غارة القنصلية.. هل تنقل “حرب الظل” بين إيران وإسرائيل إلى مرحلة خطيرة؟
وسط توتر إقليمي منذ اندلاع حرب غزة، نفذت الضربة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، مخلفة 11 قتيلاً بينهم قياديون ومستشارون مهمون في الحرس الثوري الإيراني، ما فاقم المخاوف من تفجر حرب من نوع جديد بين إسرائيل وإيران.
وفي سياق متصل، قال تقرير لوكالة بلومبرغ، إن “حرب الظل” بين إيران وإسرائيل وصلت إلى مرحلة جديدة وخطيرة، وذلك إثر الهجوم الذي استهدف قنصلية طهران في دمشق، والذي اتُهمت إسرائيل بالوقوف وراءه.
ويسود صراع بين إسرائيل وإيران منذ فترة طويلة، وقد هاجم الطرفان بعضهما البعض، بطريقة غير مباشرة، في عدة مناسبات، بينما استخدمت طهران وكلاءها في المنطقة لضرب إسرائيل، وهو ما قد يتصاعد أكثر في غمرة حرب إسرائيل وحماس، التي اندلعت في السابع من أكتوبر الماضي.
وقالت بلومبرغ “مع استمرار القتال بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، وانضمام الجماعات المسلحة الأخرى المدعومة من إيران إلى المعركة، دخلت حرب الظل مرحلة جديدة خطيرة”.
والاثنين، أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني أن غارة جوية إسرائيلية استهدفت مبنى قنصلية البلاد في العاصمة السورية دمشق، أدت إلى مقتل قائد كبير في الحرس الثوري الإسلامي، من بين آخرين.
كانت هذه مجرد حلقة أخرى من بين عدة حلقات من الصراع بينهما لا سيما في الأشهر الأخيرة.
ضربة موجعة وصفعة معنوية
إلا أن استهداف القنصلية الذي شكل ضربة موجعة لطهران، بل إن أول قصف يطال قنصلياتها أو سفاراتها شكل صفعة معنوية أيضا لها، وفق بعض المحللين.
وفي السياق، اعتبر مدير القسم الإيراني في مركز “مجموعة الأزمات الدولية” علي فائز، أن إيران وإسرائيل انخرطتا على مدى سنوات في ما اصطلح على تسميته حرب الظل، إلا أن ضربة القنصلية أثبتت أن تلك التسمية باتت خاطئة لاسيما مع تزايد التوترات على جبهات متعددة في المنطقة.
كما أوضح في سلسلة تغريدات على حسابه في منصة إكس، أنه سبق لإسرائيل أن استهدفت عناصر من الحرس الثوري في سوريا خلال السنوات المنصرمة إلا أن تلك الاستهدافات كانت استثناء، أما ضربة أمس فترتدي طابعاً مهما جدا سواء بالنسبة للموقع المستهدف أو حتى العناصر الذين قتلوا.
“موقف لا تحسد عليه”
ورأى أن طهران في موقف لا تحسد عليه، كاتباً أن عدم الرد سيفسر على أنه ضعف ويستدعي بالتالي مزيداً من الضربات الإسرائيلية، وكذلك الرد بشكل مباشر أو غير مباشر ضد المصالح الإسرائيلية و/أو الأميركية قد يؤدي إلى النتيجة عينها.
إلى ذلك، نبه إلى أن استهداف منشأة دبلوماسية يشبه استهداف إيران على أراضيها”. وأضاف في تصريحات لصحيفة “نيو يورك تايمز” أن الفشل في الرد من شأنه أن يقوض الوجود العسكري الإيراني في سوريا، لكن “إذا ردوا أيضا فسيقعون في الفخ الذي يعتقدون أن إسرائيل نصبته لهم من أجل دفعهم للدخول في حرب مباشرة”.
بدوره، أكد تشارلز ليستر، مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط بواشنطن بتغريدة على حسابه في إكس أن الضربة الإسرائيلية على دمشق أمس تطور كبير وتصعيد خطير.
من جهته، رأى بيمان سيد طاهري، وهو محلل محافظ مقرب من الحكومة الإيرانية، أن ضربة دمشق هزت الإيرانيين الذين يخشون من فشل نهج الحكومة في المواجهة مع إسرائيل. وقال “لقد تم انتهاك أمننا القومي.. فإما أن ترد إيران حتى لا تهاجمنا إسرائيل في عقر دارنا”.
كما أضاف “أما إذا كانت لا تريد الرد، فعليها أن تعيد النظر وتخفف من سياساتها الإقليمية ووجودها العسكري بالمنطقة”، حسب “نيويورك تايمز”.
يشار إلى أن الصراع خلف الكواليس أو ما يعرف بحرب الظل الإيرانية الإسرائيلية مستمرة منذ سنوات، فقد استهدف كل طرف الآخر بطرق ومناسبات مختلفة. إذ نفذت إسرائيل عدة اغتيالات سواء في سوريا أو حتى في الداخل الإيراني، فضلا عن أعمال تشويش وقرصنة أيضا.
كذلك فعلت طهران، إذ نفذت عدة هجمات إلكترونية في الداخل الإسرائيلي، كما حثت “أذرعها” في المنطقة كما يصفها العديد من الخبراء والمحللين، من أجل ضرب مصالح إسرائيلية وقواعد أميركية أيضا.
تهديدات ايران
بعدما توعدت مراراً وتكراراً على لسان مسؤوليها أمس أن الغارة التي استهدفت قنصليتها في دمشق لن تمر دون عقاب، جددت إيران اليوم الثلاثاء تهديداتها.
فقد أكد رئيس مجلس الشورى الإيراني، محمد باقر قاليباف أن إسرائيل ستواجه عقابا شديدا على استهداف القنصلية، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية.
كما شدد الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي أيضا على أن الهجوم الإسرائيلي لن يمر دون رد.
بدوره أعلن مجلس الأمن القومي أنه اجتمع أمس “واتخذ القرارات المناسبة” بشأن الغارة التي استهدفت القنصلية، دون أن يتطرق إلى تفاصيل إضافية.
وكان العديد من المسؤولين الإيرانيين توعدوا أمس بردّ حازم في الزمان والمكان المناسبين، وفق تعبيرهم، ما عزّز المخاوف من تصعيد أكبر في العنف بين إسرائيل وحلفاء إيران والذي أثارته منذ أكتوبر الماضي حرب غزة.
مواضيع ذات صلة :
صواريخ تضرب نهاريا وسقوط إصابات (فيديو) | “هنا لبنان” يكشف مزيدًا من كواليس مفاوضات وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل | “هنا لبنان” يكشف خفايا المفاوضات.. صيغة وملاحظات وضوء أخضر! |