باسيل ينتقل من العونية إلى “الباسيلية”
الحالة العونية ومعها الكثير من المناصرين غير الحزبيين قد بدأت بالتآكل مع تصدر باسيل التيار وتوجيه سياسة ظاهرها عوني ولكنها تتجه نحو الباسيلية من خلال زرع المقربين في المراكز الحساسة في المناطق
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
ببدو أنّ جبران باسيل بدأ التحضير للسيطرة الكاملة والإمساك بزعامة التيار بدون منازع، والأهم وراثة الحالة العونية في مختلف المناطق التي لا زالت تتأثر بزعامة وتاريخ ميشال عون. ففي المؤتمر الصحافي الأخير الذي عقده قبل أيام حاول باسيل لعب دور الثعلب السياسي مشيداً بمواقف “حزب الله” ومطلقاً في الوقت نفسه ثناء مبطناً على “حكمة وجرأة حسن نصرالله الذي لا يسعى إلى تحويل أي ربح في الخارج إلى ربح في الداخل”، فهل قصد في ذلك أن الربح الخارجي من سابع المستحيلات؟ ثم غمز من قناة التفاوض مع إسرائيل مؤكّداً أن لا عملية ترسيم حدود وإنما “استرداد لأراض مسلوبة”.
فهل باشر عملية العد العكسي للقطيعة مع “حزب الله”؟
إنّ هكذا توجهاً يتطلب أولاً إنهاء العلاقة مع “حزب الله” وعدم الاستمرار في محاباته سياسياً خاصة في هذه المرحلة التي غرق بها في حرب غزة ساعياً لتحويلها إلى نصر داخلي لأنها تشكل خطراً على وحدة لبنان، ولأنها غير مقبولة مسيحياً باعتبار أنها تبدو لهم حرباً إسلامية لا علاقة لهم بها ولا بتحرير فلسطين. وهذا يتطلب بطبيعة الحال إعادة تموضع مسيحي يتبنى مواقف بكركي في حياد لبنان، من هنا يبدأ باسيل معلناً أن التيار ليس مع “وحدة الساحات” أي ضد توريط لبنان في حرب غزة كما أعلن البطريرك الراعي، أو ربطه وربط الجنوب بها. من هنا ينتقل باسيل إلى مغازلة المملكة السعودية معلناً أنه “مع المبادرة العربية للسلام” التي أعلنتها الرياض خلال القمة العربية التي عقدت في بيروت عام ٢٠٠٢ أي الأرض مقابل السلام، وليس مع استمرار وتمدد النفوذ الإيراني في المنطقة، وبالتالي ضدّ جر لبنان إلى الحرب.
ثم ينتقل رئيس التيار العوني إلى الوضع الداخلي مركزاً على وحدة لبنان التي برأيه تتعرض لانقسام حاد سواء حيال الحرب التي ورط “حزب الله” لبنان بها وانقسامه حيال الملف الداخلي. وهذا الخطر الثاني يعزوه باسيل إلى ممارسات “الشركاء في الوطن” الذين ينتهجون برأيه عملية إقصاء المسيحيين عن الحكم وعن الدولة. وهؤلاء الشركاء هم الثنائي الشيعي الذي يمسك بسلطة القرار (الحزب) وإدارة وتسويق القرار داخلياً (نبيه بري) فيما الحكومة المغلوب على أمرها تنفذ ما يقرره الطرفان الشيعيان اللذان شاركهما باسيل السلطة، واللذان يمنعان انتخاب الرئيس، ولأنهما يريدان إيصال خصمه السياسي الشمالي إلى بعبدا، ما سيودي إلى ضرب الشراكة التي يتغنى بها باسيل. لذلك يحاول إيجاد مخرج دستوري بالشكل وغير ذي فعالية بالمضمون يقوم على عريضة يوقعها ٢٦ نائباً، هذا إذا توفروا وإلا فسيلجأ إلى مجلس شورى الدولة محاولاً بذلك إرضاء بعض نوابه الذين يحتاجون لتبرير موقفهم أمام الرأي العام المسيحي في مناطقهم. ولكن إلى متى، فهل يصمدوا؟
أما على الصعيد المسيحي العام فإن الحالة العونية، ومنها الكثير من المناصرين غير الحزبيين، قد بدأت بالتآكل مع تصدر باسيل التيار وتوجيه سياسة ظاهرها عوني ولكنها تتجه نحو الباسيلية من خلال زرع المقربين في المراكز الحساسة في المناطق، وحيث يجد أن الأرض ما زالت عونية فإنه يلجأ إلى تجنيد عون نفسه في لقاءات شعبية يحاول التركيز فيها على تصعيد النبرة المسيحية ضد “حزب الله” وتخفيفها ضد القوات اللبنانية التي تسعى لاستقطاب الناقمين على الوضع العام والمحبطين من تجارب وممارسات الأحزاب وقيادات الطوائف الأخرى التي يعتقدون أنها وراء عدم انتخاب رئيس حتى الآن خاصة وأنّ هذا الأمر يتكرر للمرة الثالثة، ويقف وراءه “حزب الله”. وفي المرتين كان التيار العوني داعماً لهذا الفراغ. وبما أن هذا التعطيل أصبح يثير غضب المسيحيين فإن الدفاع عنه أو ربطه بحسابات خارجية لم يعد ممكناً، لذلك فإنّ باسيل “الباسيلي” يرفع الصوت رافضاً تعيين رئيس مسيحي أو منع المسيحيين من انتخابه كما شدد في مؤتمره الصحافي. فهل يتمكن باسيل من إقناع التيار الذي يسيطر عليه حالياً العجز والشلل؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع |