هل “قتل” بوتين المعارض الروسي أليكسي نافالني؟
أعلنت مصلحة السجون في روسيا وفاة المعارض أليكسي نافالني في زنزانته، في القطب الشمالي. وقال المسؤولون في السجن بمنطقة يامالو نيننيتس إنه شعر “بوعكة صحية” بعد المشي صباحا.
وجاء في البيان أنه “كاد يفقد الوعي مباشرة”، وأن فرقة الإسعاف تدخلت لإنقاذ حياته، دون جدوى. وقالت وكالة تاس الروسية إنه يجري التأكد من سبب وفاته.
وكان نافالني (47 عاما) من أبرز منتقدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو ناشط ضد الفساد ومحامٍ وسياسي، كما أنّه مؤسس “مؤسسة مكافحة الفساد” التي كشفت عن فساد كبار المسؤولين في روسيا.
ونظم المعارض العنيد العديد من الاحتجاجات ضد الفساد والحكم الاستبدادي، وقد حظيت باهتمام دولي.
في العام 2018 أراد الترشح للرئاسة في روسيا ولكن تمّ منعه لأسباب سياسية.
وفي العام 2020 تم تسميمه بغاز الأعصاب “نوفيتشوك” واتهم الكرملين بالمسؤولية عن ذلك.
تمّ اعتقاله في كانون الثاني من العام 2021 لدى عودته من ألمانيا إلى موسكو حيث حكم عليه بالسجن 11.5 سنة بتهمة الاحتيال، وهي تهم يعتبرها سياسية، كما حُكم عليه بالسجن 19 عامًا إضافية في عام 2023 بتهمة “التطرف”.
في كانون الأوّل من العام الماضي، نقل نافالني من سجنه السابق في منطقة فلاديمير بوسط روسيا إلى مستعمرة جزائية “نظام خاص” أعلى الدائرة القطبية الشمالية.
وتحدثت يوليا نافالنايا، زوجة نافالني، عن وفاة زوجها في مؤتمر أمني في ميونيخ، وقالت بحسب تصريح مصور نقلته رويترز، وقالت: “ربما شاهدتم جميعًا الأخبار الرهيبة القادمة اليوم. لقد فكرت لفترة طويلة ما إذا كان ينبغي عليّ المجيء إلى هنا أو السفر مباشرة إلى أطفالي. ولكن بعد ذلك فكرت فيما سيفعله أليكسي في مكاني. وأنا من المؤكد أنه سيكون هنا، وسيكون على هذه المرحلة”.
وأضافت: “لا أعرف ما إذا كنت سأصدق الأخبار أم لا، الأخبار الرهيبة التي نحصل عليها فقط من مصادر حكومية في روسيا، لأنه لسنوات – وأنتم جميعا تعرفون ذلك – لا يمكننا تصديق بوتين وحكومة بوتين. إنهم كاذبون دائما.”
وتابعت “ولكن إذا كان هذا صحيحا، أريد أن يعرف بوتين وجميع حاشيته وأصدقاء بوتين وحكومته أنهم سيحاسبون على ما فعلوه ببلدنا، وبعائلتي، وبزوجي. وهذا اليوم سيكون قريبًا جدًا.”
ودعت يوليا نافالنايا المجتمع العالمي بأكمله، “وكل شخص في هذه القاعة والناس في جميع أنحاء العالم، إلى أن نتحد معًا ونهزم هذا الشر، ونهزم النظام المروع الموجود الآن في روسيا.”
كما طالبت بتحميل “النظام الروسي وفلاديمير بوتين شخصياً، المسؤولية عن كل الأشياء الفظيعة التي فعلوها ببلدي، ببلدنا روسيا، في السنوات الأخيرة”.
من جهته حمل الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين المسؤولية عن وفاة أليكسي نافالني، قائلا إنه “لم تأخذه المفاجأة” بل “شعر بالغضب”.
وأضاف “لا نعرف بالضبط ماذا حدث، لكن ليس هناك شك في أن وفاة نافالني كانت نتيجة لشيء فعله بوتين وعصاباته”.
وأردف “السلطات الروسية ستروي قصتها… لكن لا تنخدعوا، لا تنخدعوا، بوتين مسؤول عن وفاة نافالني”.
