هوكشتاين بين نتنياهو و”الحزب”
يعود هوكشتاين اليوم بعدما أنهك الدمار جنوب لبنان وخلف ما يزيد عن ١٠٠ ألف نازح، وأنهك القصف والضحايا “الحزب” الذي تحول إلى هدف إسرائيلي بامتياز عبر الاغتيالات شبه اليومية لقيادييه وكوادره
كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:
يستأنف كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين مهمته في لبنان محاولاً للمرة الثانية إيجاد مخرج لأزمة الحدود مع إسرائيل تساهم في التوصل إلى هدنه عشية رمضان للحرب الدائرة منذ خمسة أشهر. وكان هوكشتاين قد حاول سابقاً تسوية الأزمة انطلاقاً من الالتزام بالقرار الأممي ١٧٠١ الذي توصلت إليه حكومة فؤاد السنيورة في صيف ٢٠٠٦ بعد حرب تموز التي ورط “حزب الله” لبنان فيها. وقد راهن هوكشتاين على الدور الذي قام به لأول مرة في خريف ٢٠٢٢ عندما توصل إلى اتفاق بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية، والذي وافق عليه ميشال عون عندما كان لا يزال رئيساً للجمهورية بدعم وتسهيل من “حزب الله” تمهيداً لإطلاق عملية التنقيب واستخراج الغاز والنفط من المياه الإقليمية اللبنانية، لكنه لم يوفق لعدة أسباب. أهمها هو أن “حماس” التي افتتحت الحرب تركز قاعدتها اللوجستية من لبنان، ولدخول “حزب الله” الحرب لمساندتها وتوريط لبنان وضرب وحدته الداخلية.
يعود هوكشتاين اليوم بعدما أنهك الدمار جنوب لبنان وخلف ما يزيد عن ١٠٠ ألف نازح، وأنهك القصف والضحايا “حزب الله” الذي تحول إلى هدف إسرائيلي بامتياز عبر الاغتيالات شبه اليومية لقيادييه وكوادره ما دفع زعيمه حسن نصرالله إلى تصنيف الهاتف الخليوي بـ “العميل” رقم واحد.
وتحول جنوب لبنان إلى هدف مزدوج بين إسرائيل من جهة التي يريد رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو أن يسجل عبره انتصاراً ولو جزئياً كبديل عن عدم قدرته على إنهاء “حماس” التي تسببت بدورها في قتل ٣٠ ألف فلسطيني في قطاع غزة، ومن جهة أخرى “حزب الله” الذي يريد أن يثبت للجنوبيين الشيعة أنه حامي أرواحهم وأرزاقهم، والأهم القيام بالدور المنوط به من قبل إيران بإبقاء الجبهة مشتعلة على الحدود مع إسرائيل. إلا أن مهمة هوكشتاين تقوم على محاولة دفع “حزب الله” إلى تطبيق القرار ١٧٠١ بالانسحاب إلى شمال نهر الليطاني بحدود ١٠ كيلومترات لسحب الذرائع من إسرائيل التي تريد إعادة نحو ١٢٥ ألف مستوطن إسرائيلي إلى القطاع والحدود مع لبنان. والتوفيق بين هذين الهدفين-الدورين ليس بالأمر السهل إن لم نقل بشبه المستحيل. ناهيك عما تريده أطراف أخرى محلية من هوكشتاين يميناً وشمالاً. غير أن ما يريده “حزب الله” هو الربط بين الوضع الإقليمي والوضع الداخلي اي بين حرب غزة ورئاسة الجمهورية ما يمكنه من فرض رئيس صديق بعد أن يكون الجميع قد أنهكوا من الانتظار كما حصل عندما تمكن “حزب الله” من فرض ميشال عون رئيساً في المرة السابقة بعد فراغ ومراوحة دامت سنتين ونصف السنة رغم أن الحزب لم يكن لديه الأكثرية النيابية يومها. ولكن اليوم الوضع السياسي وموازين القوى تغيرت إذ انّ الحريري انكفأ والقوات موقفها واضح وهناك معارضة حاسمة، والأهم أن حليف “حزب الله” أي التيار العوني ليس منه المرشح وبالتالي جبران باسيل يعتبر نفسه غير معني بمعركة يخوضها “حزب الله” وبالأخص بعد الخلاف الذي حل بين الطرفين نتيجة رفض باسيل لمرشح الحزب ولسعيه لإعادة تعويم نفسه مسيحياً.
غير أنّ ما سبق عودة هوكشتاين إلى بيروت تجلى بتصعيد خطير بين إسرائيل و”حزب الله” وواكبته تسريبات إعلامية أميركية تتحدث عن احتمال قيام إسرائيل باجتياح لبنان في الربيع أو الصيف القادم. وهو تطور خطير من شأنه أن يقضي ليس فقط على مهمة هوكشتاين الحالية وإنما أيضًا على إمكانية أن يلعب دوراً في عملية إنهاء الخلاف على النقاط الثلاثة عشرة على الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.
ولكن أين لبنان الرسمي من كل ذلك؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
إيران تفاوض.. فمن يوقع عن لبنان؟ | برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض |