منبر بكركي
إن الحل في لبنان لن يكون سوى بقلب الطاولة وإسقاط كل ما ساهم في الوصول إلى وصلنا إليه ويجب ألا نخشى من وضع الأمور في نصابها والقول إننا لن نقبل بعد اليوم بشراكة ليست موجودة سوى في الكلام وعلى الورق وأكبر دليل قرار الحرب والسلم
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
عند كل مفترق تتوجه مجموعات سياسية إلى الصرح البطريركي الماروني لتعلن من هناك عن خطوات سياسية في شأن مستقبل لبنان.
في الشكل، هذه الخطوات مرحب بها لأنها تؤكد على دور بكركي الوطني ودور المسيحيين في الإبقاء على هذا البلد ليس كقطعة أرض بل كهوية وتنوع يفترض أن يتم إيجاد صيغة ما كي يعيش هذا التنوع في إطارها.
من يذهبون إلى بكركي أو بعضهم يحاولون عدم مقاربة المعضلة اللبنانية بصراحة فبعضهم ما زال يؤمن بالدولة المركزية وبعضهم من يريد إلغاء المذهبية والطائفية وبعضهم من يريد اللامركزية، وربما يعود ذلك إلى تنوع تلك المجموعات سياسياً وطائفياً ولا يريد أحدهم أن يغضب الآخر، كما لا يريد بعضهم أن تلصق به نعوت واتهامات إن هو ذهب إلى أقصى طرح الحلول وتطرف فيها مع العلم أنها الحقيقة والواقع.
إن العودة إلى أي شكل من أشكال الدولة المركزية هو استمرار في ضرب وتخريب لبنان حتى ولو ألغينا الطائفية والمذهبية منها فهذا الإلغاء هو عنوان جميل يؤدي إلى نتيجة عكسية وهي بكل صراحة سيطرة طائفة معينة على مواقع الدولة على حساب الطوائف الأخرى لأنها تتمتع بأكثرية عددية، لا سيما وأنّ هذا الإلغاء لن يكون على أسس وطنية لأنها لم تكن موجودة ولن تكون موجودة أبداً عند البعض ما سيخلق صداماً أعنف مما هو اليوم بين المكونات اللبنانية.
إنّ الحل في لبنان يبدأ من إدراك الواقع والحقيقة وفيهما أنّ فئة من اللبنانيين لا توالي لبنان بل لديها مشروع ديني في الحكم وستعمل على تطبيقه في هذا البلد عاجلاً أم آجلاً، كما أنّ هناك في لبنان من يريد دولته بكل ما للكلمة من معنى ولن يتخلى عنها لا اليوم ولا بعد ألف عام فهي مكنته من السيطرة على القرار، كما أنّ هناك في لبنان تجارب متعددة تشير إلى أنّ العيش المشترك بالصيغة المتعارف عليها لم يكن يوماً في صالح لبنان واللبنانيين بل كان عبارة عن تقاسم مصالح ومغانم بين حاكمين جمعتهم المصلحة، كما أنّ المطالبين باللامركزية موسعة أو محدودة لا أحد يلفت إليهم رغم ورودها في اتفاق الطائف.
إنَّ الحل في لبنان لن يكون سوى بقلب الطاولة وإسقاط كل ما ساهم في الوصول إلى وصلنا إليه ويجب ألّا نخشى من وضع الأمور في نصابها والقول إننا لن نقبل بعد اليوم بشراكة ليست موجودة سوى في الكلام وعلى الورق وأكبر دليل قرار الحرب وسلم فإن كانت هذه الشراكة ستبقى على ما هي عليه فلا لزوم لها ويكون الطلاق هو الحل الأمثل وهو بالفعل كذلك في الحالة اللبنانية، طلاق قائم على تفاهم يحفظ العائلة اللبنانية في إطار فيدرالي أي اتحادي وهو أفضل بأشواط كثيرة مما يمارسه أهل السلطة اليوم ودعاة ما يعرف بالدولة المدنية وتخوين الآخرين.
إن ما ارتكب ويرتكب بحق لبنان هو أكبر خيانة وعمالة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في لبنان ما يستحق الحياة | تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل |