عون: وما “الحزب” إلا الحبيب الأول
على خطا عون، يمضي رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران انتقاداً.. ولكن قضية عون هو أنه “خائف على الحزب”، وعلى خطاه قال باسيل أنّ “التيار” ما زال في قلب “التفاهم” مع الضاحية الجنوبية
كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:
يعتقد كثيرون أنّ الرئيس ميشال عون قد “افترق” عن “حزب الله”. وهذا “الافتراق” ناجم عن فتح “الحزب” جبهة الجنوب ضد إسرائيل. وعلى خطا عون، يمضي رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران انتقاداً. فماذا بعد؟ هل سيعلن “التيار” الافتراق رسمياً عن شريكه في “تفاهم مار مخايل”؟
لم يتأخر باسيل نفسه في الإجابة على هذا السؤال. فهو في الكلمة التي ألقاها خلال العشاء السنوي التمويلي لـ”التيار” مساء الجمعة الماضي قال:”وثيقة التفاهم لم تسقط”. كما قال “أنّ التيار لم يخرج من التفاهم ولكن الحزب هو من خرج”. لينتهي إلى القول: “لا يفكرن أحد أننا نندم عليه، وفي أي ساعة يعود الحزب إلى التفاهم نعود إليه”.
ما دام خيار إعلان الافتراق بين “التيار” و”الحزب” ليس وارداً. فإلى أين سينتهي التيار البرتقالي في انتقاداته لما يحصل في الجنوب؟
من المؤكد أن “حزب الله” تلقى من الرابية ما يكفي من ضمانات قبل أن يصعد وفده الذي ترأسه النائب محمد رعد قبل أيام لزيارة عون. وهذه الضمانات هي كافية للقول أنّ ما فعله “الحزب” ولا يزال من توريط للبنان في مواجهة مدمّرة “لن تفسد في الود قضية” بين الجانبين. وبفضل هذه الضمانات دخل رعد والوفد المرافق الرابية مبتسماً وخرج منها أكثر ابتساماً.
وبدا حديث عون الصحفي الأخير من باب لزوم ما يلزم، إلا فيما خلا الآتي: “أصغى عون إلى ما أدلى به رعد عن الدوافع التي أملت على “حزب الله” الانخراط في حرب غزة عبر إشعال جبهة الجنوب. فردّ عون : “وجهة النظر هذه بالنسبة إليّ ضعيفة غير مقنعة. أعتبرها معركة خاسرة. أنا خائف عليكم”.
قضية عون هو أنه “خائف على الحزب”. وعلى خطاه قال باسيل أن “التيار” ما زال في قلب “التفاهم” مع الضاحية الجنوبية.
لم يعد هناك من الآن فصاعداً مجال للقول أن حجة عون وتياره في صدد تغيير ما عاد الجنرال من أجله من منفاه الباريسي عام 2005 . فهو عاد، ليركب موجة ثورة الأرز التي أخرجت جيش النظام السوري من لبنان بعد انتفاضة 14 آذار التاريخية. لكنه ركب الطائرة من باريس إلى بيروت بعد إبرامه اتفاقاً مكتوباً، مر على رئيس النظام بشار الأسد ووصل لاحقا إلى الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصرالله. ومن أراد الاطلاع على تفاصيل هذا الاتفاق، ما عليه سوى العودة إلى كتاب المحامي كريم بقرادوني “صدمة وصمود”.
من يعد إلى هذه الاستفاقة المتأخرة لـ”التيار” من باب انتقاد فتح “الحزب” جبهة الجنوب، يجد نفسه مدفوعاً لطرح تساؤلات تضع مواقف “التيار” على المحك. ومنها: كيف يمكن لعون ووريثه باسيل أن ينتقدا توريط “الحزب” لبنان في حرب محتملة مع إسرائيل، ولم يتخذا الموقف نفسه من حرب سوريا؟ فعندما قرر “الحزب” الذهاب إلى هذه الحرب بعد اندلاعها عام 2011 ، نال ولا يزال اةإشادة “التيار” بموقف “الحزب”. علماً أن هذه الحرب التي شارك “حزب الله” فيها ولا يزال، أسفرت عن إزهاق أرواح مئات الألوف من السوريين وتشريد الملايين. وأدت أيضاً إلى تدفق أكثر من مليوني نازح سوري على لبنان ما يهدد كيان لبنان على مستويات عدة واولها الخطر الديموغرافي.
ثم أين انتقاد “التيار” لسلاح “حزب الله” الذي ارتد إلى الداخل في 7 أيار 2008 غازياً بيروت ومرتكباً جرائم قتل في صفوف مدنيي العاصمة؟
وهل قال “التيار” كلمة واحدة بعد صدور قرار المحكمة الدولية الذي أدان أفراداً في “الحزب” في الضلوع في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط 2005؟
وماذا يقول “التيار” في سلاح “الحزب” الذي بات عقبة أمام تنفيذ القرار 1701 الذي هو نافذة الخلاص الآن للبنان وليس الجنوب وحده؟
وأخيراً وليس آخراً، أليس كافياً أن يحزم “التيار” أمره وقد بات “الحزب” المعطل الأول للانتخابات الرئاسية التي قال في تعطيلها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بالأمس بأنه “إنتهاك سافر للدستور لأهداف مكشوفة وهي إقصاء الرئيس المسيحي المارونيّ الوحيد في هذا الشرق”؟
إنّ انتقاد ميشال عون لما تسبب به “حزب الله” في الجنوب، هو موقف الأكثرية الساحقة من اللبنانيين وقد سبقته إليه منذ بدء اشتعال الجبهة الجنوبية في 8 تشرين الأول الماضي. لكن ما يقوله عون وبعده باسيل إلى جانب الانتقاد، يثير الظن في مقاصد هذا الانتقاد، ما ينطبق عليه قول أبو تمام: “نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |