تحويلات المغتربين “متنفس” لـ 70% من العائلات اللبنانية!
شكلت تدفقات العملات النقدية بالدولار من قبل المغتربين والعاملين في الخارج مصدراً حيوياً لتأمين احتياجات 70% من العائلات اللبنانية التي تستفيد من هذه التحويلات المالية
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
وحدها التحويلات المالية الشهرية التي يرسلها مغتربو لبنان أنقذت العديد من العائلات اللبنانية وساعدتها على الصمود، بعد أن شكلت تدفقات العملات النقدية بالدولار من قبل المغتربين والعاملين في الخارج، مصدراً حيوياً لتأمين احتياجاتهم الأساسية.
وبحسب تقديرات الاقتصاديين يستفيد 70% من العائلات اللبنانية من التحويلات المالية، 10% من هذه الأسر والتي يقل دخلها عن 10 ملايين ليرة تتلقى تحويلات شهرية لا تتخطى الـ 100 دولار ، في حين أن 60% من الأسر التي يتراوح دخلها الشهري بين 20 و25 مليون ليرة، تتلقّى تحويلات شهرية تفوق الـ 500 دولار.
فإلى أي مدى ساهمت تحويلات المغتربين بتكريس الاستقرار المالي والاجتماعي في لبنان؟ ماذا عن مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي؟ وماذا عن عدد العائلات المستفيدة منها؟
الخبير الاقتصادي البرفسور بيار الخوري يقول لـ “هنا لبنان”: “تشير البيانات غير الرسمية إلى أنّ تحويلات المغتربين اللبنانيين تلعب دوراً مهماً في دعم الاقتصاد اللبناني ومساعدة العائلات على تلبية احتياجاتها الأساسية. في عام 2022، شكلت هذه التحويلات نحو 37.8% من إجمالي الناتج المحلي اللبناني، وهي نسبة كبيرة تعكس أهمية هذه التحويلات في الاقتصاد، إذ تبلغ تحويلات المغتربين رسمياً نحو 8 مليارات دولار سنويا، وقد تصل إلى ضعف هذه القيمة لأن ثمة أموالا تأتي نقداً عبر المسافرين، وفي عام 2020، بلغت قيمة التحويلات الرسمية نحو 7 مليارات دولار، وربما تجاوزت فعليا رقم الـ12 مليار دولار”.
ويتابع الخوري: “هذه التحويلات تمثل شبكة أمان اجتماعية للعائلات اللبنانية، حيث تم استخدامها بشكل رئيسي لتغطية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء، السكن، الصحة، والتعليم. وتشير الإحصاءات غير الرسمية والاستبيانات بالعينة إلى أنّ 61% من الأسر أبلغت عن استخدام جزء من التحويلات لشراء الغذاء، و59% لتغطية تكاليف السكن، بينما استخدمت 46% من الأسر التحويلات لتغطية نفقات الصحة، و18% للتعليم”.
وفي ما يخص متوسط المبالغ المحولة، يقول الخوري: “يتلقى نحو 170 ألف عائلة لبنانية حوالي 110 ملايين دولار شهرياً عبر شركات تحويل الأموال، بمتوسط يقارب الـ550 دولاراً لكل حوالة، على الرغم من أن 50% من هذه الحوالات تبلغ قيمتها أقل من 300 دولار. هذه الأموال بالنسبة لكثير من العائلات تعد مصدر الدخل الرئيسي أو تكملة للدخل لتلبية الاحتياجات الأساسية في ظل انهيار قيمة العملة وارتفاع التضخم، مما يشير إلى أنّ هذه التحويلات تلعب دوراً جزئياً في سد فجوة المداخيل لدى الكثير من الأسر”.
أما بالنسبة لبلدان الاغتراب الرئيسية التي تتدفق منها التحويلات،فيلفت إلى أن “المغتربين اللبنانيين يتوزعون حول العالم، ولكن غالبية التحويلات تأتي من دول مثل دول الخليج العربي وأفريقيا، مع التأكيد على أن التحويلات المالية تأتي من نحو 160 دولة حول العالم”.
وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة لهذه التحويلات في دعم الأسر اللبنانية والاقتصاد بشكل عام، يظل هناك تحدٍ يتمثل في كلفة التحويل المرتفعة مقارنةً بالمتوسط العالمي، مما يقلل من فعالية هذه التحويلات في توفير الدعم المالي للأسر اللبنانية، وهنا يشير الخوري إلى أنّ “النسبة المرتفعة لكلفة التحويل تقلل من قيمة الأموال التي تصل إلى الأسر في لبنان، حيث تصل كلفة التحويل القصوى إلى نحو 11%، ما يفوق المتوسط العالمي البالغ 6%.”.
وفي ما يتعلق بالإنفاق الاستثماري الناتج عن هذه التحويلات، يجيب: “قبل الأزمة الاقتصادية، كانت بعض الأسر تستخدم التحويلات للاستثمار في العقار والتعليم الخاص. ومع ذلك ومع تعمق الأزمة باتت الأسر توجه هذه التحويلات نحو تلبية الاحتياجات الأساسية”.
وبالمحصلة يرى الخوري أن “التحويلات المالية من المغتربين اللبنانيين تشكل عنصراً حيوياً في الاقتصاد اللبناني، وتساعد على تخفيف بعض آثار الأزمة الاقتصادية. ومع ذلك، لا يمكن الاعتماد عليها وحدها لإنقاذ الاقتصاد، بل يجب اتخاذ تدابير اقتصادية وإصلاحات هيكلية شاملة لتحقيق الاستقرار وتحفيز النمو الاقتصادي في البلاد”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |