سلام البابا يخرق الاقتتال في العراق.. الزاملي: لقاء النجف استثنائي
يبقى للفرح واجراسه وعناوينه مكانا في هذا العالم المظلم الذي يتخبط بمشاكله، همومه، امراضه وصعابه المتعددة والمتفرّعة.
فقدرالايجابية ان تنتصر حتى لو ربحت السوداوية صولات وجولات، والعالم الذي انهكته أخبار الحروب واسلحتها وأرقام كورونا ومضاعافاتها، ها هو اليوم على موعد مع السلام والحوار والتلاقي.
والسلام كما عرفناه لاينطلق الا من هذا الشرق الجريح، وهذه المرة من ارض العراق، من مسقط رأس النبي “ابراهيم”، حيث وعلى الرغم من مخاوف الجائحة، كما التهديدات الأمنية، تحلّ زيارة البابا فرنسيس، لتشكل مفصلا اساسا في تاريخ العراق والمنطقة بشكل عام.
منذ انتخابه حبرا أعظم في العام 2013، اتسم خطاب البابا فرنسيس بحساسية عالية تجاه الفقراء والمهمشين والمتعبين، هو الآتي من إرث “لاهوت التحرير” في أميركا اللاتينية، وحامل فلسفة “الرهبنة اليسوعية”، القائمة على التبشير، دعّم خطابه بمجموعة من الأفعال، جعلته الاقرب من كل القابعين على حافة الطرقات.
وقد تنضوي زيارته الى العراق تحت هذا اللواء، اذ انه لا يهتمّ بملاقاة أقوياء العالم، بل يذهب إلى ضعفائه ليقدم رسالة احتضان إلى الشعوب الجريحة تحت وطأة الحروب والانقسامات.
ان هذه الزيارة للبابا فرنسيس الى العراق لا يمكن فصلها عن التطورات السياسية في المنطقة، لاسيما ان العراق يعيش تخبطا واضحا بين المحاور ببعديها الاقليمي والدولي، شأنه شأن مختلف دول المنطقة، وهذا ما يؤثر مباشرة على استمرار اللااستقرار في كافة جوانب الحياة العراقية.
التيار الصدري
على هذا الصعيد يرى القيادي في التيار الصدري النائب حاكم الزاملي ” ان زيارة البابا فرنسيس تكتسب اهميتها من بعدها الديني والمدني، فالبابا قائد روحي،
لذلك لا بد من ان تكون هذه الزيارة تاريخية، لاسيما انها الأهم منذ بداية الازمة العراقية، اذ اننا من بدايتها لم نستقبل في العراق شخصية بأهمية البابا فرنسيس”.
ويضيف “لا بد لهذه الزيارة من ان تلعب دورها الايجابي في الدفع نحو استقرار تام في العراق، اذ انها قد تكون استكمالا لمسار الاستقرار واللافوضى الذي بدأ منذ فترة يشق طريقه محاولا الوصول الى حلّ واضح في بلدنا الحبيب. العراق هو محط انظار كل دول العالم من دون استثناء.صحيح ان هناك دولا مجاورة سبقتنا في العمران والتقدم، لكننا اصحاب الحضارة والتاريخ، واصحاب المعرفة والامكانيات الاقتصادية المتعددة. واليوم يعيش العراق صراع المحورين الاميركي والروسي، شأنه شأن سائر دول المنطقة، في انتظار الانتخابات النيابية المقبلة وما سينتج عنها.
وقد تكون زيارة البابا فرنسيس، رسالة سلام واستقرار نرسلها من قلب العراق الى كل العالم، سائلين الوصول الى بر امان، لا سيما ان اي استقرار ممكن في العراق سينسحب حتما على كل هذا الشرق الملتهب، بدءا من السعودية وسوريا وصولا الى لبنان واسرائيل ودول أخرى.
أما استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم في العراق، او تعاظم الفوضى فيه من جديد، يعني مباشرة انطلاق لهيب، قد لا تتوقف شرارته عند حدود بلادنا”.
