“مواد خطرة” في جعبة الحكومة… والقضاء على أمل المودعين باسترداد ودائعهم
ليس من التجني القول أن الدولة تريد القضاء على حقوق المودعين بإقرارها هذه القوانين الهشة في بلد مثل لبنان لن يؤمّن الغاية منها، لا بل ستكون بلا جدوى في ظل أداء سياسي مهترئ ما لم تترافق مع أي إجراءات إصلاحية شاملة
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
مشاريع قوانين مدمرة فصّلت لضرب المودع، دمجت بمشروع قانون واحد “أرعن” يعمّق الانهيار، إعادة هيكلة المصارف وإعادة التوازن المالي والكابيتال كونترول. خطة “منقوصة” وضعت عمداً من أركان الدولة لإلهاء المودعين للتنصل من المسؤولية التي تقع على عاتقها في حل الأزمة المالية والمصرفية العالقة.
وليس من التجني القول أن الدولة تريد القضاء على حقوق المودعين بإقرارها هذه القوانين الهشة في بلد مثل لبنان لن يؤمّن الغاية منها، لا بل ستكون بلا جدوى في ظل أداء سياسي مهترئ ما لم تترافق مع أي إجراءات إصلاحية شاملة.
فكيف يرى كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك “بيبلوس” نسيب غبريل واقع هذه المشاريع؟
يقول غبريل لـ “هنا لبنان”: إنّ “مشاريع القوانين التي وضعتها الدولة غير مجدية حيث قدمت السلطات اللبنانية بعد طول انتظار مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف الذي يتضمن تحديد مصير الودائع وتم إقرانه بمشروع قانون إعادة التوازن المالي الذي كان على طاولة المجلس النيابي أصلاً، إلا أن النقطة الرئيسية فيه كانت في تحديد مصير الودائع إذ أنّ مشروع قانون إعادة الهيكلة يعتبر أن أساس المشكلة يعود للخسائر وليس لشح السيولة، ما يعني أنّ انطلاق هذا المشروع يتطلب تحديد الخسائر في كل مصرف وبعدها اتخاذ القرار: إما التصفية أو إعادة الهيكلة”.
كما يلفت إلى هدف المشروع وضبابية حفظ الودائع فيه خصوصاً وأنه يضمن تقسيم الودائع إلى ودائع مؤهلة وودائع غير مؤهلة، ومن ضمن “المؤهلة” يحمي 100 ألف دولار (يتم تسديدها بين 300 و800 دولار شهرياً خلال 15 سنة تقريباً) أما “غير المؤهلة” فيحمي 36 ألف دولار ( يتم تسديدها بين 200 و400 دولار شهرياً خلال 15 سنة تقريباً)، مشيراً إلى أنه يحق “للم
ركزي” تعديل المدة الزمنية كما دفع الودائع بالليرة اللبنانية”.
ولكن يبقى السؤال الأهم من أين ستأتي الأموال لتسديد الودائع؟
يجيب غبريل: “بحسب مشروع قانون إعادة التوازن المالي قسم من الأموال يجب أن يأتي من ودائع المصارف لدى مصرف لبنان وقسم من سيولة المصارف التجارية، ما يعني أن عبء تسديد الودائع سيقع على عاتق المصارف التجارية لأن الودائع لدى المركزي بددتها الدولة ولم يبقَ منها إلا 9 مليارات و400 مليون دولار، لذلك يجب على الدولة إعادتها إلى “المركزي” كي تستطيع المصارف تسديد الودائع تدريجياً إلى أصحابها”.
ويأسف غبريل “لعدم تحمل الدولة أية مسؤولية ولتجاهل القانون دور الدولة في خلق الأزمة المالية وتبديد أموال المودعين، ما يؤكد أنّ المشروع يفتقر للتوازن في تحمل المسؤوليات”.
هذا في ما يخص النقاط العملانية أما بالنسبة للأمور التقنية البارزة في مشروع قانون إعادة هيلكة المصارف فيوضح أن “القانون يتطلب تشكيل لجنة مختصة للاشراف على إعادة الهيكلة وهذه اللجنة مؤلفة من 8 أشخاص (5 منهم هم حاكم مصرف لبنان ونوابه الأربعة). في حين من المفترض أن لا يكون للجنة صلاحيات استثنائية”.
ويضيف: “كما أن المشروع لا يختلف عن التعاميم السابقة لناحية تسديد الودائع وهو ما يؤكد أنه غير صائب وغير مجدٍ ويقضي على ثقة المودع باسترداد وديعته بشكل عادل”.
إذاً، قانون إعادة هيكلة المصارف أتى منفرداً دون الأخذ بالاعتبار أي خطة إصلاحية، والبداية لا تصلح أن تكون بإعادة الهيكلة في ظل جو اقتصادي “منهار”.
باختصار نستطيع القول أنه في بلد مثل لبنان لن تعود الثقة دون تطبيق الحوكمة والإدارة الرشيدة في القطاع العام أي من خلال تطبيق الدستور والالتزام بالمهل الدستورية واحترام فصل السلطات ودعم استقلالية القضاء وإمكانياته ومكافحة التهرب الضريبي والجمركي ومحاربة التهريب عبر الحدود بالاتجاهين.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |