أموال المودعين في جيب الدولة.. و”شورى الدولة” يقول كلمته!
وجه قرار مجلس شورى الدولة ضربة لخطة الحكومة التي تستند على مبدأ شطب الودائع ما يعني قضم أموال المودعين.. ولكن هل أنصف القرار المصارف كما يجب؟
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
صادق مجلس شورى الدولة على المراجعة التي تقدّمت بها جمعية المصارف وأبطل قرار مجلس الوزراء الصادر في أيار 2022، والذي يلغي في إطار استراتيجية النهوض بالقطاع المالي، جزءاً كبيراً من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية تجاه المصارف، لتخفيض العجز في رأسمال مصرف لبنان وإغلاق صافي مركز النقد الأجنبي المفتوح للمصرف. وبقراره هذا يكون “شورى الدولة” قد نطق بالحق ولكن هل أنصف المصارف كما يجب؟
المختص بالشأنين الاقتصادي والسياسي طوني بولس يقول لـ “هنا لبنان”: “قرار مجلس شورى الدولة وجه ضربة لخطة الحكومة التي تستند كالخطة السابقة على مبدأ شطب الودائع من دون تسمية، بمعنى أنها تعتمد على إعفاء الدولة نفسها من ديونها وعلى إعفاء مصرفها المركزي من دفع ديونه، في حين أصبح معروفاً للجميع أن إعفاء الدولة وإعفاء المصرف المركزي من دفع الديون يعني قضم أموال المودعين التي قامت الدولة بإستخدامها.
ولأن الدولة تتحمل الخسائر ولأنها هي التي أضاعت أموال المودعين وخصوصاً بعد الاعتراف الرسمي بإهدار الدولة نحو 62 مليار دولار من الودائع التي كانت المصارف ملزمة بإيداعها في مصرف لبنان، حاولت الهروب من المسؤولية عبر شطب الودائع وغسل يديها من أي مسؤولية حيال التزاماتها بل رمي كل المسؤولية على القطاع المصرفي، مشيراً إلى فترة ما بعد الانهيار حين تُرك رياض سلامة لإدارة القرارات المصرفية وحيداً بعد أن تخلت الدولة كلياً عن دورها في ذلك الوقت”.
ويضيف: “شطب الودائع بات ممنوعاً بقرار قضائي، بما يعني ممنوع إعفاء الدولة من ديونها، حيث لا يمكن للدولة أن تكون قد استدانت أموال المودعين وأنفقتها ومن ثم تعفي نفسها من سداد هذه الديون”.
ويشرح: “المصارف تريد من مصرف لبنان 19 مليار دولار والدولة اللبنانية هي التي استدانت هذا المبلغ منذ التسعينات. ابتداءً من العام 2015 بدأ مصرف لبنان يتعثر عن تسديد هذه الديون للمصارف وهو ما أوقعها بأزمة ليتأتي قرار مجلس شورى الدولة ويحكم بإعادة هذه الأموال للمصارف، ولكن فعلياً هو لم ينصفها لأن مصرف لبنان لن يتمكن من تسديد الـ 19 مليار للمصارف لأنه مدين للدولة، من هنا على مجلس شورى الدولة أن يدين الدولة وليس مصرف لبنان لأن الأموال صرفت على يدها على مدى السنوات الماضية. لافتاً إلى أنَّ قانون النقد والتسليف يجبر المركزي على تسديد ديون الموازنات الرسمية وفقاً لقوانين معينة عبر وزارة المالية”.
ويؤكد بولس على أن “القضاء اللبناني أنصف المصارف اللبنانية بعد إبطال قرار الحكومة في إلغاء التزاماتها بالعملات الأجنبية تجاه هذه المصارف بالشكل وليس بالمضمون”.
ويشير إلى أن هذا “القرار لم ينصف المودعين أيضاً لأن أموالهم ضاعت، بسبب تخلّف الدولة عن تسديد ديونها للمركزي والذي تعثر عن سداد الأموال للمصارف وهو ما أدى إلى فجوة مالية كبيرة حتى وصل المودعون إلى مرحلة ما عاد باستطاعتهم الحصول على أموالهم فزادت النقمة على المصارف بدل تحميل المسؤولية للدولة”.
واستناداً إلى ذلك، يرى بولس أنه “يجب أن تكون المعالجة من أصل المشكلة، أي الفساد والهدر الحاصل في الدولة والتهريب عبر المعابر غير الشرعية والتهرب الضريبي والذي أدى إلى خسارة الدولة وأوقعها بعجز كبير، ودفعها لتغطية عجزها من أموال المودعين. وإذا حصر القضاء الموضوع بمصرف لبنان فهذا من شأنه أن يزيد الضغط على المركزي ويوقعه بعجز أكبر دون حل مشكلة المصارف ولا المودعين”.
ويتابع: “الدين يجب أن تسدده الدولة لمصرف لبنان، ليستطيع بدوره تسديد ديونه إلى المصارف التي تقارب 83 مليار دولار بحسب تقديرات الخبراء، وبالتالي لتستطيع المصارف تسديد المطلوبات والودائع لأصحاب الحق مشدداً على ضرورة توجيه دعوى ضد الدولة اللبنانية وإجبارها تضمين الموازنات فائضاً مالياً كي تستطيع تسديد ديونها وإعادة هيكلة قطاعاتها كي تكوّن قطاعات مربحة مثل (الكهرباء والاتصالات) وتوسيع الاقتصاد وإجراء الاصلاحات اللازمة وبالتالي من هذا الفائض تستطيع تسديد الدين للمصرف المركزي وللمودعين”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |