“لامركزية المطارات حتماً.. والأدلة تتجاوز الأعذار”: طائرات MEA حطت في مطار رياق أسبوعاً كاملاً
هناك حاجة أمنية لتشجيع المواطنين على السفر إلى لبنان من خلال مطار آمن، يحافظ على سلامتهم ويقلّل من المخاطر الأمنية
كتب جوني فتوحي لـ”هنا لبنان”:
تحويل قاعدة رياق الجوية إلى مطار مدني بات يمثل خطوة استراتيجية مهمة في تطوير البنية التحتية للنقل في لبنان. فهذا المشروع الذي يجب أن يتخذ القرار فيه، ليس مجرد تغيير في الهوية الرئيسية للقاعدة الجوية، بل يعكس رؤية مستقبلية ترمي إلى تحسين التواصل بين لبنان والعالم عبر تعزيز الروابط المدنية والتجارية الدولية والإقليمية. يمثل تحول قاعدة رياق إلى مطار مدني وتجاري إذا حصل، تطوراً استراتيجياً يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي، وتعزيز السياحة، وتوسيع فرص الاستثمار والعمل.
بفضل هذا التحول، سترتقي المنطقة إلى مركز للنقل الجوي يخدم السفر الداخلي والدولي بشكل أفضل، مما يسهم في جعل لبنان وجهة مفضلة للسياح ورجال الأعمال على حد سواء. يعتبر تحويل قاعدة الرياق إلى مطار مدني خطوة مهمة نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الريادة في مجال النقل والسياحة في المنطقة، كما تعتبر هذه الخطوة أيضاً تعبيراً عن الالتزام بتحسين جودة الحياة للمواطنين وتوفير بنية تحتية متطورة تلبي احتياجات المجتمع وتعزز النمو الاقتصادي المستدام في لبنان.
افتتح وزير الأشغال (في الثمانينات) تجربة رائدة حيث تحولت قاعدة رياق الجوية، إلى مطار مدني لأيام عديدة، واستقبلت الطائرات المدنية لشركة طيران الشرق الأوسط. كانت تجربة ناجحة لكن لم تكتمل، وهي تصلح لأن تكون النموذج لتشغيل مطارات المناطق، والأبرز منها رياق القليعات وحامات. هذا سيكون البداية في معادلة لامركزية المطارات، والمقدمة لإحياء المناطق والمحافظات التي تعاني من حصر كل الخدمات والمرافق بالعاصمة بيروت.
عقيص: العائق الوحيد هو التمويل
وفي هذا الإطار، رأى عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص أنّ رياق هي القاعدة الوحيدة التي جُربت للطيران المدني في أوائل الثمانينات، حين كان هناك إضراب من قبل الميدل إيست، وكان الوزير بطرس حرب وزيراً للأشغال العامة آنذاك، وقرر فتح مطار رياق للطيران المدني لمدة أسبوع، حينها هبط طيران الشرق الأوسط في رياق.
وأضاف عقيص في حديث لـ “هنا لبنان”: من الناحية الملاحية كان الوضع سليماً، ومن ناحية المباني استطاعوا استقبال الطائرات المدنية والركاب، ولكن الآن يجب إعادة التأهيل. ملاحياً بإمكان المطار استقبال الركاب والبضائع، فهو مطار مهم جداً من الناحية الجغرافية، وإذا حل السلام في المنطقة بامكان قضاء زحلة عموماً ومطار رياق خصوصاً، أن يصبحوا نقطة وصل كما كانوا في فترة الحكم العثماني. لقد كان هناك محطة قطارات في رياق، والفرنسيون والألمان استعملوا هذه النقطة الجغرافية، إما لبناء ثكنات عسكرية أو لبناء قاعدة جوية، وهذا يؤكد على أن هناك فائدة وملاءمة جغرافية وملاحية، ليصبح لدينا مطار في رياق، أما من الناحية الاقتصادية فالمطار قادر على إنعاش المنطقة بشكل كبير جداً
ولفت عقيص إلى أن العائق الوحيد لتحويل القاعدة إلى مطار مدني هو التمويل، فلكي يتم تمويل هذا المشروع هناك شرطان أساسيان: الأول الاستقرار السياسي والأمني، وهذا الاستقرار حالياً غير متوفر، وثانياً إعادة إطلاق العجلة الإقتصادية والمالية في لبنان نتيجة هذا الاستقرار، ولذلك الموضوع من المهم والملائم جداً للبنان وللبقاع، لكن دونه عقبات خارجية.
وعند سؤاله إذا ما كان هناك عرقلة للمشروع، أجاب عقيص: العرقلة الوحيدة هي العرقلة التي أعلنها حزب الله سابقاً، والتي ارتبطت بمطار القليعات وغيره من المطارات، وذلك لأسباب تتعلق باستراتجيته الأمنية. فالحزب لا يهمه أن تنشأ مطارات أخرى غير مطار بيروت لأنه يحكم قبضته عليه.
