مبادرة “الاعتدال الوطني” أربكت الفريق الممانع… ماذا في خفايا التعطيل؟
كالعادة لا بدّ أن يظهر المعرقلون في أي قضية أو ملف، فكيف إذا كان الهدف إنهاء الفراغ وانتخاب رئيس للجمهورية بعد 15 شهراً من المماطلة وسط ظروف دقيقة وخطرة؟
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
وسط تراكم المبادرات الرئاسية الداخلية والخارجية، من دون أن تتوصّل أيٌّ منها إلى خاتمة سعيدة، وحدها مبادرة تكتل الاعتدال الوطني حملت طرحاً إيجابياً وقبولاً من أغلبية الكتل النيابية، ربما لأنها أتت من نواب بعيدين عن الاصطفافات السياسية، وعلى مسافة واحدة من الجميع. لكن وكالعادة لا بدّ أن يظهر المعرقلون في أي قضية أو ملف، فكيف إذا كان الهدف إنهاء الفراغ وإنتخاب رئيس للجمهورية بعد 15 شهراً من المماطلة وسط ظروف دقيقة وخطرة؟
هذه المبادرة نالت موافقة المرجعيات الدينية، ودعم البطريركية المارونية التي عبّرت عن موقفها بوضوح، في البيان الأخير لمجلس المطارنة الموارنة، كما نالت قبول أكبر كتلتين مسيحيتين، أي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، الأمر الذي فاجأ الثنائي الشيعي خصوصاً موافقة الدكتور سمير جعجع، والتي أربكت عين التينة وحارة حريك معاً، إذ اعتبرتا أنه سيكون أول الرافضين لها، فيما الواقع أكد هوية المعرقلين بوضوح أي أغلبية الفريق الممانع، إذ بدأ على الفور إطلاق النار السياسي على المبادرة، والقول إنها ولدت ميتة ولن تصل إلى مبتغاها وانطفأت في مهدها، وإلى ما هنالك من أقوال وتفسيرات ومغالطات.
إلى ذلك حاول الممانعون وضعها ضمن إطار الألغام السياسية، فبدأت سيناريوهات الاستمهال والأسئلة ووضع الملاحظات والشروط، والتشديد على ضرورة إيجاد مَخرج وفاقي للجميع، والعودة إلى شعارات التمسّك بمرشح لا يطعن ظهر المقاومة، والقول أنّ الطرح يمسّ برئاسة المجلس النيابي وصلاحياته، في محاولة لسحب المبادرة واللعب على عامل الوقت، وعدم إعطاء الجواب النهائي من بعض أطراف الممانعة، بحجة وجود أسئلة حول الآلية التي يقوم عليها التشاور، إضافة إلى الجلسات الانتخابية المفتوحة وغيرها من الأسئلة على الرغم من وضوحها، وحصول المبادرة على موافقة مئة نائب بحسب ما أشار أمين سر تكتل الاعتدال الوطني النائب السابق هادي حبيش، وهذا يعني أنّ الكرة باتت أولاً في ملعب حزب الله، لأنّ الكل ينتظر جوابه والسيناريو المحضّر مع المردة، وهما في خانة واحدة أبرزتهما كمعرقلين، فيما كانا يتبجّحان برمي الاتهامات المماثلة على غيرهم.
أما عين التينة فتلعب دورها بهدوء وصمت وبطريقة دبلوماسية، تبعدها عن الاتهامات بالعرقلة، وهذا يعني أنّ الردود المرتقبة لا تبشّر بالخير، ولن تعلن في الوقت الراهن، في إنتظار الجولة الثانية المرتقبة للتكتل لغربلة الآراء والمواقف.
وفي هذا الإطار يشير عضو كتلة الاعتدال الوطني النائب أحمد رستم لـ”هنا لبنان” إلى أنّ المبادرة لقيت تجاوباً كبيراً من أكثرية الكتل النيابية، ونحن في انتظار جواب كتلة الوفاء للمقاومة، التي طرحت بعض الاسئلة ووفد التكتل أوضح لها كل التساؤلات، كما ننتظر جواب المردة والنائب فيصل كرامي.
ووصف رستم المبادرة بالخطوة الأساسية التي تهدف إلى إنتخاب رئيس للجمهورية، لأن الفراغ الرئاسي طال أمده ووصل إلى 15 شهراً، لكن البعض هاجمها واعتبر أنها ولدت ميتة وهذا مؤسف، لأنّ من يهاجممنا وينتقدنا ويعاتبنا عليه أولاً أن يجد البديل، فأين هي طروحاتهم؟ وقال: “لم نسوّق لأيّ مرشح رئاسي، وكل هدفنا أن يصل رئيس إلى بعبدا، ويعود الإنتظام إلى المؤسسات والبلد المهدّد بالحرب في ظل غياب الرئيس، لذا لا يمكن أن نقف كنواب مكتوفي الأيدي وسط كل هذه الهواجس، والمطلوب أن يبحثوا في الجوهر وليس في الشكليات”.
ورداً على سؤال حول مدى تجاوب الرئيس برّي مع مبادرتهم، أوضح رستم بأنّ رئيس المجلس النيابي كان من أكثر المؤيدين لها، إذ لمسوا منه تقارباً في وجهات النظر وكان متجاوباً، وهو لطالما دعا إلى جلسات حوار واليوم نحن نكمل دعوته، ورأى أنّ مبادرتهم أربكت من يريد الاصطياد بالمياه العكرة.
ولفت رستم إلى أنهم ينتظرون نتيجة الجولة الثانية التي سيقومون بها قريباً، على كل الكتل والأفرقاء لجمع الردود والمواقف النهائية، والمرحلة المقبلة سوف تشهد استكمال المشاورات واللقاءات لكن بصورة متأنية، نتيجة حلول شهر رمضان المبارك، وأبدى تفاؤلاً بإمكانية خرقهم طريق بعبدا لإيصال الرئيس، لكن كل هذا يحتاج لبعض الوقت”.
وعلى خط الفريق الممانع ووفق المعلومات الصادرة عن الكواليس والخبايا، فالوقائع تؤكد تطويق المبادرة ببعض الممانعين، والبحث جارٍ عن مَخرج ملائم لهم طويل الأمد وقد يمتد لسنوات!