وذكر أنه “يفكر” في اتخاذ مزيد من الخطوات لفرض عقوبات على روسيا في أعقاب وفاة نافالني، مشيدا بزعيم المعارضة لوقوفه “بشجاعة” في وجه “فساد” و”عنف” حكومة بوتين.
وفي السياق نفسه قال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك ساليفان للإذاعة الوطنية العامة “إن بي آر” إن تاريخ الكرملين “الطويل والقذر” في إيذاء معارضيه “يثير أسئلة حقيقية وواضحة حول ما حدث”.
فيما اعتبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن التقارير التي أفادت بوفاة المعارض الروسي البارز أليكسي نافالني في السجن، إذا كانت صحيحة، تبرز “ضعف وفساد” النظام الذي بناه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال بلينكن في ميونيخ “أولا وقبل كل شيء، إذا كانت هذه التقارير دقيقة، فقلوبنا مع زوجته وعائلته”
في حين أكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أن نبأ وفاة نافالني فظيع، وأشاد بزعيم المعارضة الروسية الراحل.
وقال في منشور عبر منصة “إكس” “هذا نبأ فظيع. أظهر ألكسي نافالني، بصفته أشد المدافعين عن الديمقراطية الروسية، شجاعة لا توصف طوال حياته”.
وأضاف “أتعاطف مع زوجته والشعب الروسي لأن هذا حدث مأساوي بالنسبة لهم”.
أما وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك فقد قالت إن نافالني راح ضحية كونه رمزا لروسيا حرة وديمقراطية، وهي تصريحات تنطوي على القول إنه قُتل عمدا، وهو نفس ما تبناه وزير المالية كريستيان ليندنر.
وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إن الاتحاد الأوروبي يحمل روسيا المسؤولية عن وفاة زعيم المعارضة المسجون ألكسي نافالني.
وأضاف “قدم أقصى التضحيات الممكنة من أجل مبادئه. ويحمل الاتحاد الأوروبي النظام الروسي وحده المسؤولية عن هذه الوفاة المأساوية”.
أما الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ فقد قال إنه يشعر بحزن عميق وانزعاج إزاء التقارير المتعلقة بوفاة المعارض الروسي البارز ألكسي نافالني.
وقال ستولتنبرغ “نحن بحاجة إلى عرض كل الحقائق، وعلى روسيا أن تجيب على جميع الأسئلة الجدية حول ملابسات وفاته”.
في المقابل اعتبر الكرملين أن الاتهامات الغربية لموسكو “غير مقبولة إطلاقا”، مؤكدا أنه يجهل حتى الآن سبب وفاته.
وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية كما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية “ليس هناك اي معلومة عن سبب الوفاة، ورغم ذلك فإن تصريحات مماثلة تتوالى (…) نعتبر ان هذه التصريحات غير مقبولة إطلاقا”.
كما حذرت سلطات موسكو سكان العاصمة الروسية من أي تظاهرات “غير مرخصة” على خلفية وفاة نافالني.
وقالت النيابة العامة في موسكو أن “تنظيم اي تجمعات غير مرخصة والدعوات إى أحداث مماثلة او المشاركة فيها تشكل تجاوزا إداريا”، محذرة “من أي انتهاك للقانون”.
في حين اعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، الجمعة، إن “اتهامات الغرب “بشأن وفاة زعيم المعارضة الذي كان مسجونا أليكسي نافالني “تكشف عما بداخله”.
وأضافت زاخاروفا في بيان على تيليغرام أن نتائج الطب الشرعي بشأن وفاة نافالني لم تخرج بعد، لكن الغرب توصل بالفعل إلى استنتاجاته الخاصة.
وكتبت زاخاروفا على “تلغرام”: “رد الفعل الفوري لقادة دول “الناتو” على وفاة نافالني وإصدارهم الاتهامات المباشرة ضد روسيا يكشفهم. لم تصدر بعد أي نتائج عن فحص الطب الشرعي، في استنتاجات الغرب كانت جاهزة مسبقا”.
مواضيع ذات صلة :
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | المعارضة وحقل ألغام بري | المعارضة تتقدم بعريضة بشأن التجاوزات والتقصير في ملف الكهرباء |