التوم: يفترض استثمار وإدارة المطارات في المناطق
من جهة أخرى، قال عضو تكتل لبنان القوي سامر التوم: بالنسبة لأهل البقاع، يزيد فتح رياق كمطار مدني، فرص العمل في البقاع وهذا الأمر مهم جداً، ولكن إذا كانت الفكرة تتعلق بما إذا كان لبنان بحاجة إلى مطارين، فهناك دول أكبر من لبنان ولديها عدد قليل من المطارات، وهنا أعطي مثالاً على باريس التي مساحتها أكبر من لبنان، وتستقطب ملايين المسافرين سنوياً ولديها فقط مطارين، وبالتالي في حال الرغبة في تحويل قاعدة رياق إلى مطار مدني ووضعه في الخدمة، يجب أن تتوفر سلسلة متكاملة من البنى التحتية وكل ما يلزم لوضعه في الخدمة.
وأضاف: الخطوة الأولى من الناحية العملية هي تقدير إلى أي مدى يمكن زيادة عدد المسافرين الذين يمكن أن يتوافدوا إلى البلد والإمكانيات التي تجعل تحويل القاعدة إلى مطار ممكناً، بمعنى آخر، يمكن توسيع مطار بيروت، وزيادة قدرته على استيعاب عدد أكبر من المسافرين، أو يمكن اللجوء إلى إنشاء مطار أكبر في موقع آخر. هذا هو السؤال الأساسي، وفي حالة التيقن أن مطار بيروت لا يكفي ولا يحقق الغرض المنشود منه، فيمكن التحدث عن مطار بديل مثل مطار رياق أو موقع آخر.
وتابع: نحن كتيار كان لدينا فكرة مهمة جداً عندما ناقشنا موضوع الصندوق الائتماني في ما يتعلق بإدارة أصول الدولة واستثمارها، وهي واحدة من الأفكار التي طرحناها وهي أن المطارات التي تقع بعيداً عن بيروت، يفترض إدارتها واستثمارها بالتعاون مع القطاع العام لخدمة المواطنين بشكل أفضل.
حرب: هناك إمكانية لتشغيل مطارين مجهزين
وقال الوزير السابق بطرس حرب، مستعيداً فترة توليه وزارة الأشغال وتشغيل مطار رياق آنذاك: كانت هناك تدابير استثنائية لمواجهة مطالب غير محقة برأيي في تلك الأوقات، حيث لم يكن من الممكن الموافقة عليها. نجحت هذه التدابير كعملية لمواجهة التحديات التي كنا نواجهها. لكن المسألة لم تكن مطروحة كمسألة لامركزية للمطارات، بل كانت مطروحة كحل للمشكلات التي كنا نواجهها.
وقال: إن مسألة لامركزية المطارات تغيرت وأصبحت أكثر إلحاحاً وضرورة نظراً للاحتياجات الحيوية، حيث لا يوجد بلد في العالم يعتمد على مطار واحد فقط. كما أن الوضع الأمني للمطار يستدعي النظر في إنشاء مطار آخر، حيث يعرض الكثير من المواطنين حياتهم للخطر عند استخدام المطار في ظروف غير آمنة، مثلما هو الحال مع مطار بيروت الدولي، الذي يخضع لسيطرة فريق مسلح خارج الشرعية، كحزب الله. وبالتالي، فإن هذا الموضوع يعتبر جدياً، وأعتقد أنه وفقاً للدراسات المنجزة، هناك إمكانية لتشغيل مطارين موجودين وجاهزين، وهما مطار القليعات ومطار حامات. يبدو أن هناك قدرة على استقبال طائرات تجارية في هذين المطارين، مما يجعل الخطوة ضرورية اقتصادياً لتعزيز الحياة الاقتصادية وتوفير فرص عمل جديدة في المناطق الشمالية. كما أن هناك حاجة أمنية لتشجيع المواطنين على السفر إلى لبنان من خلال مطار آمن، يحافظ على سلامتهم ويقلل من المخاطر الأمنية.
إن إنشاء مطار جديد لا يلحق أي ضرر بمطار بيروت الدولي، بل على العكس، يعزز الحركة الاقتصادية في البلاد. المطار هو خدمة عامة يجب أن تكون متاحة للجميع، ولذا فإن إنشاء مطار آخر لا يعني أنه سيتسبب في ضرر لحركة الطيران أو للمطار القائم، لأن الشركات التي تشغل المطار ستكون في المطار الجديد، مما يساهم في تعزيز النمو في مناطق أخرى وخلق فرص عمل جديدة في لبنان.
وعن معارضة إنشاء مطارات جديدة قال حرب: بالطبع يعارض حزب الله وغيره من أصحاب المصالح في مطار بيروت الدولي، فكرة إنشاء مطار جديد، حيث يسيطرون على الخدمات التي يقدمها المطار. ولكن لا نرى أن المصلحة الوطنية محصورة بتلبية مصالح حزب الله أو أي جهة أخرى، فالمصلحة هي مصلحة وطنية لجميع المواطنين اللبنانيين، وواجب الدولة اللبنانية هو توفير حق المواطنين في الحرية والأمن أثناء السفر والتنقل.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الجيش يضبط المطار: نموذج سيعمم على كل لبنان | إرث لبنان المهدد بين نيران الصراع وصمت العالم | سياحة على وقع الحرب ضربات متتالية على الرأس |