هل تخرق مبادرة “الاعتدال الوطني” طريق القصر أو تتلقى سهماً من “الحزب”؟
لطالما اعتُبر نواب تكتل “الاعتدال الوطني” بيضة القبّان لدى المرشحين لرئاسة الجمهورية، إذ ليسوا ضمنياً ضمن فريقي الممانعة والمعارضة، ولربما هذا يساعدهم على التلاقي مع مختلف الكتل والأطراف السياسية
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
في خضم التطورات العسكرية اليومية، والخلافات السياسية والظروف الصعبة المخيمة على لبنان، يواصل تكتل “الاعتدال الوطني” جولته على الأفرقاء السياسيين، لطرح مبادرته الرئاسية الوسطية البعيدة عن استفزاز أيّ طرف، ومنذ بدء التحرّك لاقت سلسلة من القبول، ترجم على أرض الواقع في عين التينة ومعراب وميرنا الشالوحي، أي لدى ثلاثة أقطاب كان من الصعب نيل موافقتهم، وهذا ما بدا خلال الطروحات الخارجية من الفرنسية إلى القطرية، مروراً بمساعي الداخل التي عمل عليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، إلى رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل عبر جولة وفد من نوابه على المرجعيات السياسية، مروراً بطرح رئاسي من نواب “اللقاء الديموقراطي” بإيعاز من النائب السابق وليد جنبلاط، وغيرها من المبادرات والطروحات، لكن كلها لم تصل إلى خاتمة سعيدة.
أما تكتل “الاعتدالِ الوطني” الذي يضمُ النواب أحمد الخير، وليد البعريني، محمد سليمان، سجيع عطية، عبد العزيز الصمد وأحمد رستم، فلطالما اعتبروا بيضة القبّان لدى المرشحين لرئاسة الجمهورية، وفي تحديد هويته خلال أي عملية لـ”البوانتاج”، إذ ليسوا ضمنياً ضمن فريقي الممانعة والمعارضة، ولربما هذا يساعدهم على التلاقي مع مختلف الكتل والأطراف السياسية.
إلى ذلك طرح التكتل المذكور مبادرته على الكتل النيابية التي زارها، لاستطلاع رأيها في إمكانية التوافق على قواسم مشتركة، بين مؤيدي جلسات حوار، وبين الكتل الأخرى التي تشدّد على عقد جلسات انتخابية متتالية لإنتخاب رئيس للجمهورية، أما فحوى المبادرة فهي لقاء نواب من كل الكتل في المجلس النيابي، للمطالبة بجلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، على أن يسبق ذلك جلسة تشاورية بينهم تعقد قبل شهر رمضان المبارك، مع الإلتزام بعدم انسحاب أي طرف من الجلسة المفتوحة كي لا يفقد النصاب.
للإضاءة على هذه المبادرة أوضح النائب سجيع عطية، الذي شارك بزيارة بعض الكتل النيابية، بأنّ الأجواء إيجابية جداً، وقال لـ” هنا لبنان”: “لقد نالت المبادرة موافقة المرجعيات الدينية والرئيس نبيه بري، ومباركة اللجنة الخماسية الدولية، وأغلبية من التقيناهم لغاية اليوم من الكتل، من النائب جبران باسيل إلى الدكتور سمير جعجع، واللقاء الديموقراطي، وكتلة تجدّد، وبعض نواب التغيير والمستقلين، رحّبوا جميعهم بالمبادرة لأنهم لمسوا أن لا حلّ إلا عبر الحوار”، نافياً أن تكون بإيعاز خارجي، بل من الحس الوطني وتحت الضغوط التي يعيشها لبنان واللبنانيون، والظروف الصعبة التي ترافقهم.
وتابع: “لذا تداعينا لإيجاد حل لهذا الملف الشائك الذي طال أمده، ووصل إلى 15 شهراً من الفراغ الرئاسي، وهذا غير مقبول والمطلوب كسر الجمود في هذا الملف، لأنّ الامور تتدهور ويجب وضع حدّ لذلك”.
ورداً على سؤال حول إمكانية طرحهم أسماء للرئاسة، نفى عطية ذلك، وقال: “لا أسماء وهدفنا الإجماع على اسم الرئيس المرتقب، ونحن مع وصول الرئيس الآدمي ونشدّد على هذه الصفة، وهدف كتلتنا التوافق على اسم جامع، يحقّق القبول الداخلي وثقة الخارج، وبمعنى أوضح فالتوافق مرشحنا، ولدينا هامش أوسع للحركة السياسية ومساحة أكبر للتعامل مع الجميع”، مبدياً كل التفاؤل لأنّ حل هذه المشكلة المستعصية سيضع لبنان على السكة الصحيحة بعد طول إنتظار.
وعلى خط لقاء وفد “الاعتدال الوطني” مع “التكتل الوطني المستقل” التابع للمرشح الرئاسي سليمان فرنجية، أفيد بأنّ اللقاء مع النائب طوني فرنجية حوى سجالاً، وبعد انتهاء الزيارة أعلن استبعادهم كتكتل عن خيار انسحاب رئيس تيار المردة من السباق الرئاسي، وبُعدهم عن الأسماء الرئاسية التي يطرحها البعض، إذ قال: “لن نذهب بالحياء أو الإحراج لسحب ترشيح سليمان فرنجية من السباق الرئاسي، وإذا حصل إجماع على أيّ شخصية أخرى، عندها لا حاجة لأصوات تكتلنا”.
أما اللقاء الذي سيحوي الكثير من السجال كما يترقّب الكثيرون، سيكون ظهر الاثنين المقبل مع حزب الله، الذي ووفق معلومات “هنا لبنان” طلب رد التكتل على بعض النقاط، ومن ثم أتى موقف النائب في كتلة “الوفاء للمقاومة” حسن فضل الله “بأننا اليوم مع الحوار الداخلي غير المقيّد بأي شروط مسبقة، أو وضع فيتوات أو فرض خيارات محدَّدة، وكنَّا دائماً من المتجاوبين مع الدعوات للحوار غير المشروط، خصوصاً تلك التي كان يطلقها رئيس المجلس النيابي، ومعروف مَن كان يرفض ويعطّل أي مسعى في هذا المجال”.
من هذا المنطلق يمكن التأكيد بأنّ حزب الله سيكون حجر عثرة أمام مبادرة “الاعتدال الوطني”، وكما تجري العادة سيقف في المرصاد أمام أي مرشح غير مرضي عنه من حارة حريك، لأنه سبق أن قالها وردّدها وإن بطريقة غير مباشرة “فرنجية أو لا أحد”، مما يعني أنّ كل ذلك التفاؤل سيُضرب بعرض الحائط، والطرف الحقيقي الذي يُعطّل انتخاب الرئيس سيظهر بوضوح هذه المرة.
في الختام ثمة مراقبون سياسيون يعتبرون، أنه من المبكر وصول رئيس في هذه المرحلة والظروف إلى قصر بعبدا، والضوء الأخضر الخارجي لم يأتِ بعد، في انتظار ما سيجري في المنطقة من تطورات، أي أنّ الملف الرئاسي لم يحن وقته، وهذا ما سيتمسّك به الممانعون.