و في اطار أهمية هذه الزيارة يؤكد الزاملي “انها ستحظى باهتمام عالمي غير منظور، اذ ترافق البابا اكثر من 300 وسيلة اعلامية عربية وعالمية، وهذه الوسائل ستنقل الصورة مباشرة من مختلف مناطق العراق الى كل العالم. انها مشهدية السلام، البابا فرنسيس يجول في بغداد، الموصل، البصرة، اور،كركوك، وغيرها من مدن ومناطق، وهنا ستتضح الصورة الى كل العالم،
العراق اليوم وعلى الرغم من تخبطه اصبح يعيش استقرارا امنيا واضحا، هذا ما سيفتح باب عودة السياحة الى بلدنا لاسيما من بابها الديني”.
القيادي الصدري الذي يفصل ما بين زيارة البابا والزيارة الاخيرة للرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الى العراق، يرى ان المقارنة بينهما غير واردة، فالرئيس الفرنسي يسعى الى تحقيق مصالح دولته في حين ان البابا يأتي لتحقيق مصالحنا”،
وهنا يشدد على ان “جولات البابا ولقاءاته مع كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء كما اللقاء المرتقب مع سماحة المرجع السيستاني، لا بد لها من توضيح الصورة الحقيقة لما يجري اليوم في العراق.
وأضاف “ولقاء البابا مع المرجع السيستاني، هو الحدث الجلل لهذه الزيارة، وهنا تأكيد على حوار الحضارات وارساء قواعد السلام والحوار بين الشعوب،
فصحيح انه يأتي استكمالا للقاء البابا مع سماحة شيخ الازهر، لكنه يختلف عنه، فعلى الرغم من أهمية شيخ الازهر وقوة مرجعيته، تبقى مرجعية السيستاني الاكثر تأكيدا وثباتا. فمقليدوه في العراق والمنطقة وحول العالم، يلتزمون التزاما شديدا في كل الفتاوى التي يطلقها، وهذا ما حصل عندما دعا الى محاربة داعش في العام 2003″.
كما يؤكد النائب الزاملي ان ” هناك مخاوف من بعض العمليات الارهابية خلال فترة وجود البابا في العراق ، اذ شهدنا بعض العمليات والتظاهرات التي سبقت الزيارة في محاولة لمنعها، لكن الشعب العراقي والاجهزة الامنية العراقية وكل المرجعيات يعملون بمثابرة لانجاح واتمام هذه الزيارة. فنجاحها لابد له من ان ينعكس على كل المنطقة، لاسيما لبنان الحبيب الذي نعيش واياه صورة صراع متشابه”.
لأربعة ايام متتالية، سيبقى العراق الحدث الأهم على شاشات التلفزة العالمية وفي غرف المسؤولين الدوليين. للمرة الاولى من سنوات طوال، يتحدث العالم عن العراق بعيدا من الاقتتال والارهاب والتهجير.
صورة من ملامح السلام ترسم حول العراق الجريح، قد تكتمل الوانها وقد لا تكتمل، قد تنضج وقد لا تنضج،لكن حتما، ستحتسب للبابا فرنسيس محاولته خرق جدار الدم والدمار والاقتتال، في وقت يتسارع الى تعزيزه مختلف قادة العالم.
كما سيحتسب للبابا الفرنسيس تقديمه البعد الحواري مع الآخر المختلف من خلال هذه الزيارة. فصحيح ان من أولويات الزيارة، بث روح الأمل والقدرة على البقاء في نفوس من صمد من مسيحيي العراق، الذين تراجع عددهم من مليون إلى ما يقدر بـ 250 ألفا، لكن يبقى اللقاء المرتقب مع المرجع السيستاني محط اهتمام عالمي اكيد في شكله ومضمونه.
يذكر ان وصول البابا فرنسيس الى العراق، تزامن مع استقبال شعبي حاشد وظهور “تراند” على “تويتر” يحمل عنوان “#طلب_من_البابا_”،فماذا لو انضم اللبنانيون الى هذا “الهاشتاغ”، هل سيتفقون على طلباتهم ام ان انقساماتهم التي شغلت بال الفاتيكان، ستبقى ابدية سرمدية حتى وان جمعهم الجوع والفقر وسعر الدولار المحلّق؟
مواضيع ذات صلة :
بالفيديو: لحظة إعلان قداسة الشهداء المسابكيين الثلاثة | البابا فرنسيس يدعو لاحترام قوة اليونيفيل في لبنان | البابا يصلّي من أجل لبنان.. وبخاصة سكان الجنوب! |