولاية من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، سأل: لماذا لا يُحارِب الوزير عبد اللهيان إسرائيل من بلاده، عِوضَ طرحِ مُعادلاته الرامية إلى ربط لبنان بمسار الحرب على غزّة، التي في جوهرها إمساك إيران بأوراق الحل والربط في المنطقة العربية، على حساب تدمير دولها وقتل وتهجير أبنائها”؟
تابع: “إن كلام عبد اللهيان بما يعنيه من انتهاك فاضح للسيادة اللبنانية، يتطلب توضيحًا من السلطة الحاكمة في لبنان، ويطرح علامة استفهام كبرى حول القرار اللبناني المغيّب عن كل ما يجري”.
بدورها، توقفت كتلة “تجدد” عند استمرار الانتهاك بحق سيادة لبنان ومؤسساته الدستورية، وآخر فصول هذا الانتهاك، تمثل بزيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت، والمواقف التي صدرت عنه، واللقاءات التي أجراها، وكلّها تؤكد أن إيران لا تتعاطى مع لبنان كدولة مستقلة، بل كورقة تستثمرها لتعزيز نفوذها الإقليمي، بشكل مناقض لكل الأعراف في العلاقات بين الدول”.
“تجدد” توجّهت لعبد اللهيان، مشيرة إلى أن “الدولة اللبنانية حصرًا هي المخولة دستوريًا أن تقرر طبيعة الترتيبات في الجنوب، تماهيًا مع قرارات الشرعية الدولية، وليس أي حزب أو فئة. كما نلفته إلى أن معادلة أمن لبنان من أمن إيران، التي أطلقها في بيروت، ثبت أنها سياسة إيرانية دائمة ومرفوضة، استباحت لبنان تحت شعار وحدة الساحات، وشرعته لكل أشكال الحروب والمغامرات والفوضى والاغتيالات، في وقت احتفظت طهران بموقعها الآمن، معتصمة بالصبر الاستراتيجي، ومتمسكة بالتفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية، على حساب أذرعتها ودولهم وشعوبهم”.
وأضافت: “بكل وضوح نقول للوزير عبد اللهيان وللجمهورية الإسلامية في إيران: توقفوا عن هذه السياسات الخاطئة، وارفعوا أيديكم عن لبنان”.
في السياق نفسه، أبدت جهات رسمية لبنانية قلقها حيال دعوة عبد اللهيان للبننة انتخاب الرئيس على خلفية قوله، بلا مواربة، بأن اللجنة “الخماسية” التي تضم في عدادها ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر منقسمة على نفسها، وأن من الأفضل أن يُترك انتخابه للبرلمان اللبناني، لعله يتوافق على مرشح يكون ترجمة لتلاقي الكتل النيابية حول اسم معين.
واعتبرت الجهات الرسمية في حديث إلى “الشرق الأوسط”، أن ربط عبد اللهيان انتخاب الرئيس بتوافق لبناني- لبناني ما هو إلا مقدمة تدفع بالدول المعنية بانتخابه للالتفات نحو طهران طلبًا لمساعدتها، وأن مجرد تطرقه للانقسام بداخل “الخماسية” يعني حكمًا، من وجهة نظر المعارضة، بأنها تصر على حجز مقعد لها بإلحاقها بـ”الخماسية” ولو بطريقة غير مباشرة.
إلا أن جهات رسمية معنية، كما علمت “الشرق الأوسط”، لم تكن مرتاحة حيال ما أعلنه عبد اللهيان من مطار رفيق الحريري الدولي، وفور وصوله إلى بيروت، بأن أمن لبنان من أمن إيران، خصوصًا وأنه كرر موقفه في بعض اللقاءات، أكانت رسمية أو سياسية، من دون أن يستفيض في تسليط الضوء على ما يقصده من قوله هذا.
يأتي ذلك فيما كان حزب “القوات اللبنانية”، قد دعا على لسان جهاز العلاقات الخارجية في الحزب الوزير السابق ريشار قيومجيان، الحكومة اللبنانية، إلى التحرك.
وكتب قيومجيان عبر منصة “إكس”: “أمن لبنان من أمن إيران” معادلة خطيرة ضد مصلحة لبنان واستقراره وسلامة شعبه وأراضيه، معتبرًا أنّ “سكوت الحكومة اللبنانية خيانة، يعني أنها سلمت قرار الدولة الاستراتيجي إلى دولة أجنبية”، ومؤكدًا أن “مواجهتنا مستمرة ولبنان لن يكون في محور إيران.. نموذج أمن غزة من أمن إيران أمامنا فلا تعيدوا التجربة”.
أما حزب “الكتائب اللبنانية”، فاعتبرت مصادره في حديث إلى “الشرق الأوسط”، أن “موقف الوزير الإيراني يؤكد أن لبنان لا يملك كلمة تجاه ما يجري من أحداث لأنه هو رهينة في يد (حزب الله) الذي يتلقى بدوره أوامره من إيران، وبالتالي يعتبر أن مصلحة طهران هي أولوية بالنسبة إليه وليس لبنان”، وجددت التأكيد على رفض “الكتائب” ربط الساحة اللبنانية بأي ساحة أخرى وإدخاله بلعبة المحاور.
من جانبه، رفض رئيس حزب حركة التغيير إيلي محفوض كلام وزير خارجية إيران، وقال في تصريح له بأن كلام عبد اللهيان بأن أمن لبنان من أمن إيران مرفوض ولا نقبل به، وأضاف: “أمن لبنان من أمن لبنان فقط وغير مرتبط بأي من صراعات المنطقة”.
بدوره، كتب رئيس “المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان” النائب السابق فارس سعيد، عبر حسابه على منصة “إكس”: “زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت مثل زيارة المالك لملكه، يتصرّف بثقة، يصرّح فور وصوله إلى المطار قبل لقائه أي مسؤول لبناني، يبلّغ وجهة نظر بلاده من بيروت التي يعتبرها صندوق بريد سياسته”، وأضاف: “يستند كلامه على حضور إيران في الجنوب على حدود إسرائيل بطول 130 كيلومترًا”، سائلًا “هذا ليس احتلالاً؟ كيف يكون”؟
مواضيع ذات صلة :
صفقة بين ترامب والأسد تقطع السلاح عن “الحزب”؟ | تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | الجميّل تعليقًا على رسالة خامنئي إلى الشعب اللبناني: “ومن الحب ما قتل”! |