على ماذا يجتمع المسيحيون؟
على المسيحيين اليوم أن يجتمعوا على عدم الخوف وأن يرفعوا شعار المواجهة كوسيلة وحيدة للمرحلة المقبلة فمن دونها لن يشعر المسيطرون على البلد بأنّ سيطرتهم أصبحت على المحك
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
في المجتمع المسيحي في لبنان يتصاعد الكلام الذي يحمّل القيادات المسيحية والكنيسة حال التراجع التي تصيب المسيحيين منذ سنوات، وهذا كلام يجسد حقيقة يلمسها المسيحيون كل يوم رغم أنّ هناك في صفوفهم من يحاول التخفيف من وطأتها كي لا يعمّم حالاً من الإحباط.
وفي هذا المجال لا بدّ من توضيح الصورة وفيها أنّ مسؤولية القوى المسيحية في إضعاف الوجود المسيحي ليست مسؤولية متساوية، فهناك قوى عاثت فساداً وخراباً في المجتمع المسيحي، وهناك قوى حاولت الصمود والمواجهة، وهناك قوى استسلمت، ولكنّ الأهم والأخطر أنّ القوى المسيحية هذه وعلى مختلف أهوائها لم تدرك خطورة ما يواجهه المسيحيون في لبنان اليوم وضرورة أن يقروا استراتيجية دفاعية عن وجودهم ودورهم في هذا البلد.
هذه الاستراتيجية الدفاعية للمسيحيين عليها أن تنطلق بداية من الضغط باتجاه المشاركة بالقرار والتصدي بكل ما هو متاح من وسائل ديمقراطية وسلمية لأي عملية تفرد بمصير البلاد، ولا ينفع هنا أن تلعب بعض القوى المسيحية على الحبلين: حبل الفوضى وحبل الدولة، ولا ينفع غش الرأي العام المسيحي أو جزء منه واستمرار إغراقه في شعارات وممارسات أدت إلى هدم ما تبقى من هيكل الدولة وكل ذلك في سبيل مصلحة شخصية، والجريمة الكبرى التي يرتكبها هؤلاء هي أنهم يدرون ماذا يفعلون ونتائج أفعالهم ظاهرة في السياسة والإقتصاد والأمن ويحاولون جاهدين أن يلقوا بالمسؤولية على غيرهم معتبرين أنه من السهل تضليل الناس أو أنه من السهل أيضاً بيعهم أوهاماً تستند إلى عنوان حقوق المسيحيين.
على المسيحيين في لبنان اليوم أن يجتمعوا أولاً على الحفاظ على وجودهم، وجود المدرسة والجامعة والمستشفى والمصرف والمصنع والأرض والمؤسسات السياحية وغيرها من مقومات الإقتصاد والمجتمع وأن لا يتخلوا عنها بسهولة وأن يحاولوا قدر الإمكان وضعها في خدمة مجتمعهم لا مصالحهم الشخصية والعائلية فقط.
على المسيحيين في لبنان اليوم ان يجتمعوا ثانياً على سيادة الدولة والقانون ووجود الدولة وانفرادها بالقرار، وكل من يغرد خارج هذا السرب مساهم في استكمال القضاء على الوطن والوجود المسيحيين فيه تحديداً.
على المسيحيين في لبنان اليوم أن يجتمعوا ثالثاً حول الكنيسة وأن تجتمع الكنيسة حولهم وأن تتوقف دوامة التحطيم المتبادل وأن يعرف الطرفان واقع وحقيقة كل منهما لتنطلق عملية تعاون تثبت الرعية في أرضها ووطنها.
على المسيحيين اليوم أن يجتمعوا رابعاً على عدم الخوف وأن يرفعوا شعار المواجهة كوسيلة وحيدة للمرحلة المقبلة فمن دونها لن يشعر المسيطرون على البلد بأنّ سيطرتهم أصبحت على المحك.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في لبنان ما يستحق الحياة | تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل |